أسوأ الأعباء المالية

11/05/2017 1
أحمد حسن فتيحي

أصبح الاقتصادُ هو الذي يُهدِّد أمنَ الدول.. ومن الطبيعيِّ أن يكون هناك استرخاءٌ من الحكومات؛ لكي تجيزَ للاقتصاد أن يتحررَ من قبضتها.

وبدأت كثيرٌ من الدول خصخصة شركاتها التابعة لها وبيعها، أو مشاركتها مع القطاع الخاص. الدول كانت ولازالت، بعضها يعاني من البيروقراطيَّة، التي كانت مثالاً في إهدار المال العام، وقلَّة الكفاءة.

أصبحت معظمُ الدول الآن تلجأ إلى ضخِّ الكفاءات في أروقتها، وتحديد معالم النهج الذي تسير عليه، فأعطت له الدور الأول في رسم السياسة الاقتصادية.

إنَّ بعض الدول كانت تدير الاقتصاد؛ لأنَّه في حالة بناء وتأسيس، وأصبحت الآن بعد أن اطمأنت إلى بنيته؛ ليستطيع أن يسير في تيارات الاقتصاد الحر من غير تدخل.

وذلك ما يُفسِّر التوجُّه إلى الخصخصة. فهناك إشارات أساسيَّة، منها عدم وجود دعم للأسعار؛ ممَّا يؤكِّد أنَّ بعض الدول قد قررت التخلِّي عن التأثير والتحكم والتوجيه في النظم الاقتصاديَّة.

من الطبيعي في عمليَّة الانتقال أنْ يكون هناك تأثير على المبيعات في الأسواق، وتوجُّه نحو تخفيض المخزون والتخارج من بعض الأصول، ودراسة مصاريف الشركة، والتحفُّظ على الاستيراد، والتوقُّف عن الإعلانات ومصاريف الدِّعاية المباشرة وغير المباشرة..

ويترتَّب على ذلك، إرباك في إدارة الشركة التي تعوَّدت على نتائج إيجابيَّة، بالاستغناء عن بعض موظَّفيها، وإعفاء بعضهم لبلوغهم السن القانونيَّة..

تستطيع الشركة أن تتجاوز هذه الفترة الزمنيَّة، التي ستمر بها في حالة واحدة، مؤكِّدة صلابتها.. إذا لم تكن عليها أحمال وأعباء وديون للبنوك، وللبنوك فقط..

حيث إنَّ العلاقة بين الشركات يمكن تجاوزها، بتفهُّم طبيعة الأحوال المشتركة بينها، والمرونة في التحصيل..

إني أرى أن تنظيم الشركة من داخلها، والاهتمام بموظَّفيها القائمين عليها، وإعطاءهم الثقة في شركتهم، والأمل في الله، ثم فيهم، وأيضًا الصبر والتجاوز من المديرين، وتفهم المنسوبين للشركة، وتقدير الضغوط العصبيَّة على رؤسائهم، سيُساهم إلى حدٍّ كبيرٍ في التعايش مع الأوضاع الجديدة.

إنَّ التفكير في الدخول في التزامات جديدة، وتغيير النشاط الرئيس لعملها، ومحاولة التمسك بما ينقذ، قد يؤدِّي في النهاية لغرقها.

إنِّي أؤمن بأنَّ عدم العمل أحيانًا أفضل من العمل في الأجواء غير النمطيَّة.

إنِّي من المشاركين المتفائلين بأنَّ الفترة لن تطول؛ لهذا فإنَّ الانتظار خير.

الشركات التي تحمل أعباءً وأحمالاً ماليَّة من البنوك، ولا تستطيع أن تفي بالتزاماتها، عليها إعادة جدولة ديونها، والوفاء بالجدولة الجديدة، ولتكن طويلة الأمد، وبث الطمأنينة والهدوء في منتسبيها، وإشاعة التفاؤل في محيطها ومجتمعها، والحديث الإيجابي المستقبلي، والدروس المستفادة؛ لتكون شركة رشيقة مستقبلاً..

ولا تفيد الشكوى والتذمر، فإن ذلك يُبدِّد الطاقة، ويُورِّث الفاقة.. والله المستعان.

نقلا عن المدينة