التمويل .. ليس كل ماتحتاجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة

16/04/2017 2
صالح بن فهد الشيحة

تحظى المنشأت الصغيرة والمتوسطة في السنوات الأخيرة بدعم كبير وإهتمام عالي المستوى من قبل الحكومة,حيث أُطلق العديد من المبادرات والبرامج التي هدفها تعزيز هذا القطاع. ولا يخفى على الجميع دور هذه المؤسسات الأيجابي على الناتج المحلي, والتوظيف, والميزان التجاري أيضاً. 

ففي أكتوبر 2016 وافق مجلس الوزراء على إنشاء الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت). وهي هيئة تُعنى بتطوير و دعم المنشآت الصغيرة و المتوسطة لتمكنها من الازدهار والنمو عن طريق التعاون مع شركائها الإستراتيجيين في القطاعين العام و الخاص و القطاع الغير ربحي. بالإضافة إلى ذلك, هناك عدد من المبادرات الحكومية وشبه الحكومية وخاصه تشارك الهيئة في تشجيع ريادة الأعمال وتعزيز قطاع المنشات الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم الدعم بمختلف أنواعة لرواد الأعمال.

صنّاع القرار هنا في السعودية أولوا قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال أهتماما كبيراً لعدة أسباب, أهما كما ورد في رؤية 2030: دورها الكبير في المساهمة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بشكل فعّال, وتقليل نسب البطالة, هذا الإضافة إلى دورها في تشجيع تغيير ثقافة المجتمع وتحويلة إلى مجتمع مُنتج وغير معتمد على الوظيفة فقط. وأخيرا, مساهمتها في تعزيز الصادرات ومن ثم التأثير الأيجابي على الميزان التجاري. 

في الواقع, المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي وصل عددها إلى ما يقارب 1.2 مليون منشأه لا تساهم في الناتج المحلي الإجمالي إلا بحوالي 20% (600 مليار ريال تقريبا)  من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي, فيما أن متوسط مساهمتها في أكبر أقتصاديات العالم يصل الى 45%. لذا تستهدف رؤية 2030 رفع نسبة مساهمتها من خلال تفعيل ودعم هذه المنشآت والوصول إلى 35% من الناتج المحلي. 

أما مايخص التوظيف ودورها في تقليل نسب البطالة بين السعوديين فهو التحدي الأكبر, والغاية المنشودة, والمعيار الأهم. فبنهاية عام 2016 وصلت نسبة البطالة بين السعوديين بحسب الهيئة العامة للإحصاء حوالي 12.3%, وتسعى الرؤية الطموحة إلى تخفيض هذا الرقم ليصل إلى 7%. فخلق الوظائف هو المعيار الحقيقي والمنطقي إذا ما رغبنا في معرفة هل الدعم بمختلف انواعه لهذه المؤسسات فعال وناجح أم لا. 

ولابد أن لانبالغ في تقديم دعم معين (مالي) وتجاهل أنواع الدعم الاخرى (اسشاري, توجيهي, تسويقي...إلخ) أو التشجيع للتوجه للإستثمار في نشاط محدد (تقني) وإهمال الأخرى (عقاري, خدمي, صناعي...إلخ). لماذا؟ لأن المؤسسات الصغيرة المتوسطة من وجهة نظري ليست لوحدها الحل السحري لهذه المشاكل أو التحديات. وفي الحقيقة قد تكون هي بحد ذاتها سبب وتخلق مشكلة أكبر...كيف؟  

ولأنني أظن أن التمويل لوحده ليس كل ما تحتاجه المنشات الصغيرة والمتوسطة, فالمبالغة في توفيره وتقديمه لهذه المؤسسات أو المبادرات يقود إلى دراسة وتحليل غير دقيق لها أو الرواد المستفيدون ومن ثم نتائج غير محمودة العقبى. بعد متابعة بسيطة, لاحظت أن أغلب المسؤولين وصناع القرار المهتمين بهذا الشان أجمعوا أن التمويل أو الوصول للمال هو العائق الوحيد لنجاح وأنطلاق هذه المؤسسات. ولهذا فقد أقر مجلس الوزاء إنشاء "صندوق الصناديق" برأس مال يبلغ 4 مليار ريال سعودي يهدف للإستثمار في المشاريع الناشئة والمتوسطة والصغيرة, أذا فالوصول للتمويل أو الحصول عليه نفترض أنه قد تيسر الوصول فهو ليس التحدي الأكبر.

في الواقع, التحدي الأكبر هو أين ستتوجه هذه الاموال؟ أو كيف يمكن توجيهها وجعلها تساهم في دعم المشاريع التي تتوائم مع الخطط التنموية المرسومة. ببساطة: هل ستساهم في خلق وظيفة؟ هل ستضيف للاقتصاد الوطني "منتج نوعي"؟ هل ستلبي حاجة المستهلك؟ هل المبادر يملك أو حاصل على أدنى المهارات المالية والإدارية في كيفية التعامل مع المال وإدارة المشروع,  وتجنب أو التعامل مع الخطر؟ هل هذا المبادر أو الريادي قادر على تسديد وإعادة مبلغ التمويل في أحلك الظروف؟ 

نعم .. هناك جهود تذكر تقوم بها بعض المباردات لتأهيل المبادر أو التاجر الجديد وتوجيهه للإستثمار المغري. لكن الأهم, من يقدم هذ التأهيل (الدورات,ورش العمل, والمحاضرات, والتوجيه)؟ وماهو مضمونها؟ وهل هناك معايير للنجاح؟ أو هي خطوة من ضمن خطوات يمر بها طالب الدعم بشكل روتيني سواءً استوعب ما تعلم أم لم يستوعب. أخيراً, ماهي معايير قبول هذا المشروع ورفض الاخر؟

من وجهة نظري, هذه التساؤلات لابد أن توضع في الحسبان من قبل صنّاع القرار داخل هذه الجهات أو المبادرات, ولا يكون النموذج الموحد وعلى الجميع هو مايقدم فقط, أو بعبارة أخرى: فصّل وهم يلبسون. لأن مايصلح في هذه المنطقة لا يصلح هناك, وما يحتاح هذا التاجر لا يحتاجة الاخر.

خاص_الفابيتا