إيجاد بديل للنفط ضرورة حتمية

16/03/2017 1
كامل عبدالله الحرمي

لم يعد للدول المنتجة والمصدرة للنفط التي تعتمد إيراداتها المالية على النفط بنسبة تفوق 70 في المئة من خيار سوى التفكير بكل جدية بمورد مالي آخر لأن المستقبل غير واعد مع وجود أكثر من تريليوني برميل من النفوط المختلفة تحت باطن الأرض، أي نحو ضعفي احتياجات العالم من النفط عام 2050. ولن تكون غالبية النفوط قابلة للإنتاج نتيجة الوفرة المقبلة من النفوط المختلفة من تقليدية وصخرية ونفوط أخرى مثل الرملية والكامنة في أعماق البحار.

ومن التطورات الأخيرة ذات الدلالة استحواذ شركة «إكسون موبيل» الأميركية الأكبر عالمياً في الصناعة النفطية من جهة القيمة السوقية، على شركة أميركية أخرى منتجة لـ 160 ألف برميل يومياً من النفط الصخري وبمبلغ 6.6 بليون دولار ليرتفع إنتاج «إكسون موبيل» إلى أكثر من 340 ألف برميل يومياً. وهذا الاستحواذ يبين ثقة الشركة العملاقة بالنفط الصخري وفي العمل لاستمرار إنتاجه خصوصاً مع تراجع التكاليف في ضوء التقنيات المتطورة التي تملكها الشركة بفضل خبراتها. ولولا ثقتها بمستقبل هذا النوع من النفط وقدرتها على خفض التكلفة الإنتاجية ومنافسة النفوط الأخرى، لم تنل الموافقة من مساهميها على عملية الاستحواذ تلك في مقابل المبلغ الكبير هذا.

على الدول المنتجة المتكلة على عائدات النفط التقليدية، أن تبحث عن البديل الآن، لأن مستقبل النفط في المدى البعيد يبدو غير مشجع، وعليها أن تستغل ما تملك من موجودات للبحث عن البديل من كل صوب وأن تحاول ضغط التكاليف والنفقات في موازناتها لتنافس النفوط الجديدة. لا يزال النفط التقليدي ينافس النفوط الجديدة، لكن إلى متى سيستمر ذلك؟ لا بد من البحث من الآن عن مصادر للعائدات الحكومية غير النفط.

في المدى القريب سيبقى الطلب العالمي على نفوط دول الشرق الأوسط، لكن يجب ألا نتوقع وصول أسعار النفط إلى ما فوق 70 دولاراً للبرميل في ضوء وجود النفط الصخري المنافس الذي ينتظر أي زيادة في سعر النفط التقليدي إلى ما فوق 60 دولاراً للبرميل لتبدأ شركاته بالإنتاج، وهذا هو هاجس منتجي النفط التقليدي. وفي هذا السياق يندرج استحواذ «إكسون موبيل» على حقول للنفط الصخري وتحقيق خفض في تكاليف الإنتاج لتستطيع منافسة المنتجين الآخرين قريباً ومستقبلاً. وهي دفعت 6.6 بليون دولار لأنها ترى مستقبلاً واعداً لهذه الصناعة.

الشركات النفطية العالمية العملاقة تملك خيارات وتبحث دائماً عن أرباح أكبر، بعكس الشركات الوطنية التي لا تملك خيارات كثيرة وقلما تبحث عن طرق وحلول لخفض تكاليف الإنتاج وكثيراً ما تعمل لملء الشواغر الوظيفية، ما يخفض أداء معدل إنتاجية الفرد الواحد ويقلل المنافسة بين الشركات الوطنية. وتحديث التقنيات والآليات المختلفة قلما يكون له حيز كاف في الشركات النفطية الوطنية.

عامل الوقت ليس في مصلحة البلدان المنتجة، وقد حان لهذه البلدان أن تبحث عن خيارات وتجد السبل المختلفة والبديلة لخفض تكاليف البرميل الواحد إن أرادت منافسة النفوط الأخرى في المدى الطويل. فما فائدة 10 دولارات كلفة إنتاج البرميل الواحد في حين تصل التكاليف الإجمالية لدولنا نهاية كل سنة مالية إلى 70 دولاراً للبرميل وأكثر. وإذ يصعب الاستمرار في هذا الرقم، يكمن الحل في الموارد البديل وخيارات أخرى صعبة، وعلى الدول المنتجة أن تبدع مثل الآخرين وان تسرع.

نقلا عن الحياة