توصل وزراء النفط في الدول الأعضاء في «منظمة البلدان المصدرة للنفط» (أوبك) الأربعاء الماضي في الجزائر إلى مسودة اتفاق تنص على خفض إنتاج النفط بمعدل يتراوح بين 250 ألف برميل يومياً و700 ألف، على أن يصادقوا عليه في اجتماعهم الرسمي نهاية الشهر المقبل في فينيا بعد أن يناقشوا آليات الخفض وتفاصيله وحصة كل دولة من الإنتاج الإجمالي وتاريخ التنفيذ وسقف الإنتاج الإجمالي.
مسودة الاتفاق شكلت مفاجأة للجميع، خصوصاً بعد توافق السعودية وإيران على معدلات خفض الإنتاج أو تثبيته لكل من الدولتين، على رغم الخلاف السياسي بينهما. والمفاجأة الأخرى تمثلت في التحول من مبدأ تثبيت الإنتاج إلى خفض الإنتاج وهو الخطوة المطلوبة للدفع بسعر البرميل إلى أعلى. وهذا حدث في أقل من 24 ساعة ليصل سعر برميل النفط الخام إلى 50 دولاراً.
والأهم من هذا وذلك أن أعضاء المنظمة اتفقوا بعد ثماني سنوات على أن لا خيار سوى خفض الإنتاج وأن تقود السعودية «أوبك» مرة أخرى إلى بر الأمان. والخيار هو الوحيد لترتيب البيت النفطي وإعادة الاستقرار إلى أسعار النفط خوفاً من استيقاظ بعبع النفط الصخري مرة أخرى. بكلام آخر، يُرجّح أن «أوبك» تعمل لإيجاد متوسط سعري تعادلي مناسب لتعزيز موارد أعضائها من دون السماح لمنتجي النفط الصخري بالعودة إلى الأسواق بقوة. وهذا لن يكون سهلاً فـ «أوبك» يجب أن تراقب الأسعار لتتوصل إلى معدل سعري مريح لها يكون في الوقت ذاته تنافسياً مع النفط الصخري.
والمسودة لا تزال في حاجة إلى تفاصيل دقيقة، منها وأهمها موعد التنفيذ، وكيفية توزيع الحصص، وتحديد سقف الإنتاج، وإعطاء حرية الإنتاج إلى ليبيا ونيجيريا، وتثبيت إنتاج إيران عند معدله الحالي إذ يصعب أن تنتج طهران أكثر من أربعة ملايين برميل يومياً، حالياً خصوصاً أن المصادر المستقلة تؤكد أنها لا تنتج أكثر من 3.6 مليون برميل يومياً ولن تقترب قريباً من 3.8 مليون.
وثمة حاجة أيضاً إلى اتفاق على معدل إنتاج النفط في العراق الذي يبدو راغباً في أن يفاوض على رقم أكبر من معدل إنتاجه الحالي وأن يطالب بحصة تساوي 4.7 مليون برميل يومياً، في حين ترى المصادر النفطية أنه لا ينتج أكثر من 4.3 مليون. وهذه عقبة أخرى يمكن تجاوزها تحت ضغوط بقية الأعضاء، خصوصاً فنزويلا والجزائر وقطر التي طالبت باستمرار بتثبيت الإنتاج منذ انخفاض أسعار النفط.
هذه التفاصيل الدقيقة قد تربك المفاوضات وتؤدي إلى خلافات. ولهذا السبب ستكون الفترة الفاصلة بين اليوم وموعد الاجتماع الدوري لوزراء «أوبك» في 30 تشرين الثاني (نوفمبر)، حرجة للوصول إلى اتفاق وتنفيذ نهائيين. ولهذا السبب تتردد الأسواق النفطية، ما أدى إلى عدم استقرار سعر البرميل عند 50 دولاراً وعدم تمكن السعر من تجاوز هذا المستوى.
الأهم في ما حصل هو التوصل إلى تفاهم حول خفض الإنتاج واستعداد السعودية لخفض إنتاجها واستعادة مكانتها وقيادتها للمنظمة، خصوصاً في ما يخص توزيع حصص جديدة. وستكون المنظمة ومن ورائها المملكة صمام أمان لتعزيز الأسعار. وليس مستبعداً أن يصل معدل الخفض إلى مليون برميل يومياً إذا كان الإطار العام للتفاهم بين الأعضاء إيجابياً، فجميع الأعضاء تضرروا من انخفاض سعر النفط ويرغبون في إعادته إلى معدلات مقبولة ومنافسة في الوقت نفسه للنفوط الأعلى كلفة، مثل النفط الصخري.
في المقابل، لا بد للدول المنتجة عموماً والخليجية خصوصاً من أن تستفيد من درس انهيار أسعار النفط لترتيب اقتصاداتها ووقف الهدر في النفقات وإيجاد بدائل لتمويل الموازنات العامة. وفي الانتظار، لا بد من تثبيت المفاجأة حول اتفاق الجزائر من خلال وضع نسخة نهائية تُذيّل بتواقيع جميع أعضاء «أوبك» ليصبح الاتفاق ساري المفعول.
نقلا عن الحياة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع