ما الطبقة الوسطى؟ هي طبقة من يعيش في بحبوحة اقتصادية مكتسبة وليست متوارثة، بمعنى أن الأب مثلاً ولد في قرية لأسرة تعمل بالفلاحة، ثم تعلم والتحق بجامعة فأصبح طبيباً ثم استشارياً ناجحاً عليه إقبال، تخطب المستشفيات وده، هذا مثال للطبقة الوسطى!
الطبقة الوسطى لا تحوي من هم على الحافة الاقتصادية، فهي الطبقة الواقعة بين الطبقة الثرية التي تشمل كبار الملاك، وبين الطبقة العاملة؛ بمعنى أن الأسرة في الطبقة الوسطى تعيش في بحبوحة، فهي الطبقة التي تضم المهنيين ورجال الأعمال.
ورغم توسع بعض الأدبيات التقليدية في جدلية ماهية الطبقة الوسطى، إلا أن دخل الأسرة عامل أساس في تصنيف الطبقة التي تنتمي لها الأسرة؛ فإذا أخذنا ما تناولته وثيقة «حساب المواطن» من تصنيف الأسر السعودية، وفقاً للدخل، إلى خمسة أخماس، فيكون ملائماً القول إن الطبقة الوسطى هي الخُمس الثالث، وذلك يعني أن الخُمسين الأول والثاني يمثلان الطبقة العاملة، في حين أن الخُمسين الرابع والخامس يمثلان الطبقة الثرية.
لكن ذلك يفترض افتراضات غاية في الغلظة؛ أن توزيع الثروة يتبع التوزيع الاعتيادي (normal) احصائياً، وأن لا انتشار كبير للفقر من جهة أو للثراء الواسع من جهة أخرى، وهذه افتراضات لا تمت لواقعنا بصلة، فالأسر التي بحاجة لدعم مادي حتى تستطيع توفير احتياجاتها الأساسية من مأوى ومأكل ومشرب ورعاية صحية وتعليم، تعد بمئات الآلاف!
بمعنى أن الأقرب للافتراض أن الخُمس الأول يضم الأُسر الفقيرة، والخُمس الثاني يضم الأسر ممن هم فوق خط الفقر النسبي ولكن تحت خط الكفاف (أو الكفاية)، وأن الخمس الثالث هو الطبقة العاملة، والخمس الرابع هو الطبقة المتوسطة (المهنية ورجال الأعمال)، والخمس الخامس يشمل الطبقة الثرية.
توزيع الأُسر السعودية بهذه الطريقة هو مجرد فرضية بحاجة إلى اختبار باتباع المنهج الاحصائي، ومع ذلك فملائم القول (من باب الافتراض كذلك) أن «الأخماس الخمسة» ليست متساوية بالضرورة، بمعنى أن كل خُمس قد يكون أقل أو أكثر من 20%! وهكذا، فلعل من الأدق تسمية الأخماس فئات أو مساقات مثلاً، إذ ليس متصوراً أن أُسرّ كبار الملاك والأثرياء تمثل 20% بل لعلها أقل من نصف ذلك.
ما تقدم جزء من الأسئلة التي تُحيط ببرنامج «حساب المواطن» وهي أسئلة مُلّحة بحاجة لإجابات وافية نابعة من دراسة اجتماعية وفق منهجية إحصائية مُعتبرة. فعلى الرغم من أن هناك من يعلق أهمية كبيرة على توفير إجابات حاسمة من نوع «نعم أم لا» على بعض الأسئلة مثل: هل يدخل راتب الزوجة ضمن دخل الأسرة لأغراض احتساب الدعم؟ وهي إجابة لم تأت حتى الآن، بل أتت إجابة تقول: «يعتبـر دخـل رب الأسرة هـو الدخـل الأساسي للأسرة السـعودية وهـي المبالغ مـن أي مصـدر دخـل دوري سـواء كان شـهريًا أم سـنويًا. ويتـم النظـر حاليـا فـي آليـة معاملـة دخـل افـراد الأسرة الآخرين.
ويتـم التحقـق مـن الدخـل مـن خلال آليـة مرتبطـة بعـدة جهـات لجمـع البيانـات، وأيضـا مقارنتهـا بما يتـم الإفصاح عنـه. «وفي موقع آخر يقول الدليل الصادر عن وزارة العمل والشئون الاجتماعية أن رب الأسرة يمكن أن يكون ذكراً أو أنثى.» إذاً نحن لسنا أمام إجابات قاطعة لبعض الأسئلة من نوع: الأسرة مكونة من زوج يعمل وزوجة تعمل وأربعة أطفال أحدهم رضيع والثاني في الحضانة والاثنان الباقيان يذهبان إلى المدرسة، فكم ستتلقى الأسرة دعماً؟ وما هي بنود الدعم؟
وإضافة لما تقدم، فلم تُرسم بعد الخطوط الفاصلة بين «الأخماس» الخمسة بما ينسجم مع تعديل أسعار السلع المعانة؛ بمعنى أن الدعم سيدفع بناءً على جملة سلع، لكل سلعة كمية استهلاك معينة وفقاً لعدد أفراد الأسرة، ووفقاً إن كانت الخدمة متاحة في محل سكن الأسرة أم لا. فمثلاً ليس بالإمكان التعامل معاملة متساوية بين أسرة تصلها خدمة الماء، وأخرى تضطر أن تشتري بالوايت، وقس على ذلك فيما يتصل ببقية الخدمات.
وكما ذكرت في المقال السابق، يبدو أننا أمام أمرين متداخلين؛ الأول: توجيه الدعم لمستحقيه، ففي ذلك الحد من هدر المال العام، وهذا أمر لن يختلف على أهميته اثنان، أما الأمر الآخر فهو: ما المعيار (أو المعايير) الذي يحدد مَنّ يستحق الدعم النقدي؟ فيما يتعلق بالأمر الأول (توجيه الدعم لمستحقيه) فهو أقل صعوبة.
أما الأمر الثاني (ما المعيار الذي يحدد من يستحق الدعم النقدي؟)، فأظنهُ الأكثر تعقيدا؛ إذ يتطلب تحديد ثلاثة خطوط تماس؛ خط الفقر، وخط الكفاف، وخط البحبوحة. بما يدفع لافتراض أن الأسر التي يقع دخلها - إن كان لها دخل مستقر- بين خطي الفقر والكفاف تستحق دعما كاملا، فيما تستحق الأسر التي يقع دخلها بين خطي الكفاف والبحبوحة دعما جزئيا متفاوتا.
وباعتبار أن هذه «الخطوط» تتفاوت حدودها من بلدٍ لآخر، لاعتبارات ميدانية واجتماعية - اقتصادية عديدة مما يعني أهمية تحديدها، لما لذلك من تأثير جوهري في تحقيق العلة الأساس من تقديم الدعم، وهي محاصرة الفقر وتحسين مستوى معيشة الأسر السعودية في كل جنبات الوطن بوتيرة متصاعدة عاماً بعد عام.
وبذلك بوسعنا العودة ثانية للأخماس الخمسة للقول، إن الخُمس الأول هو الفقير ويستحق دعماً كاملاً ويضاف عليه هامش للنثريات كذلك، أما الخُمس الثاني فهو للطبقة العاملة وهذه في إجماليها تستحق دعماً يتراوح بين الكامل والجزئي تبعاً لمستوى الدخل وعدد أفراد الأسرة ومدى توفر الخدمات حيثما تسكن الأسرة، أما الخُمس الثالث فهو الطبقة المتوسطة من المهنيين ورجال الأعمال فهؤلاء يفترض أنهم ليسوا بحاجة لدعم، لكن لم يخل الأمر أن قسماً من هذا الخُمس سيحتاج لدعم، أما فئة كبار الملاك والأثرياء فلن يحتاجوا دعماً. ولا بد من الاستدراك ثانية بالقول إن «الخُمس» هنا لا يعني بالضرورة 20%.
أما السؤال الذي يبدو أنه «ضاع في العجة»، كيف سيكون تأثير تحرير أسعار السلع الناتج عن تقليص الدعم الحكومي، على أسر الطبقة الوسطى؟ هل ستسحبها التكاليف المتصاعدة للسلع الأساسية لتصبح تلك الأسر ضمن الفئات المستحقة للدعم؟ قد يقول قائل: وما المشكلة؟ ليسجل رب الأسرة ويكتشف إن كان يستحق دعماً أم لا!
المشكلة تكمن في أننا إن أخذنا ندفع دعما نقديا من «حساب المواطن» (كلي أو جزئي) لمعظم الأسر السعودية، إذاً فمن هو المكتفي؟ ومن هو الذي يعيش في بحبوحة؟ وهذا سيطرح أسئلة اجتماعية - اقتصادية لم نعتد أبداً على مواجهتها، مثل كفاءة توزيع الدخل، وأهمية تحقيق نمو اقتصادي بما يساهم في خلق وظائف، وأهمية أن تذهب الوظائف عالية الدخل للسعوديين حتى يصبحوا خارج من يستحق الدعم.
وسنجد أنفسنا نتجه من اهتمامات «الكم» إلى اهتمامات «النوع»، وهنا تصبح «مؤشرات الأداء» محل تمحيص الجميع، إذ سيصبح الجميع مهتما بتلك المؤشرات، سواء أكانت معدل نمو الاقتصاد، أو البطالة، أو توليد الوظائف، أو ما سواها من المؤشرات الاقتصادية فهي على صلة بخسائره ومكاسبه.
ولذا، فالأمر الذي بدأناه بـ «حساب المواطن»، لا بد أن نكمله بتحقيق نمو اقتصادي وتوجيه الوظائف القَيّمة (value jobs) للمواطنين بآلية فعالة؛ توفيراً للمال الذي سيدفع دعماً من جهة، وطلباً للتوازن الاجتماعي - الاقتصادي عبر توسيع الطبقة الوسطى من الأسر السعودية؛ حتى لا ينتهي المطاف بـ «حساب المواطن» يودع أموالا في حسابات جُلّ الأسر السعودية.
نقلا عن اليوم
أصلا هم يحاولون بشتى الطرق تقليل أكبر قدر ممكن من المستحقين وهذا هو الهدف الرئيسي من برنامج حساب المواطن .. لذلك تم ربط الدعم بالأسر وليس كل مواطن سعودي ، الذي هو المستحق بالدعم بغض النظر عن حالته الإجتماعية أو المادية فهو مواطن سعودي لديه هوية وطنية وليس أجنبي وإلا فما فائدة الجنسبة ؟ .... مثلا دولة الكويت تدعم كل مواطن كويتي يحمل هوية الجنسية الكويتية يمتلك رخصة وسيارة له الحق بالدعم من دون نقاش وشروط و يصرف له بطاقة دعم بنزين بمقدار 75 لتر مجانا كل شهر ... وغيرها من الأمثلة ، وهذا غير مقتصر على الكويت فقط بل موجود بكل دول العالم المتقدمة المواطن لديهم يمتلك مزايا و حقوق تختلف عن المهاجرين و الأجانب العاملين لدى تلك الدول... اقترح بتغيير اسم البرنامج إلى برنامج " حساب الأسرة "
حساب المواطن ضحك على الناس واستغلال السلطة بحقهم من الدولة تبي تشيل الدعم ادعم المواطن شخصيا بدون اي اشترطات اي مواطن يستحق الدعم وارفع الدعم عن الاجانب والشركات والمؤسسات ولكن وضع الاشترطات ماهي الا غربلة بحق الناس...والله المستعان
نعم الحق للجميع بالدعم من دون إستثناء فكل من يحمل هوية وطنية هو مواطن
سلمت يداك يادكتور مقالاتك اكثر من رائعه وفى الصميم .واتعجب لماذا من يصيغ القوانين عندنا غير واضح ويجعل للمفردات اكثر من تفسير .هل هى الفلسفه الزايده ام الجهل ام ترك مساحه لمن يطبق القوانين للمراوغه والتراجع عند اللزوم. ياليت قومى يعلمون.واكثر مااخاف المطبلين وماسحى الجوخ وقليلى المعرفه بل والجهله ومااكثرهم.
انت واحد من الجهله وماسحي الجوخ اقرأ المقال زين وتعرف انه خلاف ما فهم عقلك الصغير هو يبي يقلص الدعم عن الاسر ويقول لا تعطونهم كلهم فهمت
في العرف الأقتصادي فان الدعم الحكومي يكون في مواجهة تقشف او تضخم وتقليل اثاره على المواطنين جميعا لأنهم جميعا يتأثرون .... يجب ان يكون الدعم لجميع المواطنين سواء غني ام فقير ... وهناك اجراءات اخرى يمكن اتخاذها للحد من الأسراف والتبذير والهدر التي يمارسها البعض على السلع المدعومه
لم يتم التطرق الي ان رفع الاسعار دائم ام لمرحله معينه ؟ وهل الدعم دائم ام لمرحله معينه ؟ وهل سيستمر الدعم طالما الاسعار مرتفعه ؟
العوائل السعودية في المدن الثلاث الرئيسية وذات دخل سنوي (للزوجين) إجمالي 200-300 ألف ريال (الطبقة الدنيا من متوسطي الدخل أو lower middle-class) ستكون أشد المتضررين من رؤية 2030، ينالهم جميع أنواع الضرائب ولا يحق لهم شيء من الدعم
تعريفك للطبقة الوسطى يجانبه الصواب فاذا كان تعريف الطبقة السفلى و العليا سهل فتعريف الطبقة الوسطى اعقد بكثير وهي اوسع الطبقات فهي مكونة من 3 طبقات ايضا البعد الاجتماعي و الثقافي و الاخلاقي هو المحدد الحقيقي لوصف شخص او اسرة ما بانها من الطبقة المتوسطة فالطارؤون نتيجة متغيرات اقتصادية استثنائية مفاجئة جيدة سرعان ما يرجعون الى مواقعهم السابقة مع اي ازمة اقتصادية وهو ما يحصل عندنا و في مصر او العراق مثلاً ولو عملت تحليل اجتماعي لم يئنون اليوم لوجدتهم من فئات اجتماعية طفيلية استفادت من الانفاق الحكومي بسبب طفرة النفط لكن بسبب افتقادها لوعي ابناء الطبقة الوسطى الحقيقيين لم يستفيدوا منها بالادخار و تنمية الاموال بل صرفوها بالانفاق السفيه و(المهايط).
لن تصرف مستحقات بدون استحقاق فعلي خصوصا في هذه الظروف قد لا يخلو الواقع من وجود ثغرات من هنا وهناك ولكنها لن تكون بالحجم المؤثر وسوف يتم تلافيها بإذن الله.
حتى لو كان الدعم القادم صائب بنسبة 80% فقط فهو خير من دعم الخدمات والسلع الموجه للكل الآن ...منهم عمالة 11 مليون وملايين الزوار... يا قوم : هناك تبذير واضح في الكهرباء والماء والوقود والخبز وهذا يكلف الدولة كثيرا...أغلب من يهاجم إما مخملي طماع او من القطيع المتشائم بطبيعته.
الدعم الموجه للكل غلط والدعم المقترح (حساب المواطن) أيضاً غلط !!!الدعم كما أشار إليه الاخوان يجب أن يوجه للمواطن السعودي فقط وبنسبة محددة لكل فرد تقاس بالحد الادنى من الاستهلاك ولذلك فالغني سيدفع زيادة وذلك لكثرة استهلاكه وتبقى كل طبقة إجتماعية محافظة على نفسها ومستواها المعيشي لا أن نفقر الطبقة التي لا تزال تكافح للبقاء في مستوى معيشي معتدل ونكلف الناس ما لا يطيقون فهل يعقل أن يبيع المواطن منزله الذي يملكه وذلك لعدم قدرته على سداد فواتير الكهرباء والمياه والمجاري ( أعزكم الله) لينتقل في شقة أو بيت أصغر بكثير مما هو فيه !!!! وخصوصاً أن الطبقة المخملية لا زالت على نفس وضعها ففواتيرها ومصروفاتها وسفرها وشرهاتها لا زالت تدفعها الدولة ولن تستطيع الاقتصاد فيها أو المساس بها !!!!