رفعت خمس دول خليجية بالإضافة إلى الأردن الأسعار المرجعية للفائدة بواقع ربع نقطة مئوية بعد قرار مماثل وبالنسبة نفسها من مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي نتيجة ارتباط سعر صرف عملات هذه الدول بالدولار. وأكد المصرف المركزي العُماني أنه لا يعتزم رفع الفائدة في شكل تلقائي أسوة بالقرار الأميركي، واعداً بمراقبة أسعار الفائدة المقدمة من المصارف المحلية على اعتبار أن دورة الاقتصاد العُماني مختلفة عن دورة نظيره الأميركي.
ولمّح مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي إلى ثلاث زيادات أخرى لسعر الفائدة عام 2017 حتى يستقر السعر على مستوى طبيعي في الأجل الطويل يساوي ثلاثة في المئة. ولم يكن رد فعل الأسواق عند الإعلان عن رفع سعر الفائدة الأميركية حماسياً، فالخطوة كانت شبه محسومة، على رغم أنها ساهمت في ارتفاع قوي لسعر صرف الدولار أمام العملات العالمية الرئيسة الذي صعد إلى أعلى مستوى منذ 14 سنة كما سجل العائد على سندات الخزينة الأميركية التي تستحق بعد سنتين أعلى مستوى منذ تموز (يوليو) 2009.
ويُعتبر رفع سعر الفائدة من الإشارات المهمة إلى تحسن أداء الاقتصاد الأميركي بعدما حقق نمو الوظائف في الولايات المتحدة مكاسب قوية في الأشهر الماضية أدت إلى تراجع كبير في معدل البطالة وبروز توقعات بانخفاض معدل البطالة إلى 4.5 في المئة العام المقبل وبقائه عند هذا المستوى الذي يُعتبر قريباً من التشغيل الكامل، ناهيك عن استقرار معدل التضخم عند اثنين في المئة. ولا شك في أن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية كانت له ردود فعل إيجابية في الأسواق، إذ وعدت إدارته بزيادة النمو من خلال خفض الضرائب وزيادة الإنفاق.
قد يكون لرفع أسعار الفائدة تأثير سلبي في أداء الشركات الخليجية التي تعتمد على التمويلات والقروض من المصارف، وقد تضطر شركات مدينة إلى إعادة هيكلة، بينما سيوسع هذا الارتفاع هامش الربح للمصارف فيتحسن أداء قطاع المصارف الخليجية في ظل الفجوة بين نسبة الفوائد المدفوعة على الودائع وسعر الإقراض. وثمة من رجح أن تكون لرفع سعر الفائدة انعكاسات سلبية على الاستثمار في البورصات في ظل ازدياد التنافس بين سعر الفائدة على الودائع وعائد الاستثمار في البورصات، لكن تفاعل الأسواق الخليجية مع قرار رفع سعر الفائدة كان ضعيفاً.
ويُتوقع أن تتأثر قطاعات السياحة والسياحة العلاجية والخدمات سلباً في الخليج بالارتفاع الكبير في سعر الدولار نتيجة ارتفاع الكلفة على السياح الآتين من دول غير مرتبطة عملاتها بالدولار، بينما قد تواجه الشركات الصناعية والمنتجات المحلية وشركات التصدير منافسة نتيجة ارتفاع الكلفة مع ارتفاع سعر الدولار عند تصدير منتجاتها إلى دول عملاتها غير مرتبطة بالدولار. ويُرجح ارتفاع سعر الفائدة على السندات المقرر إصدارها العام المقبل.
ويشكل ارتفاع سعر الفائدة تحدياً للشركات العقارية نتيجة ارتفاع الفائدة على قروضها وانخفاض جاذبية أسواق العقارات للمستثمرين في دول لا ترتبط عملاتها بالدولار مثل الصين وروسيا، فيما يشكل ارتفاع سعر الفائدة تحدياً للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على المصارف في تعزيز رأس مالها العامل.
وستتأثر السندات سلباً بارتفاع الفائدة نظراً إلى العلاقة العكسية بين سعر الفائدة وقيمة السندات في السوق مع توقعات بارتفاع تدريجي في مستوى التضخم. وتساهم قوة الدولار في ارتفاع قيمة استثمارات دول الخليج الخارجية ومتانة احتياطات هذه الدول التي يشكل الدولار نسبة كبيرة منها بينما تنخفض قيمة الديون الخارجية المسعرة بعملات غير الدولار. واستفادت من ارتفاع سعر الدولار كل الأصول المقومة بالدولار.
يجمع الخبراء الاقتصاديون على أن الاقتصاد العالمي سيشهد نمواً معتدلاً في 2017. وإذا نظرنا إلى الاقتصادات الأكبر في العالم التي تشكل نحو 70 في المئة من حجم الاقتصاد العالمي، تشير التوقعات إلى نمو اقتصاد الولايات المتحدة بنسبة 2.5 في المئة واليابان بنسبة 1.5 في المئة والصين بنسبة ستة إلى سبعة في المئة. ويُرجح خروج روسيا والبرازيل من الركود الذي خيم على اقتصاديهما. ويُرجح أن يصل متوسط النمو العالمي هذا العام إلى ثلاثة في المئة.
هذا الأمر جيد بالنسبة إلى دول الخليج التي ستجد دعماً من النمو العالمي الإيجابي، فهو سيدفع الطلب على المعادن والسلع بما في ذلك النفط المتوقع ارتفاع متوسط سعره إلى 55 - 65 دولاراً في العام المقبل ما يساهم في زيادة إيرادات دول الخليج بنحو 30 في المئة، وهذا سيساهم بالتالي في تعزيز النمو الاقتصادي لهذه الدول ويحد من حاجة دول الخليج إلى الاقتراض ما يخفض الضغوط على القطاع المصرفي.
نقلا عن الحياة