عجز الموازنة البريطانية ولعبة الانتخابات القادمة

25/02/2010 0
خالد أبو شادي

ما يحدث فى بريطانيا حاليا سيكون وقود الانتخابات العامه المقبله بلا شك  والتى ستكون فى يونيو المقبل بمشيئه الله ،فالحرب الدائره بين حزب العمال الحاكم ومعارضه التقليدى من المحافظين حول التصرف الصحيح بعد عجز الموازنه المحقق خلال يناير الماضى بمقدار 4.3 مليار جنيه استرلينى  والذى ادى الى رفع سقف الدين الحكومى نحو 848.5 مليار جنيه بما يعادل 59.9% من قيمه الناتج الاجمالى المحلى.

فوزير خزانه حزب العمال الستر دارلنج يرى ان تخفيض النفقات لا يمكن ان يبدأ قبل عام 2011 بينما هجوم المحافظين الشرس يتركز حول ضرورة بدء خفض النفقات لتقليل العجز من العام الحالى.

ولقد شهدت صفحات صنداى تايمز وفاينانشال تايمز ما يمكننا  تسميته بحرب الخطابات بين الحزبين حيث نشرت صنداى تايمز فى الرابع عشر من الشهر الجارى خطابا موقعا من 20 اقتصاديا يطالبون فيه حكومه براون بخفض عجز الموازنه مستشهدين بتخارج الولايات المتحده مبكرا عام 1937 وكذلك اليابان عام 1997 من خطط التحفيز  قبل التعافى الكامل للاقتصاد.

وردا على هذا خطاب صنداى تايمز ،نشرت فايننانشال خطابين موقعين من 67 اقتصاديا يرفضون البدء فى خفض النفقات خصوصا مع وصول البطاله لمستوياتها العاليه والتى ادت الى ارتفاع طلبات الاعانه خلال يناير الماضى الى اعلى مستوياتها منذ 1997 .

وكانت اشكاليه  العجز البريطانى قد بدت فى الظهور اعلاميا وبشكل لافت  مع ظهور ازمه دبى خلال نوفمبر الماضى والتى ازاحت الستار عن اشكاليه اليونان ومن ثم البرتغال واسبانيا وايرلندا وايطاليا .

اللافت للنظر ان استجابه الاقتصاد البريطانى لخطط التحفيز تبدو واهيه  فعلى الرغم من رفع قيمه برنامج التحفيز من 75 مليار جنيه استرلينى  الى 125 مليار جنيه الا ان انتعاشا هشا قد تم الحصول عليه بشق الانفس ،ـحيث سجل الاقتصاد البريطانى نموا هزيلا مقداره 0.1% خلال الربع الرابع من عام 2009 بعد ان سجل انكماشا بنسبه 3.2% خلال عام 2009 بأكمله.

واصبحت بريطانيا على قدم المساواه مع اليونان تقريبا حيث تخطى عجز الموازنه 12% فى كليهما واضحت الاخيره اقرب لتكرار نموذج الارجنتين خلال عام 2001 خصوصا بعد تخفيض موديز وفيتش وستاندر اند بورز لها ،ولا تبتعد بريطانيا عن تهديدات موديز والتى لوحت بعصا العقاب القاسى مسبقا عن كونها بصدد مراجعه التصنيف الائتمانى المتميز الذى تحظى به بريطانيا عند "AAA" وهو السيناريو الاسوأ الذى ينتظر الاقتصاد البريطانى وان كنا نشكك كثيرا فى نزاهه مؤسسات التصنيف بعد الكوارث التى كانت سببا فيها على مؤسسات وشركات بل وحكومات دون اى اجراء رادع لها.

وكان حزب المحافظين قد حذر من فقدان البلاد لاعلى تصنيف ائتمانى لها مما يهدد الاقتصاد بالضعف وبمزيد من الاعباء خصوصا ان ستاندر اند بورز قد قامت فى العام الماضى قامت بتخفيض توقعها للتصنيف الائتمانى البريطانى من مستقر الى سلبى  ولم تغير رأيها الى الان.

وعجز الموازنه البريطانى الذى يعد الاعلى منذ 1993 اتى نتيجه زياده الانفاق الحكومى على خطط التحفيز فى الوقت الذى قابله انخفاض الايرادات العاامه خصوصا من الضرائب اذا علمنا انه تم تخفيض ضريبه المبيعات من 17.5% الى 15% خلال عام 2009 ،ويبدو ان بريطانيا قد شاخت مع اوروبا او هكذا يقول واقع الارقام الاتيه من هناك ،فالقاره الاوروبيه لم تستجب بذات السرعه التى استجاب لها الاقتصاد الصينى او الامريكى لخطط التحفيز وعلى الرغم من وجود بعض مكامن القوه داخل الاقتصاد المانى والفرنسى الا انهما لايستطيعان تحمل كل الاعباء الناجمه عن تكاسل باقى دول الاتحاد اذا تكلمنا فقط عن الاتحاد الاوروبى.

واذا كان حزب المحافظين قد وجد "الثقب "المناسب فى ثوب العمال الفضفاض والذى يستطيع من خلاله رؤيه مزيد من نقاط الضعف والعيوب والتركيز عليها فى لعبه السياسه ،الا انه  وعلى ما يبدو ان اشكاليه الاقتصاد البريطانى ستظل على حالها مهما كان الدواء الموصوف "للمريض " الذى يحتاج الى تجديد دمائه بدلا من تسكين الآمه بعقاقير ينتهى مفعولها سريعا.