اسواق القصور الذاتى

08/12/2016 0
محمد مهدى عبدالنبي

تقول انديرا غاندى " لا يمكنك مصافحة قبضة مغلقه "، بمنطق تلك الحكمة تعاملت الاسواق العالميه مع تحدى فوز دونالد ترامب بالانتخابات الامريكيه، وحدث عكس ما كان يتم الترويج له اعلاميا اذا فاز ترامب، فلم ينهار Dow30 الى 17000 نقطه بل واصل تحقيق قممه التاريخيه فوق مستوى 19000 نقطه وتبعته الاسواق رغم جراحهان ولم يحلق الذهب الى مستوى 1400 دولار ولكن عمق خسائره الى ما دون 1200 دولار للاونصه.

كما واصل الدولار الامريكى فرد عضلاته القويه مع ارتفاع كبير فى عوائد السندات الامريكيه ذات العشر سنوات الى 2.3%، اذن الكل احتفى بأسلوبه بالسيد ترامب الذى لم يفتح قبضته بعد لمصافحة او مصافعة الاسواق، ولم يبقى سوى النفط الذى وقف متفرجا فى مكانه فى انتظار مسايرة اوبك للموجه الخضراء للاسواق حتى انتقل اهل اوبك من مرحله فشل الاتفاق الى الاتفاق المهدد بالفشل.

اتفاق شبيه بعروض الجمعة السوداء برفع سقف الاسعار ثم النزول بأستعراض التخفيضات للسعر القديم قبل الرفع، هذا ما حدث بالضبط، فكل شهر تضيف دول اوبك مستوى قياسى جديد للانتاج جاوز فى نوفمبر الماضى حدود 34 مليون برميل يوميا بنحو 35.8% من الانتاج اليومى العالمى على اقصى تقدير، ليضعنا ذلك امام عدة حقائق تحمل الكثير من علامات الاستفهام والالغام نستعرض منها نقطتين :-

1-مشهد الخفض المزعوم يفصح عن ان قيمة خفض الانتاج المقترح من اوبك = 1.2 مليون برميل يوميا = قيمه تراجع الطلب فى 2016 من امريكا واوروبا والصين مجتمعين، وزياده على ذلك اقترحت دول من خارج اوبك تخفيض 600 الف برميل .

كل هذا المجهود بزعامة اوبك كان له اثر طفيف حيث اضاف 1.6 دولار فقط لخام برنت عن قمته السابقه قبل 30 نوفمبر ( من 53.73 الى 55.33  دولار للبرميل ) ، كما استفاد النفط الخام  بنسبة اقل بنحو 0.49 دولار فقط (من 51.93 الى 52.42 دولار للبرميل ) بدافع من اغلاق المراكز المضاربيه المفتوحه فى سوق العقود الاجله للنفط .

كل ما سبق يدفعنا لسؤال هام، هل نظام تسعير النفط فى العقود الاجله حقيقى و يعبر عن تخمة المعروض وتراجع الطلب والعكس ؟ ام هو نظام ورقى تطاله تلاعبات البنوك الكبرى لصالح توجهات سياسيه تدعم اقتصاديات المستهلكين الكبار ؟!

2-اتفاق اوبك ان اكتمل سوف يدخل حيز التنفيذ فى يناير 2017 مواجها عدة تحديات اهمها تمديد فرض العقوبات على ايران واتجاه ترامب لرفع الرسوم عن شركات الطاقه الامريكيه وزيادة الانفاق على البنى التحتيه مما يدعم وبقوه انخفاض تكاليف النفط الصخرى الذى يمثل نحو 36 % من اجمالى احتياطى النفط الامريكى المعلن البالغ 36 مليار برميل، فهل تحسبت اوبك لتلك التحديات قصيرة الاجل لضمان نجاح اتفاقها واستدامة فاعليتها فى سوق النفط ؟!

ولنا هنا ملاحظه واجبه وهى ان اغلب الاعلام العربى يتعامل مع قضية النفط الصخرى بأستخفاف وتشويه والتركيز على الجوانب السلبيه فقط من ارتفاع تكاليف الاستخراج وافلاس الشركات وضألة تأثيره على الطلب النفطى العالمى فى المستقبل القريب، ولا يتم النظر بعين المشاركه والاحترام للثوره العلميه المستمره فى الولايات المتحده التى تأمن قوتها السياسيه والاقتصاديه، حتى لا نفيق خلال 10 سنوات على حقيقة ان النفط والغاز الصخرى الامريكى حل محل حصة اوبك فى سوق الطاقه العالمى .

وبالعوده الى الصوره الكبيره للاسواق العالميه نرى ان قوة دفع فوز ترامب منحت الاسواق اخر قصور ذاتى للأمام فى هذا العام  قد يستمر حتى موعد اجتماع الفيدرالى فى 14 ديسمبر الجارى وربما بعد ذلك التاريخ سوف تغير الاسواق من اتجاهاتها للتعامل مع ميراث 2016 الثقيل الذى خلف منتصرا وحيدا و هو الدولار الامريكى.

خاص_الفابيتا