خرج وزراء النفط بدول "أوبك" من الاجتماع الأخير في الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني تعلو وجوههم ابتسامة الرضا بالإجماع على قرار جاء متجاوزا توقعات معظم المتابعين لتحرك تلك السلعة الاستراتيجية.
لكن يبقى هناك اختلاف في توصيف ما تحقق.. هل "أوبك" تقول أنها لا زالت موجودة ويمكنها قيادة سوق النفط؟ هل هو اقرار بعدم القدرة على تحمل التبعات الضخمة لتراجع الأسعار؟ وتضرر ميزانيات الدول الأعضاء إلى حد الفوضى الاقتصادية كما تعيش فنزويلا التي يوزن فيها النقد ولا يعد عند شراء السلع مع استفحال التضخم؟
أم أن "أوبك" مارست "الجرى في المكان" فقط لتسليط الضوء عليها مجددا، فبعد خلاف استمر قرابة عام مرورا بإجتماع الدوحة الشهير في أبريل/نيسان الذي انتهى بعدم الاتفاق على تجميد الانتاج لمشاكسة ايرانية وعدد كبير من الاجتماعات الفنية عادت "أوبك" لمربعها الأول عند بداية العام الحالي فخفض الانتاج إلى 32.5 مليون برميل يوميا المزمع تفعيله في يناير/كانون الثاني 2017 ليس إلا عودة لذلك المربع الصفري.
فهل ماطلت "أوبك" لاستغلال الوقت؟ ومنع المزيد من تراجع الأسعار بعد هبوطها دون الثلاثين دولارا بداية 2016؟
لا أعتقد ذلك فالخلافات كانت واضحة أمام الجميع، لكن المؤكد دائما أن السياسة تتدخل في اللحظة الأخيرة لحسم الموقف، كما حدث في اجتماع الأربعاء الماضي والدور الروسي الذي سلطت "رويترز" الضوء عليه للتوفيق بين الموقفين السعودي والايراني.
"أوبك" تراه نصرا وعودة لقيادة السوق، حيث تمكنت من اقناع روسيا ومنتجين آخرين خارجها بالانضمام للاتفاق، لكن "سي ان ان" تراه رفعا للراية البيضاء أمام التحدي الذي فرضته المنظمة على نفسها عندما تركت الأمر للسوق خلال عامين ماضيين.
فالسعودية وشركائها في المنظمة تضرروا أيما تضرر وميزانياتهم شاهدة، بينما خرج منتجو النفط الصخري من تلك المحنة أقوى وأقدر على المنافسة كما ترى العين الأمريكية الأمر.
حتى أن مستشار الطاقة في فريق "ترامب" وهو الرجل الشهير في عالم النفط "هارولد هام" تكلم بلغة مفرطة في التفاؤل عندما قال أن أمريكا يمكنها مضاعفة انتاجها النفطي ليقترب من 20 مليون برميل، لكن هناك تخوف على السوق...أحقا تهتم لأمر السوق يا "هارولد"؟!
هذه اشارات لا أراها جيدة حتى وان كانت غير منطقية الحدوث، إلا أن اللغة المستخدمة من "ترامب" ومعاونيه تشجع على خطاب استعلائي ضار بالاقتصاد العالمي.
الأمريكان يرون أن "أوبك" وقعت في فخ أكبر من امكانياتها للفرار من شراكه، ولفت نظرى تعبير "مات سميث" من "كليبر داتا" التي تتابع تحركات شحنات النفط وترصدها عندما قال : أوبك لم تستطع ذبح التنين (النفط الصخري الأمريكي).
وبين انتصار "أوبك" حيث يرى البعض واخفاقها كما يرى جزء آخر من العالم بعض الملاحظات والاستنتاجات التي يمكنني تلخيصها في النقاط التالية اختصارا للوقت:
- الأثر السلبي لهبوط الأسعار كان له دورا بارزا في التأثير على أعضاء أوبك حتى أنهم "ضحوا" ضمنيا بإندونيسيا التي رفضت خفضا فوق طاقتها عند 37 ألف برميل، وأقصى ما يمكنها تحمله 5 آلاف برميل فقط فطلبت تعليق عضويتها.
- رغم أن نسبة الخفض متساوية لكل دولة من "أوبك" عند 4.5 % من انتاجها، إلا أن البعض يرى تحمل السعودية 486 ألف برميل يمثل "التضحية الأكبر" من اجمالي الخفض الكلي 1.8 مليون برميل (1.2 مليون لأوبك و600 للدول خارجها).
- على الجانب الأخر يرى بعض المراقبين ومنهم المهندس "عثمان الخويطر" النائب السابق لأرامكو أنه كلما كبرت المساهمة في الخفض كان ذلك أفضل للحفاظ على تلك الثروة الناضبة، وهذا يعني ان التنازلات التي يتوهم البعض ان السعودية قدمتها هي انجاز في عين آخرين.
- ترى "رايستاد نرجي" ان اتفاق "أوبك" قدم هدية على طبق من فضة للنفط الصخري الأمريكي الذي يمكنه رفع انتاجه مليون برميل بعد عام تقريبا أى في 2018.
- اتفاق "أوبك" قد يكون مجرد زوبعة في فنجان فالسوق كانت في طريقها للتوازن مع تراجع استثمارات الطاقة، لكن وزير النفط القنزويلي يرى انه سيخلص السوق من 300 مليون برميل فائضة.
- هناك قلق من عدم التزام دول "أوبك" بحصص الخفض وهو شيء ثابت في تاريخ تحديد سقفها الانتاجي لسنوات طويلة سابقة، وكذلك روسيا التي قد تواجه ضغوطا من الشركات المنتجة.
- سوف يساهم قرار الخفض في تقليص تخمة المخزونات التي حذرت منها وكالة الطاقة الدولية الشهر الماضي والتي قد تتواصل في 2017.
-رفع الفائدة المتوقع من الاحتياطي الفيدرالي بعد بيانات النمو القوية في الربع الثالث وتقرير الوظائف الأخير وتراجع معدل البطالة سيساهم في رفع الدولار ومن ثم الضغط على النفط.
- الارتفاع الأخير للأسعار بعد قرار "أوبك" جاء نتيجة تغطية مراكز راهنت على انخفاض النفط، ومن ثم الحديث عن تواصل هذا الارتفاع في قادم الأيام محل شك.
- السياسة تخدم سوق النفط دائما وتتدخل في معادلته، ولذا يكون من الصعب توقع تحركه بشكل دقيق.
وفي النهاية تبقى الإشارة إلى أنه مهما كان الخلاف على نتيجة الإجتماع وهل استسلمت "أوبك" أو عدلت مسارها أم مارست جريا في المكان، فإن عامل الزمن هام للغاية في توثيق مصداقية القرار والخفض، وهذا ما ستجليه الأيام القادمة فهل ستعيد دول المنظمة تاريخها بعدم الالتزام أم ستبدأ صفحة جديدة مع نفسها والعالم؟
خاص_الفابيتا
اذا التزم الجميع بخفض الانتاج وفقا للنسب المحدده فسيكون الحكم على نجاح اوبك من عدمه بعد سنه من الاول( اي مع بداية 2018) بل ذلك صعب الحكم
الاتفاق سيسري لستة أشهر وبعدها ستنظر اوبك في تجديده ام لا قبل منتصف 2017 ..امريكا رابح أساسي من ورائه حيث سيساعد النفط بارتفاع أسعاره ادارة ترامب على وصول التضخم لمستهدفه وكذلك اوروبا تفاديا لانكماش أسعار المستهلكين وهي نقطة هامة لم أضمنها في المقال فالفوائد الامريكية من اتفاق اوبك ربما تتجاوز ما ستحصل عليه دول اوبك ذاتها
لكن مسؤولي النفط بدول الاوبك بالاضافه لروسيا لم يجتمعوا لكي ينعشوا النفط الخري الامريكي , مثلما ستستفيد غانا والسو\ان وجنوب السودان وتشاد والمكسيك من هذا الاتفاق كذلك صناعة النفط الصخري بأمريكا ستستفيد
المدى الزمني لهذا الاتفاق هو اربعة اشهر، اي مع بداية شهر ابريل: مع انتهاء فصل الشتاء، وتوافر سيولة اضافية، سوف يبدأ سعر النفط بالتراخي، الدول المنتجة لا تريد حتى تطوير آليات انتاج البترول، الوضع على ماهو عليه لعدة عقود. على هذه الدول ايجاد طرق تقنية تخفض تكلفة انتاج البرميل، لماذا النفط الصخري تتناقص كلفة استخراجه، والنفط التقليدي تتزايد.
من المعلوم ان ارتفاع اسعار النفط سيفيد جميع المنتجين المصدرين للنفط بما فيهم أمريكا فلا ادري يا اخ خالد ماهو السر العظيم الذي كشفته انت في مقالك هذا... اما بالنسبة للنفط الصخري فالعين الامريكية التي ذكرتها طوال السنتين الماضيتين وهي تقول ان النفط الصخري صامد في وجه انخفاض الأسعار رغم ان الأرقام تعاكس ذلك تماما منها الانخفاض الهائل في منصات التنقيب الامريكية بما يفوق ال٤٠ بالمائة وهذا امر مهم حدا للنفط الصخري بعكس النفط التقليدي لسرعة نضوب الآبار الغير تقليدية.. وكذلك إغلاق ما يزيد على ٣٠٠ شركة مستثمرة او عاملة في مجال الطاقة وانخفاض استثمارات الرأسمالية في التنقيب عن النفط الصخري...الاعلام الامريكي المسيس يريد إيهام الجميع ان النفط الصخري منتصر والحقيقة غير ذلك بالارقام .. نقطة اخيرة يتبع
الاعلام الامريكي يحاول دائماً جعل الامر منافسة بين النفط التقليدي بقيادة اوبك والنفط الصخري الامريكي بحيث تنتهي بمقتل احدهم وهذا تصوير سطحي وساذج ... فالنفط التقليدي ليس بقيادة اوبك اصلا خصوصا اذا علم ان الانتاج العالمي من النفط حوالي ال٩٠ مليون يوميا بينما اوبك تنتج الثلث تقريبا ... الكلام صحيح حينما اوبك كانت تتحكم بحصة مسيطرة من الانتاج العالمي قبل ١٠ سنوات...
اتفق مع الآخ ISD اضف الي ذلك انخفاض الانتاج النفط الصخري بأكثر من مليون برميل يوميا لولا الله و استراتيجية اوبك في لما خفضت الاستثمارات النفطية و كان حال السوق اسوء بكثير اتوقع التخفيض جاء في وقته .... وعلي قولة المثل ( كل شي في وقته حلو)
الكريم أستاذ خالد ... لن انظر لتصريح السيد " هارولد هام " لإعتبارة تصريح خارج المقصورة واعتقد انه لايتجاوز الحملة الاعلانية في رأيي ان أوبك لجأت الى حل عقلاني لتخفيض تخمة المعروض مع ترك السوق يتحكم بالسعر وبنفس الوقت أمريكا تدرك انها لن تستطيع المغامرة برفع انتاج النفط الصخري لأنه لو تكررت الأزمة مستقبلا فالضربة ستكون موجعه لها
امريكا كما تفضل الإخوان مثل اللي سألوه ايش فيك مضروب؟ قال لو شفت اللي ضربوني كلهم في المستشفى و هو كذاب