يمثل تحويل اوابك من منظمة تعنى بالعمل المشترك للدول العربية المصدرة للنفط الى مرحلة وأفق جديد للتعاون بإطار واسع وهو الانتقال لمفهوم تعاون بمجالات الطاقة بمفهومها الشامل؛ حيث أصبح اسمها المنظمة العربية للطاقة، وبذلك ستشمل عضويتها جميع الدول العربية وليس النفطية فقط؛ فالطاقة عصب الاقتصاد العالمي والعامل الرئيسي باستدامة نموه فلم يعد النفط او الغاز وكذلك الفحم الحجري مضمونها الوحيد بل أصبحت العديد من مصادر الطاقة تلعب دورا مهما في أمن الطاقة كالمتجددة، وكذلك النظيفة وايضا الهيدروجين وتطوير مفاهيم جديدة مثل الاقتصاد الدائري للكربون، فالاقتصاد العالمي يتسارع نموه افقياً وعمودياً بشكل كبير وغير مسبوق وتجاوز حجمه 100 تريليون دولار سنوياً والطلب على الطاقة يزداد بشكل كبير لا يمكن للطاقة التقليدية أن تغطي كل هذا الاحتياج، خصوصا مع التوسع بالصناعات التي تعتمد على مشتقات النفط والغاز، وفي العالم العربي ينتظر ان ينطلق قطار التنمية بشكل غير مسبوق في كثير من الدول التي تضررت وتعطلت جراء ظروف خاصة بها وتنتقل حالياً لمرحلة من الاستقرار والتركيز على اعادة بناء الدولة من جديد بالاضافة الى ما تقوم به الدول التي تطورت اقتصادياتها وانتقلت لمصافي التنافسية العالمية من خلال رؤى تنموية كبرى تجذب ارقاما فلكية للاستثمار بها تصل لعشرات التريليونات من الدولارات.
فانتقال العمل العربي المشترك لمجال واسع من التعاون بمجال الطاقة يحقق أهدافا عديدة في صالح الدول العربية؛ حيث ستتوسع الاستثمارات بالطاقات المتجددة خصوصا ان الدول التي تستورد النفط والغاز حيث يمكن لها أن تحقق قيمة مضافة من مصادر طاقة جديدة تتوفر بها لكنها تحتاج لرؤوس أموال كبيرة للاستثمار بها كما أن الترابط والتكامل بمجال نقل الطاقة وامكانية تصديرها لدول غير عربية بمختلف القارات سيمثل مصدر دخل وقوة لكل الدول العربية، اضافة إلى أنها ستؤمن احتياجها من الطاقة لزيادة معدلات النمو فيها وتحقيق تقدم بالرفاه الاجتماعي وتوليد ملايين فرص العمل للشباب العربي بدولهم دون الحاجة لأن يتجهوا للعمل خارجياً فالطاقة ضمانة للنمو الاقتصادي وسلاح قوي في ساحة التنافسية الدولية ويعزز من قوة الدول التي تمتلكها ولديها قدرة لتصديرها حيث تتعزز المصالح مع العالم من خلال دور إيجابي بتوفير استقرار امدادات الطاقة وموقع العالم العربي يساعده كثيراً لان يكون القلب النابض للاقتصاد العالمي ومصدرا رئيسيا لكل أنواع الطاقة ويعزز من الحضور العربي دولياً بكافة المجالات مع توحيد الرؤية للتعاون بمجال الطاقة، ولعل الحرب الروسية الاوكرانية كشفت بشكل جلي اهمية كل مصادر الطاقة وكيف تحرك الاوروبيين نحو الدول العربية لخطب ودها وتعزيز التعاون معها لتوفير امدادات الطاقة مستقبلا بعيداً عن الاعتماد على مصدر جغرافي واحد.
مقترح المملكة العربية السعودية الذي أقر بتحويل اوابك لمنظمة عربية للطاقة يعد نقلة نوعية غير مسبوقة تطبق عملياً العمل العربي المشترك بمفهوم واسع جداً، وقيادة الامير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة لجهود هذا التحول والذي ساهم بتسارع خطوات إقراره بالتعاون مع كافة الدول التي تضمها اوابك حالياً، ولعل هذا التحول المهم يكون بداية لمرحلة عصرية جديدة من العمل العربي المشترك يساهم بزيادته مستقبلاً في عصر التكنولوجيا الحديثة والتكتلات السياسية والاقتصادية التي تسود العالم لتشكل قوة كبرى في حماية المصالح والتنمية المستدامة.
نقلا عن الجزيرة