هل تخلت السعودية عن استراتيجية " الحصة السوقية" ؟

13/11/2016 9
وضاح الطه

تفائل الكثيرون عندما اتفقت اوبك في الجزائر على اطار عام يهدف العودة بانتاج اوبك الى مدى انتاجي 32.5- 33.0 مليون برميل يوميا واعطى الاتفاق استثناء لنيجيريا وليبيا وايران .. تلك الاستثناءات ليست مطلقة .. بالنسبة لايران، فيسمح لها الانتاج باعلى طاقة وصلت لها خلال فترة متفق عليها خلال العام وقد تكون التسعة اشهر الاولى . 

المشهد النفطي:

عند الاتفاق المبدئي في الجزائر كان انتاج اوبك 33.6 مليون برميل يوميا وهذا يعني ان الحد الادنى من التخفيض في نوفمبر 600 الف برميل يوميا ومع اقتراب الموعد ارتفع انتاج  المنظمة الى 33.97 مليون برميل يوميا وهذا يعني ان اجتماع نوفمبر سيناقش تخفيض 970 الف برميل على الاقل !!

التحدي الاهم بعد الاتفاق على الكمية التي يجب تخفيضها هو تخصيص التخفيض من سيخفض وكم سيخفض؟ وهل سيلتزم المنتجون من خارج اوبك بالتثبيت ..على الاقل ؟!

ماحصل بعد اتفاق الجزائر رفعت نيجيريا انتاجها الى 2.1 مليون برميل وليبيا الى مايقارب 600 الف برميل ب ي وتستهدف 900 الف ب ي في ديسمبر والعراق  وصل الى 4.7 مليون ب ي وايران الى 4 مليون ب ي.

ومن خارج اوبك ، روسيا رفعت الانتاج بحدود 100 الف برميل لتصل الى 11.2 مليون ب ي وهو مستوى قياسي تاريخي. وكازاخستان سوف تنتج قريبا من اضخم حقول البلاد الذي طورته شركات اجنية و لن تتوقف .

في الولايات المتحدة بلغ انتاج النفط الصخري 2.5 مليون ب ي في 2013 وكان يشكل 24% من انتاجها .

في اكتوبر 2016، بلغ انتاج امريكا من النفط الصخري من 7 احواض ( حقول) رئيسية 4.46 مليون ب ي وهذا يعني انه اصبح يشكل50.5% من الانتاج (بافتراض اخر تقدير صدر لادارة معلومات الطاقة والبالغ 8.84 مليون ب ي) . وتوقعت الادارة انخفاض الانتاج في 2017 الى 8.73 مليون ب ي في 2017.

في السعودية، بلغ متوسط انتاج البلاد من النفط لغاية شهر مايو 2016 ( قبل دخول موسم الصبف) 10.2 مليون ب ي و ارتفع الى حدود ال 10.7 مليون ب ي لتابية الطلب المتزايد على الكهرباء . 

الحصة السوقية:

اذا خفضت السعودية انتاجها بمقدار 400-500 الف برميل ب ي فان حصتها السوقية لن تتأثر حصتها  السوقية(لان التخفيض سيعادل الزيادة الموسمية تقريبا) مع افتراض التزام كامل من المنتجين من اوبك ومن خارجها بقاء الطلب على نفطها بدون تغير جسيم .. اذا صحت هذه الفرضية فأنها ستتحمل تقريباً 46% من كمية التخفيض المستهدفة بينما حصتها من انتاج اوبك 31.5% تقريبأ.

ايران مصرة على حصة ال 12.7% من انتاج اوبك و هذا يعني انها تستهدف 4.3 مليون ب ي

قد تتمكن كل من نيجيريا وليبيا على اضافة 300 -400 الف برميل في ديسمبر وهذا سيجعل من استهداف انتاج المنظمة لسقف 33 مليون برميل صعباً. 

في الحقيقة وعلى الرغم  ارتفاع انتاج اوبك الا ارتفاع انتاج النفط الصخري في امريكا رغم كل المخاطر البيئية كان سبباً رئيسياً في انهيار الاسعار في منتصف 2014. تقنيات الحفر و الانتاج و التكسير ادت الى رفع انتاجية الابار و تخفيض تكلفة البرميل الى ما يقرب ال 30 دولاراً للبرميل في بعض الاحواض. 

المعادلة التي نحن بصددها ليست بالبساطة التي يظنها البعض .. تخفيض الانتاج سيرفع الاسعار ورفع السعر سيعوض انخفاض كمبة الانتاج ! 

تخفيض الانتاج لن يرفع الاسعار بالشكل الذي نتمناه لسببين: 

الاول : سيحفز منتجين اخرين من خارج  اوبك، بل حتى من داخل اوبك على زيادة انتاجهم محاولين الاستفادة من الارتفاع الهامشي للاسعار وفي هذه الحالة سيكون هشاً ومؤقتاً.

الثاني: بعض المستهلكين الكبار قد يلجأ الى استخدام مخزوناتهم القياسية التي تكونت خلال العامين الماضيين للضغط على الاسعار .

سبق وجربت السعودىة تخفيض الانتاج ولم تكن النتائج ايجابية .. علماً انه لم يكن هناك نفطاً صخرياً.

استمرار السعودية في بناء مصافي مع شركاء استراتيجيين والاستمرار في بناء وتـأجير منشأت تخزين يعتبر تكامل وترسيخ لاستراتيجية "الحصة السوقية".

"استراتيجية حصة السوق " والمحافظة عليها و الدفاع عنها ليست خيار وليست بديل بين بدائل في ظل مشهد نفطي دولي معقد ومشهد جيوسياسي  اكثر تعقيداً  مما يجعل النفط ليس مجرد سلعة استراتيجية بل " جبهة" يجب الدفاع عنها لانه ببساطة يرتبط بالمصالح الاقتصادية الوطنية العليا.

صعود ترامب الى سدة الحكم في الولايات المتحدة قد يخلق مفاجات و تقلبات في صناعة النفط العالمية و هذا العامل سيكون مبرراً اخر لتبني استراتيجية حصة السوق.

خاص_الفابيتا