الاستقرار المالي السعودي

06/11/2016 1
د. عبدالله بن ربيعان

نظمت هيئة سوق المال بالتعاون مع «مؤسسة النقد العربي السعودي» (ساما) قبل أسبوعين في الرياض ورشة عمل عن الاستقرار المالي، حضرها وتحدث فيها محافظ «ساما» أحمد الخليفي ومحمد الجدعان، رئيس هيئة سوق المال الذي عُيِّن قبل أيام وزيراً للمال، ومحافظ التأمينات الاجتماعية سليمان القويز، وعدد من المختصين والاقتصاديين ومسؤولين من صندوق النقد الدولي.

الورشة جاءت في وقتها، فالاستقرار المالي ليس هم الحكومة فحسب بل هو هم مشترك بينها وبين المواطنين، وطغى النقاش حوله على نقاشات المجالس الخاصة ووسائل التواصل الاجتماعي بعد ما أثير من كلام عن متاعب مالية للحكومة وما يثار من كلام عن نية الحكومة تغيير سعر صرف الريال في مقابل الدولار.

وما قيل في الورشة كان مطمئناً إلى وضع الاقتصاد، بل إن بعض المؤشرات عن السيولة أصبحت أفضل منها قبل شهرين أو ثلاثة، ومؤشر «السايبر» بين المصارف بدأ ينخفض ولو على استحياء، ويمكن اليوم القول إن الظروف الأصعب أصبحت وراءنا.

والمتابع لوضع السيولة في السعودية يرى أن السيولة أوجدت مشكلة أيام الطفرة حين فاضت في السوق وسببت تضخماً كبيراً طاول كل أجزاء السوق، وخرج بعضها حين لم يجد فرصة استثمار، وسببت السيولة مشكلة حين شحت في السوق، ووصل حجم القروض نسبة إلى الودائع في المصارف إلى رقم فاق 90 في المئة، وشكت شركات في القطاع الخاص تأخراً في تسلم مستحقاتها المالية من الحكومة.

على رغم تأكيدات المسؤولين لمتانة الاقتصاد السعودي وملاءته المالية، لا يمكن تجاهل التأثيرات السلبية لطفرة السيولة وشحها، وهذا يستدعي معالجات وتصحيحات للسياسات المالية. فالسياسات التي لا تضمن التدفق النقدي في البلاد وفي السوق في شكل مستمر ومستقر لا يمكن القول إنها ناجحة تماماً، جزمنا أن القلق لدى المواطنين والأسواق والمجتمع ككل كان غير مبرر في ضوء معرفة الجميع بمتانة السعودية وقوتها وملاءتها اقتصادياً ومالياً.

إن وزير المال الجديد مدعو إلى البدء بمراجعة مكامن الخلل في السياسات المالية التي أدت إلى عجز في السيولة بعد وقت وجيز على انخفاض أسعار النفط، خصوصاً أن بقاء أسعار النفط فوق 40 دولاراً للبرميل بالترافق مع بعض التقشف يكفي لتحقيق التوازن في السيولة.

من الأمور الواجب إعادة النظر فيها تسديد الديون الحكومية بسرعة جعلت الديون تقترب من الصفر، وإيقاف الحكومة العمل بسندات التنمية، وتأخر وزارة المال في إصدار سندات دولية حتى وقع عجز وانخفض التصنيف الائتماني فارتفعت أسعار الفائدة الواجب دفعها في مقابل السندات.

ويجدر التذكير بأن وضع الاقتصاد السعودي جيد ومتين، لكن من الجيد كذلك التذكير بأن إدارة التدفقات النقدية كانت تعاني خللاً في حالتي الفائض والعجز، وسببت مشكلة في الحالة الأولى وأزمة في الحالة الثانية، والأهم أن نكون تعلمنا الدرس في شكل جيد فلا تتكرر الأخطاء نفسها في المستقبل.

نقلا عن الحياة