أخطار انخفاض سيولة بورصات المنطقة

30/08/2016 3
زياد الدباس

تعاني أسواق الأسهم في المنطقة هذه الفترة، تراجعاً كبيراً في سيولتها، وتواجه بالتالي صعوبة في بيع أصول مالية بأسعار لا تختلف عن أسعار البيع السابقة، في ظل عدم وجود معلومات جديدة تؤدي إلى الزيادة أو النقصان.

وارتفاع سيولة الأسواق يعزز عادة، تسويقها منتجاتها بسرعة، بينما يخفض تقلص السيولة قابليتها لتسويق هذه المنتجات وبيعها ويزيد الحاجة إلى منح حسوم أو عمولات أكبر بهدف البيع.

ويسهل ارتفاع سيولة الأسواق المالية عادة، تنفيذ المشاركين في السوق وفي شكل فوري حجماً كبيراً من الصفقات من دون التأثير في أسعار الأوراق المالية.

والسيولة هي المحرك الرئيس للاقتصاد الكلي، وتعتبر في مثابة أوكسجين لأسواق المال، ويساهم ارتفاعها في إنعاش الحياة في أوصال السوق وحركة تداولاتها. وتضخ حكومات كثيرة سيولة إضافية في شريان الاقتصادات للتغلب على حال الركود حين تسيطر على أسواق المال.

وكلما ارتفعت قيمة السيولة ارتفع عمق الأسواق، أي قابليتها لتنفيذ صفقات كبيرة من دون تأثيرات لافتة في أسعار الأوراق المالية. وأثبتت الدراسات والبحوث وجود علاقة إيجابية وقوية بين سيولة أسواق الأسهم وسيولة المصارف والنمو الاقتصادي.

ويطلق مصطلح السوق العميقة على السوق التي تضم عدداً كبيراً من البائعين (أوامر البيع) وعدداً كبيراً من المشترين (أوامر الشراء)، ويكون هؤلاء مستعدين في أي وقت للتداول بأسعار أعلى أو أدنى من الأسعار السائدة للأوراق المالية.

فإذا حدث أي اختلال بسيط في التوازن بين العرض والطلب، دخل هؤلاء البائعون والمشترون المحتملون إلى السوق لإزالة أي تغيير كبير في أسعار الأوراق المالية، بينما يطلق على الأسواق المالية التي تفتقد خاصية العمق الأسواق الضحلة لأنها تعاني من وجود عدد محدود من أوامر البيع والشراء، ولأن فارق الأسعار بين هذه الأوامر عادة ما يكون كبيراً. والأسواق الضحلة لا تتحرك إلا إذا حدثت تغييرات كبيرة في أسعار الأسهم.

والمستثمرون في الأوراق المالية وصناع الأسواق أقل عرضة للخسارة في الأسواق العميقة، لأن أسعار الأسهم في هذه الأسواق لا تختلف إلا بنسبة محدودة بين صفقة إلى أخرى، كما أن ارتفاع حجم السيولة ينعكس إيجاباً على كفاءة السوق وارتفاع حجم التداول فيها نتيجة الإفصاح والشفافية العالية التي تتمتع بها هذه الأسواق، وبالتالي تتراجع فيها الأرباح غير الاعتيادية وتبقى فقط الأرباح الاعتيادية نتيجة عدم قدرة شريحة محدودة من المتعاملين على التأثير في قوى السوق.

ومن أهم مؤشرات قياس سيولة أسواق المال هو القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة مقسومة على الناتج المحلي الإجمالي، وهذه النسبة تعكس مدى مساهمة السوق في الناتج المحلي الإجمالي، وهو مؤشر جيد لقياس مستوى نشاط السوق.

والمؤشر الآخر لقياس سيولة أسواق المال هو إجمالي حجم التداول خلال فترة زمنية محددة مقسوماً على الناتج المحلي الإجمالي، وهو مؤشر مهم أيضاً لقياس سيولة السوق ومستوى نشاطها.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى مؤشر معدل دوران الأسهم، وهو يحتسب من خلال قسمة حجم التداول على القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة. والاستثمار الأجنبي المؤسسي يأخذ في الاعتبار عند التوظيف في الأسواق معدل دوران الأسهم فيها.

والملاحظ، التراجع الكبير في قيمة التداولات خلال النصف الأول من هذا العام مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي في أسواق الخليج، إذ تراجع حجم التداول في السوق السعودية من 278 بليون دولار خلال النصف الأول من العام الماضي إلى 183 بليوناً خلال النصف الأول من هذا العام، وتراجع في سوق الكويت من ثمانية بلايين دولار إلى 5.3 بليون، وفي سوق قطر من 16.5 بليون دولار إلى 10.1 بليون، وفي سوق دبي من 28.1 بليون دولار إلى 19 بليوناً، وفي سوق أبو ظبي من 8.4 بليون دولار إلى 7.4 بليون، وفي سوق مسقط من 1.9 بليون دولار إلى 1.5 بليون، وفي سوق البحرين من 0.15 بليون دولار إلى 0.12 بليون. ويُتوقَّع استمرار تراجع سيولة هذه الأسواق خلال الربع الثالث من هذا العام.

وتراجع حجم السيولة خلال هذه الفترة مرتبط بالعديد من العوامل الخارجية والداخلية، إضافة إلى تراجع مستوى الثقة، وارتفاع الأخطار، وضبابية التوقعات، وتذبذب سعر النفط، وتحركات سعر الفائدة الأميركية، وحركة أسواق المال العالمية، وأداء الاقتصاد العالمي، مع الأخذ في الاعتبار أن التراجع الكبير في سيولة الأسواق يؤثر سلباً في نشاط سوق الإصدار الأولي وفي طرح أسهم شركات جديدة أو زيادة رؤوس أموال شركات قائمة، وقد تراجع هذا النشاط فعلاً وبنسبة كبيرة.

نقلا عن الحياة