يوم الجمعة 12 أغسطس 2016 (قبل تسعة أيام) نشرت جريدة الرياض الغراء عن واس تصريح لمعالي محافظ مؤسسة النقد يؤكد فيه – كالعادة التي درجت عليها ساما بين الحين والحين – التزام مؤسسة النقد بالمحافظة على سعر صرف الريال ثابتا عند 3.75 ريالات مقابل الدولار الأميركي. كذلك أكّد معاليه في نفس الخبر بأنه يوجد لدى ساما الأدوات الكافية لدعم سعر صرف الريال.
واضح أن هذا التصريح الغرض منه التأثير النفسي لطمأنة جميع الذين يستخدمون الريال للتعامل مع الخارج سواء المواطنين أو الأجانب بلا استثناء كي لا يشتروا الدولار بسعر أعلى من سعر صرفه الرسمي بالريال وبالتالي سيتم تلقائيا القضاء على المضاربة بالريال.
السؤال الأول الذي يتبادر الى الذهن هو: لماذا يشتري البعض الدولار الآجل (للحصول عليه بعد سنة مثلا) بسعر أعلى من سعر صرفه الرسمي فيدفع على سبيل المثال 3.80 ريالات لشراء الدولار بينما تلتزم ساما ببيع الدولار بسعر صرف قدره 3.75 ريالات؟
الجواب المباشر هو لأن بعض الذين يحتاجون لشراء الدولار في المستقبل يخشون ان تخفض ساما سعر صرف الريال بالنسبة للدولار عندما يحتاجون لشرائه في المستقبل.
وهكذا الآن قد يتبادر الى الذهن السؤال الثاني المرادف للسؤال الأول وهو لماذا تستمر المضاربة بالريال رغم تأكيدات ساما باستمرار انها لن تخفض سعر صرف الريال؟
الجواب هو الاعتقاد الخاطئ لدى بعض المتعاملين بالريال مع الخارج بتصديق الاشاعات الخاطئة بأن ساما قد تعجز مستقبلا عن الوفاء بالتزامها – رغم وعودها – بتغطية تحويل الريال للدولار بالسعر الرسمي لعدم وجود احتياطيات كافية لديها من العملات الأجنبية.
لكن سرعان ما جاء الرد على هذه الشائعات عاليا وحاسما وسريعا يوم الأحد 14 أغسطس 2016 أي بعد يومين فقط من تصريح معالي محافظ مؤسسة النقد حيث نشرت جريدة الرياض الرائدة أيضا بيانا صادرا عن صندوق النقد الدولي يوضح ان صافي أصول واحتياطيات المملكة من العملات الأجنبية يعادل سبعة أضعاف الحد الأدنى للمعيار العالمي.
نحن هنا في هذا المقال لن نناقش مدى مصداقية هذه الشائعات ولا من هم المستفيدون من المضاربة بالريال وما هو مقدار حجم هذه المضاربات وتأثيرها على الاقتصاد القومي وسنترك للبيان المنسوب لصندوق النقد الدولي كي يرد على هذه الشائعات ويوضح للعيان انه يوجد لدى مؤسسة النقد الآن احتياطات كافية تجعلها قادرة – على الأقل لمدة سنتين – على الوفاء بالتزامها بثبات سعر صرف الريال كما كانت محافظة على هذا الثبات على مدى 30 سنة منذ عام 1986.
ولذا سنكتفي في بقية هذا المقال بإعطاء مثال مٌبسّط جدا يوضح لماذا المضاربة بالريال مغرية للبائعين (غالبا البنوك) الذين سنُسمّيهم هنا تجاوزا بالمضاربين. فسنستعرض الآن أحد السيناريوهات كمثال (لحالة واحدة مبسّطة) لما قد يحدث في حالات المضاربة بالريال كالتالي:
سنفترض أن تاجرا سعوديا سيستورد بضاعة في عام 2017 لكنه سمع بأن ساما قد تخفض سعر صرف الريال فبدلا من سعره الحالي 3.75 ريالات للدولار سيكون 3.85 ريالات فقرر أن يشتري الدولار من الآن بسعر 3.80 ريالات من أحد البنوك (المضارب) فان النتيجة تكون كالتالي:
أولا: لو بقي سعر صرف الريال ثابتا عند 3.75 ريالات سيخسر المشتري (التاجر) 0.05 ريال (خمس هللات) وسيكسب البائع (المضارب) 0.05 ريال.
ثانيا: لو خفضت ساما سعر صرف الريال الى 3.79 ريالات سيخسر المشتري (التاجر) 0.05 ريال بينما البائع (البنك) سيكسب 0.01 ريال.
ثالثا : لو خفضت ساما سعر صرف الريال ليصبح 3.85 سيخسر المشتري 0.05 بدلا من 0.10 ريال (عشر هللات) ويخسر البائع 0.05 ريال.
الخلاصة: واضح ان المشتري هو الخاسر في جميع الحالات بينما البائع هو الرابح في معظم الحالات واحتمال خسارته نادرة جدا (بسبب متانة ساما) كندرة الغول والعنقاء والخل الوفي.
نقلا عن الرياض