دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة ضمانة للاقتصاد السعودي

14/08/2016 0
د. عبدالله بن ربيعان

طالب المحافظ الجديد لهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية غسان السليمان، في الأسبوع الأول لتسلّمه عمله الجديد، المهتمين والمتخصصين بتزويده برؤيتهم ومقترحاتهم لتطوير هذه المنشآت.

والسليمان جاء من قلب بيئة الأعمال، فهو وكيل شركة المفروشات السويدية الشهيرة «إيكيا» في السعودية، وتملك عائلته خبرات تجارية كبيرة، لذا فإن تفاؤل القطاع الصغير والمتوسط بتعيينه كان لافتاً، فالرجل قادم من دهاليز الأعمال ويعرف خفاياها والصعوبات التي تواجهها، ما يجعل مهمته أسهل.

قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة المعروف اختصاراً بالـ«إس إم إيز SME’s ليس جديداً في السعودية، لكن الجديد هذه المرة وجود كيان حكومي في شكل هيئة تتولى رعايته والاهتمام به، بعدما عاش سنوات طويلة غريباً وضعيفاً يواجه بيروقراطية الحكومة وصعوبة إجراءاتها من دون أن يهتم به أحد أو يلقي له بالاً. وتنمية القطاع والاهتمام به كانا ضمن مبادرات «رؤية السعودية 2030»، كما أنه أحد القطاعات المهمة التي ركزت عليها توصيات قمة العشرين الماضية في أنطاليا في تركيا.

في السعودية، ليست المشكلة الأكبر توفير الأموال والقروض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فالصناديق الحكومية ضخّت وما زالت، وإن كان بدرجة أقل، أموالاً كثيرة، لكن التسويق وتوافر اليد العاملة والإدارة هما من المشاكل التي سرعان ما تصطدم بها هذه المشاريع لتهرب من السوق مفلسة وخاسرة.

ولعل الدعم اللوجستي والأخذ بيد شباب هذه المشاريع ومساعدتهم في صياغة العقود، وبدء المشروع والتعرف إلى إجراءات الحكومة الكثيرة وتلافي العقبات المتوقعة لأي مشروع في بداياته، هي الخطوات الأولى المطلوب من الهيئة ومحافظها بدء العمل عليها.

فالجديد في قطاع الأعمال يحتاج دعماً ومساندة قانونية ومحاسبية ولوجستية حتى يتعرف إلى عوائق البدايات ويتجاوزها ويكتسب الخبرة والثقة التي تعينه على تدبير الأمور بنفسه لاحقاً.

الدعم الثاني المطلوب هو لتسويق منتجات هذه المشاريع، فليس صعباً أن تحصل على قرض من الحكومة وتبدأ الإنتاج، لكن الأصعب والأهم هو التسويق. ولا يتوقع من شاب بدأ مشروعاً جديداً أن يمتلك مهارات التسويق ولا شبكة العلاقات العامة التي تفيده في تسويق ما ينتج.

لذا، فإن على الهيئة أن تدعم تسويق منتجات المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن تسعى الى جعل شراء منتجات هذه المنشآت شرطاً للحصول على عقود مشاريع الحكومة، وأن تسعى مع الشركات الكبيرة مثل «أرامكو» و«سابك» والمصارف، الى شراء ما تحتاجه من هذه المنشآت.

كما يمكن الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي لترغيب الناس وحضهم على شراء منتجات هذه المشاريع ودعمها، لما تحققه من أهداف وطنية تنفع المجتمع وتوظف شبابه.

الدعم الثالث يكون من خلال استغلال العلاقة مع الغرف التجارية وتجمعات رجال الأعمال ليقدموا يد العون ويتبنوا مشاريع هؤلاء الشباب ويدعموهم بخبراتهم وعلاقاتهم، على غرار ما يعرف بالوصي أو الناصح في الغرب (Mentors) للصغار والمبتدئين في مجال الأعمال.

الدعم الرابع والمهم هو ضرورة الاتفاق مع وزارة العمل لاستثناء هذه المشاريع لسنوات معينة من أي تغيير في سياسات الوزارة وشروطها. فالملاحظ أن للوزارة كل يوم حالياً سياسة وقراراً ورسوماً إضافية، وهو ما لا تتحمله المشاريع الصغيرة والجديدة، ويجب استثناؤها من أي تغيير يعيق نشأتها وتطورها حتى يقوى عودها ويشتد مع الوقت، وبعدها يمكن تطبيق القرارات عليها بعد استثنائها لزمن مناسب.

الدعم الخامــس يكون بتعزيز منافسة هذه المنشآت فـــي السوق الداخلية وتمكينها أيضاً والأخذ بيدها للتصدير الخارجي، وداخلياً يكون بمنع تكتلات الأيدي العاملة الأجنبية المتسترة ضدها، وخارجياً بفــــتح ملف لكل منشأة لدى هيئة تنمية الصادرات لدعم تصدير الإنتاج، خصوصاً أن الاقتــصاد السعودي يمر بمرحلة تباطؤ نتيجة تقليص الإنفــاق الحكومي، وبالتالي فإن مساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على التصدير واكتشاف الأسواق الخارجية والوصول إليها ستكون أمراً جيداً لهذه المنشآت وللاقتصاد السعودي عموماً.

الدعم السادس والأخير هو تشجيع ما يسمى المشاريع العائلية، والسعي الى إشراك أكثر من شخص من العائلة الواحدة في المشروع الواحد. فالعائلات التجارية المعروفة التي تمتلك المشاريع الضخمة في البلد اليوم، كلها بدأت منشآت عائلية صغيرة، وعملت على تنميتها وتطويرها، كما أن هناك دولاً لها تجربة جيدة في هذا النوع يمكن الاستفادة من تجاربها لدعم النشاط العائلي الاقتصادي في المملكة.

ختاماً، نرى اليوم شركات عملاقة تنهار مع أول هزة مالية وتواجه صعوبات جمة، ما يعني أن الضمانة للاقتصاد وصمام الأمان فيه يكمنان في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ما يحتم على الهيئة ومحافظها الجديد العمل على دعم هذا القطاع ومساندته ليصل إلى متوسط الأرقام العالمية في التوظيف والتصدير والقيمة المضافة لما ينتج.

نقلا عن الحياة