مع بداية صدور القرارات بفرض وتعديل بعض الرسوم التي تحصلها الجهات الحكومية لرفع الإيرادات غير النفطية ومنها مايهدف الى تلافي بعض الملاحظات وتحسين الأداء والاستثمار الأمثل لممتلكات وخدمات الدولة وفقا لما تضمنته الرؤية السعودية والتحول الوطني، فانه من المتوقع ان جميع جهاتنا تعمل حالياً -وبشكل منفرد عن باقي الجهات الخدمية- لرفع وإقرار رسوم جديدة على الخدمات المقدمة منها وبأعلى قدر ممكن حرصا منها على رفع إيراداتها، ولكوننا أمام تحول كبير في تنويع مصادر الدخل للدولة وإيقاف الدعم ومساهمة المواطن ومنشآت القطاع الخاص في رفع إيرادات الدولة وتخفيض نفقاتها، فان هناك أهمية بان تكون الدراسة لفرض الرسوم من قبل جميع جهاتنا شاملة وفق رؤية عليا تتأكد من تناسب الرسوم الجديدة والمعدلة وتحقيقها للأهداف المحددة بالرؤية وبدون ان يلحق ضرر كبير بمن سيتحمل تلك الرسوم التي ستقر خلال فترة وجيزة تشهد انخفاضا في الدخل وتكلفة اعلى بالمعيشة!
فالحقيقة المغيبة عن جهاتنا ولسنوات طويلة ان ضريبة السلع الفاخرة والخدمات الخاصة للفئة الأعلى بالمجتمع سبق فرضها وبمستويات خيالية من قبل مقدمي وبائعي تلك الخدمات والسلع من خلال رفع الأسعار للباحثين عن التميز والخصوصية، وهذا واقع تعايشت معه تلك الفئة والبعض من الشريحة الوسطى بينما الدولة هي الأحق بتحصيل تلك "الضريبة" وخصوصا ان نسبة الرسوم الجمركية أساسا موحدة على جميع السلع الاستهلاكية والكمالية والفاخرة والحرية في أسعار البيع! بل ان عدم التفريق بين الاقتناء لاحتياج الاسر بالمجتمع والهدر الممارس من البعض -بما في ذلك الهدر الغذائي- يستوجب التمييز في الرسوم ورفع الدعم ليتحمل من يرغب بالمباهاة والهدر قيمة ذلك وبدون تضرر باقي افراد المجتمع من هدر البعض!
والغريب انه مع ان تنويع مصادر الدخل للدولة يمكن ان يكون من خلال مجالات عديدة لاتمس الحياة المعيشية للمجتمع وكاستثمار لموارد الدولة، الا ان الملاحظ ومنذ سنوات ان تفكير جهاتنا في ذلك كان ينحصر على جوانب محددة في رفع أسعارها وقت الازمات مثل الوقود والكهرباء والمياه ورسوم بعض الخدمات للبلدية والمرور، في حين ان هناك رسوماً جديدة كان من الممكن فرضها على سلع كمالية وفاخرة وخدمات للفئة القادرة بالمجتمع على دفعها، بل ان هذه الفئة سترحب بها للتميز في اقتنائها، فالشريحة العليا التي تبحث عن التميز تسعى دائما لشراء السيارات الاغلى والاثاث الفاخر جدا والمقتنيات المعروفة بأسعارها الخيالية والسكن والاكل بأغلى الفنادق والمطاعم واستئجار افخم السيارات والقصور، كما ان من مصلحة افراد تلك الشريحة ملاك المصانع والاعمال التجارية تحمل الزيادة في بعض الرسوم لاستمرار بقاء الطبقة الوسطى بالمجتمع (الأسر والمنشآت) لاستمرار النمو الاقتصادي.
ولذلك فعند التمييز في رفع الدعم او فرض الرسوم على السلع والخدمات الفاخرة لن يتضرر منها معظم المجتمع وستوفر موردا للخزينة وخصوصا مع تعددها والاهم عدم المساس باحتياجات الطبقة الوسطى والاقل، ومن الممكن ان تعوض تلك الرسوم النقص بإيرادات بعض الجهات الذي قد يكون في حال استثناء الشريحة الكبرى من المجتمع من بعض الزيادات التي قد تؤثر على مستوى معيشته وخصوصا ان افراد اسر تلك الشريحة هم اكثر عددا واحتياجا لخدمات الدولة، ومع تطبيق مفهوم تحمل المستفيد من الخدمة للتكلفة او جزء منها وما يتطلبه مبدأ رفع كفاءة الانفاق العام فان هناك أهمية للتأكد من عدالة التكلفة والأخذ بالاعتبار المستوى المعيشي لمن سيتحمل تلك الرسوم وان لانحصر الاهتمام فقط بالشريحة التي ترعاها الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية، لكون لدينا شريحة كبيرة من الموظفين بالقطاعين العام والخاص والمتقاعدين أيضا يجب ان يشملهم الاهتمام عند إقرار الرسوم لضعف مستوى الدخل وارتفاع تكلفة المعيشة.
نقلا عن الرياض
أصبت كبد الحقيقة وفقك الله
دخلت دول الخليج مرحلة الكساد، ولمدة لا تقل عن 10 سنوات، الرسوم ستعطل الاستثمار وحركة التمنية