بعد سلسلة المتغيرات العالمية والتي طرأت على الأسواق خلال شهر رمضان المبارك أصبح سوق الأسهم السعودية في وضع أكثر حيرة للمتداولين وذلك يظهر من خلال ضيق التذبذب وضعف تداولات الأسابيع الأخيرة، ففي تداولات الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك لم تتجاوز الخسائر مستوى 51 نقطة أي بنسبة 0.8% رغم أن التذبذب وصل لما فوق 300 نقطة.
أما من حيث السيولة فقد بلغت نحو 21,7 مليار ريال مقارنة بحوالي 15,4 مليار ريال للأسبوع الذي قبله، وهذا الارتفاع في السيولة بسبب حالة الإرباك الذي أحدثه تصويت البريطانيين لصالح خروجهم من الاتحاد الأوروبي والهزة الذي سببها هذا القرار في أسواق المال حول العالم، لكن يجب التنويه بأن لذلك القرار تبعات سيكون لها صداها على أسواق المال الدولية، ولهذا من المتوقع أن تنعكس تلك الأصداء على سوق الأسهم السعودية، هذا بالإضافة إلى ترقب المستثمرين لنتائج الشركات الفصلية والتي من المتوقع أن يكون لها تأثير كبير على تداولات الشركات خلال هذا الشهر.
لذا فمن المهم أن يتابع المتداول الأخبار الداخلية والعالمية خلال الفترة القادمة، هذا بالإضافة إلى النقاط الفنية الرئيسية؛ لأن تلك التوليفة هي من ستحدد توجه السوق خلال ما تبقى من العام الحالي مع العلم أن المسار الحالي هابط وسيستمر على هذا الحال حتى يتم اختراق نقاط المقاومة الرئيسية ويتم التأكد منها وهذا ما لم يحدث حتى الآن.
التحليل الفني
من خلال النظر إلى الرسم البياني للمؤشر العام لسوق الأسهم السعودية أجد أن المؤشرات الفنية ما زالت ترجح كفة استمرار المسار الهابط الحالي باتجاه دعم 6,100 نقطة وسيستمر الوضع بهذه الصورة حتى يتم اختراق مقاومة 6666 نقطة، لكن يبدو أن تراجع أسعار النفط خلال إجازة عيد الفطر المبارك سيكون عامل ضغط على أداء السوق في افتتاحيته هذا الأسبوع.
أما من حيث أداء القطاعات فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية عاد خلال نهاية تداولات الأسبوع الأخير بالإغلاق فوق مستوى 14,050 نقطة رغم أنه كسر ذلك الأخير بقوة إلا أنه بفضل القوة الشرائية عاد وأغلق إغلاقاً إيجابياً يؤهله لمواصلة الصعود حتى مشارف 14,600 نقطة لكن بشرط عدم العودة دون مستوى 14,050 نقطة.
أيضاً أجد ان قطاع الصناعات البتروكيماوية ما زال يسير ضمن مساره الهابط ورغم ارتداده من مشارف 4,200 نقطة إلا أن السيناريو الهابط مازال قائماً؛ لأن القطاع مازال يتداول دون المقاومة الأهم حالياً عند 4,400 نقطة، لكن لو تم اختراق ذلك الأخير والثبات فوقه فإنها علامة إيجابية للقطاع وأنه سيتجه بعدها لمستويات 4,500 نقطة، وهذا الأمر من شأنه تخفيف الضغط على السوق بشكل عام.
أما من حيث بقية القطاعات فأجد أن قطاعات الاسمنت والزراعة والاستثمار المتعدد والفنادق ستتخذ المنحنى الإيجابي بحول الله.
من جهة أخرى ستطغى السلبية على أداء قطاعات التجزئة والطاقة والاتصالات والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والتطوير العقاري والنقل والإعلام خلال هذا الأسبوع.
أسواق السلع الدولية
منذ مطلع العام الحالي وخام برنت محافظ على مساره الصاعد وبشكل متناسق وهذا أحد أهم الأسباب الفنية التي دفعت الأسعار للصعود، لكن وبعد أن اصطدم بالمسار الصاعد عدة مرات قام الخام خلال الأسبوع الماضي بكسر ذلك المسار الصاعد والذي تزامن مع سعر 48$ للبرميل لذا فإن استمرار الخام دون ذلك المستوى يؤكد أن المسار الهابط قد بدأ بشكل رسمي وأنه يستهدف في المرحلة الحالية مستوى 43$ للبرميل.
أما خام نايمكس فما زال يسجل القاع تلو القاع مما يدل على سيطرة المسار الهابط على تداولات الخام، ويبدو أن تلك السلبية ستزداد وطأة بعد فقدان مستوى 46$ ليتجه بعدها لمستوى 41$ للبرميل.
من جهة أخرى أجد ان أسعار الذهب ما زالت تواصل تحقيق المكاسب مستغلة حالة القلق التي يعيشها المستثمرون جرّاء قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حيث صعدت الأسعار للأسبوع السادس على التوالي في أطول سلسلة مكاسب منذ أكثر من عام بعد أن حقق خلال الأسبوع المنصرم مكاسب بنحو 14$ ليصبح مجموع ما حققه في ستة أسابيع حوالي 144$ أي أرباح بنحو 11.9%، ومن المتوقع ان تستمر الأسعار بالارتفاع 1,400$ إذا ما استمر الوضع بالمحافظة على الدعم الرئيسي 1,300$ وقد يكون لاستمرار هبوط الجنيه الإسترليني سبب مهم في استمرار ارتفاع أسعار الذهب لأن استمرار هبوط الجنيه الإسترليني دليل على استمرار تداعيات خروج الانجليز من اتحاد القارة العجوز.
أسواق الأسهم العالمية
أعطت الأرقام المخيبة للآمال الصادرة من الاقتصاد الأمريكي فرصة لتراجع سعر الدولار الأمريكي والذي كان يشكّل ضغطاً قوياً على مؤشرات الأسواق الأمريكية، وبهذا التراجع على العملة الخضراء تمكن مؤشر داو جونز من اختراق مقاومة تاريخية عند مستوى 18,000 نقطة وذلك للمرة الأولى خلال شهرين، وإذا ما استمر المؤشر الأمريكي الأشهر في الحفاظ على ذلك المستوى فإنه بذلك يحصل على فرصة ذهبية ربما لن تتكرر مجدداً هذا العام لاستهداف مناطق عليا جديدة تتجاوز مستوى 19,000 نقطة وهو المستوى الذي لم يصله المؤشر في تاريخه. أما كسر دعم 18,000 نقطة فيعني أن ما حدث لم يكن سوى مصيدة للمتداولين سيحدث بعدها هبوط مؤثر.
أما مؤشر الفوتسي البريطاني فقد تمكن وبكل نجاح من محو جميع خسائر يوم الخروج من الاتحاد الأوروبي، بل وحقق قمة جديدة عند مستويات 6,608 نقاط، ويبدو أن سوق لندن سيواصل الصعود حتى مشارف 6,700 نقطة، لكن بعد التدقيق في مؤشرات السيولة أجد أن السوق بدأ بالتراجع بشكل ملفت للنظر، وهذا يشير إلى أن وضع السيولة إذا استمر بالتناقص فإن المؤشر لن يتمكن من تجاوز المستوى المستهدف وهذا يعني أن هناك موجة هبوط قادمة ربما تظهر معها أخبار سلبية من داخل الاقتصاد البريطاني خاصةً وأن جميع المراقبين ينتظرون قرارات هامة من النبك المركزي البريطاني لدعم العملة التي لم تتمكن من التماسك منذ يوم الخروج وحتى الآن، وربما إذا استمر رئيس البنك المركزي البريطاني مارك كارني في انتهاج سياسته غير الواضحة فستستمر العملة الإنجليزية في مسارها الهابط.