ماذا لو : تم تطبيق مقترح مجلس الشورى لشرعنة أدوات الدين في الشركات السعودية وإيقاف الأنشطة الممنوعة شرعا

23/02/2010 7
سهل السدحان

تقول الحكمة الشهيرة : إذا أردت أن تطاع فاطلب ما يستطاع , لكن يبدو أن أعضاء مجلس الشورى أصحاب التوصية غير مقتنعين بذلك ,  حيث  نشرت الصحف المحلية اليوم خبرا مفاده أن )أعضاء في مجلس الشورى حذروا من إطلاق مصطلح أدوات الدين في نظام الشركات الجديد الذي أعاده المجلس للجنة الاقتصاد لدراسة ملاحظاته عليه وإمكانية الأخذ بالتوصيات التي يرى الأعضاء أهميتها لسلامة النظام ، واعتبروه إطلاقاً يدخل الأدوات المحرمة بالمباحة(.

وشدد الأعضاء صالح البقمي ومازن بليلة وعبدالله الظفيري وفالح الصغير على إضافة مادة تلزم الشركات بمراعاة وتطبيق الأحكام الشرعية للديون عند إصدار أداة الدين وتداولها وقال الأعضاء إن أداة الدين حسب تعريف هيئة سوق المال لها بأنها أداة تنشأ بموجبها مديونية أو تشكل إقراراً بمديونية قابلة للتداول تصدرها الشركات وغيرها تعتبر مجيزة لبيع الدين بالدين وهذا من الأبواب المحظورة شرعاً بل إنه وسيلة إلى الربا.

أيضا طالب نائب رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في مجلس الشورى الدكتور عبدالله برجس الدوسري من إضافة مادة تحظر على الشركات ممارسة أي نشاط أو تعامل ممنوع شرعاً، ويرى الدوسري ضرورة إضافة هذا النص لأهميته في ضبط تصرفات الشركات وفقاً لمتطلبات النظام العام، كما أنها تنبه مؤسسي الشركات والمستثمرين فيها سواء كانوا مواطنين أو أجانب إلى أنه مطلباً أساسياً في المملكة، ويجعل الشركات تهتم به عند وضع السياسات والأدلة الإجرائية ويدفع الجهات الرقابية إلى وضع الأساليب والوسائل الملائمة للإشراف على تطبيق ذلك.

انا اجزم بأن كلتا التوصيتين لن يأخذ بها مجلس الوزراء لاستحالة تطبيقها , فالنسبة للتوصية الأولى فكم سيأخذ الأمر وقتا لتعيد الشركات السعودية أسلمة وشرعنة السندات التي أصدرتها ولا أنسى ان اقرار مثل هذه التوصية سيخلق مقترحا آخر وهو انشاء هيئة شرعية تابعة لوزارة التجارة للتأكد من شرعية الصكوك المصدرة. ويجب أن نتوقع بعد ذلك خلافا بين أعضاء الهيئة الشرعية ,,, الخ.

أما التوصية الثانية فلو تم الأخذ بها فمعنى ذلك انه لن يبقى الا اربعة بنوك عاملة , ومن البديهي ان يطالب بالغاء شركات التأمين العاملة بالسعودية حتى لو كانت قائمة على مبدأ تعاوني لأن هذا المبدأ ما زال محل خلاف.

طبعا قد يمتد الجدل الى ايقاف شركات تستورد منتجات دنماركية وقد توقف مطاعم ماكدونالدز لدعمها إسرائيل , واحتاج لخيالكم الواسع لتتخيلوا تبعات الأخذ بهاتين التوصيتين.

اقول : ان مثل هذه المقترحات قد تعيق العمل بنظام الشركات الجديد , وأخشى أن يتخذ المسؤلين قرارا بعد هذه التوصيات ان العمل بالنظام القديم أرحم.

نعلم إن أهم التطويرات التي تنتظرها كبرى الشركات العاملة من نظام الشركات الجديد قد استثنيت بمراسيم خاصة مثل السماح للشركات بإنشاء شركة الشخص الواحد.

كنا في السابق نعول على متابعة الشركات الكبيرة وكبرى المؤسسات الحكومية  للنظام الجديدة وحث الجهات المسئولة على سرعة إصداره ,  بيد ان اصدار الاستثناءات لبعضها جعلنا نتيقن أن نظام الشركات الجديد سيأخذ وقتا أطول للدراسة , وهو ما حصل فعلا. أتمنى أن يصل أعضاء مجلس الشورى "أعلاه" إلى درجة من الواقعية والعقلانية تجعلهم يعون أن الضرر الحاصل نتيجة تأخر اصدار النظام هو حرام باجماع العلماء.