الاندماج المحتمل بين «بنك أبو ظبي الوطني» و «بنك الخليج الأول» هو الاندماج الثالث والاستراتيجي في السوق المصرفية الإماراتية، فقبل إعلان اندماج «بنك الإمارات الدولي» و «بنك دبي الوطني» عام 2007 بنحو 22 سنة، حصل اندماج قسري لثلاثة مصارف تجارية في أبو ظبي نتج منه تأسيس «بنك أبو ظبي التجاري».
هذا في وقت تشهد فيه الصناعة المصرفية العالمية تطورات وتحديات عديدة فرضتها ظروف العولمة وتحرير تجارة الخدمات المالية والمصرفية والتقدم في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأخذ بمفهوم المصارف الشاملة.
واندماج «أبو ظبي الوطني» و «الخليج الأول» يفترض أن يكون مبنياً على أسس تجارية ودراسات علمية وجدوى اقتصادية دقيقة، إذ ستنتج من هذا الاندماج مؤسسة مالية كبيرة ذات قاعدة رأسمالية ضخمة، تتمتع بموارد بشرية عالية الكفاءة ذات خبرات متنوعة ومتميزة وخبرات إدارية راسخة تملك أحدث الأنظمة التقنية وتقدم خدمات مصرفية بكفاءة عالية تعزز إنتاجيتها وتخفض تكاليف خدماتها المصرفية، مستفيدة من اقتصاديات الحجم الكبير والاستخدام الفاعل للتكنولوجيا الحديثة وتقديم الخدمات المصرفية إلى قاعدة اكبر من الزبائن، وقادرة على تمويل الصفقات الكبيرة ومواجهة تحديات النظام العالمي الجديد.
وبلغ صافي أرباح المصرفين العام الماضي نحو 11.2 بليون درهم (3.05 بليون دولار)، وهي تتجاوز أرباح عدد كبير من المصارف العالمية. وبلغت قيمة توزيعاتهما 6.5 بليون درهم وقيمة أصولهما 634 بليون درهم.
وسيصبح الكيان الجديد أكبر كيان مالي في الشرق الأوسط متفوقاً إقليمياً على «بنك قطر الوطني» الذي تبلغ قيمة أصوله ١٥٠ بليون دولار وعالمياً على «إتش إس بي سي» (166 بليون دولار)، ما يؤهله ليكون من المصارف العالمية الضخمة.
وتبلغ قيمة أصول «أبو ظبي الوطني» 4.7 بلايين درهم و «الخليج الأول» 227 بليوناً، وإجمالي قيمة قروض المصرفين 356 بليوناً، تمثّل 25 في المئة من إجمالي حجم القروض التي قدمها القطاع المصرفي الإماراتي.
ويساوي إجمالي ودائع عملاء المصرفين 376 بليون درهم، وإجمالي رؤوس أموالهما 9.7 بليون، وإجمالي حقوق مساهميهما 68.2 بليون، وإجمالي قيمتهما السوقية 29 بليوناً وهي اكبر من القيمة السوقية لكل من «كريدي سويس» و «دويتشه بنك» و «ستاندرد تشارترد».
ويُلاحَظ تميز مؤشرات الربحية والمؤشرات المالية الأخرى للمصرفين ما ساهم في حصولهما على تصنيفات مالية قوية من كل وكالات التصنيف، علماً بأن مساهمة جهاز أبو ظبي للاستثمار في رأس مال «أبو ظبي الوطني» تصل إلى 70 في المئة.
وهذا الاندماج على رغم تأثيره السلبي على المنافسة في السوق المحلية، سيكوّن عملاقاً مالياً ومصرفياً كبيراً قادراً على المنافسة بفاعلية مع المصارف الإقليمية والدولية وستنجم عنه فوائد كبيرة للمساهمين والموظفين والزبائن، نظراً إلى حجم الموجودات وعدد الفروع الداخلية والخارجية إذ يبلغ عدد الفروع الداخلية للمصرفين 133 فرعاً وعدد الفروع الخارجية 54 فرعاً.
وتتسم السوق المصرفية الإماراتية بالازدحام والتركيز الشديد من المصارف المحلية والأجنبية وهي في غالبيتها تقليدية وصغيرة الحجم استناداً إلى المعايير الدولية وعاجزة عن تمويل احتياجات المشاريع الكبيرة، إذ تتركز معظم أعمالها على السوق المحلية والقروض القصيرة الأجل وتعاني من المنافسة على جذب الودائع.
لذلك تحتاج السوق المصرفية الإماراتية إلى مزيد من الاندماجات التي تساهم في تعزيز قدرة المصارف على المنافسة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفي تمتع المصارف بسيولة وملاءة مالية عالية بما يساهم في تمويل المشاريع التنموية في شكل يأتي بانعكاسات إيجابية على النشاطات التجارية والاستثمارية في الدولة.
نقلا عن الحياة