هل يجب أن تكون الأوقاف عقاراً؟

20/06/2016 2
محمد العمران

لا شك أن الأوقاف (عامة كانت أم خاصة) من الأعمال الخيرية التي نسأل الله أن يجزي كل من قام بوقفها أو بنظارتها الخير والثواب، بينما إذا دققنا في مضمون هذه الأوقاف سنجد أنها في الغالب «عقارات» على شكل «مبانٍ» من المفترض انها تدر دخلاً منتظماً يتم توزيعه على مصارف الأوقاف، إلا أن المشكلة تتركز دائماً في تقادم هذه المباني بمرور الزمن فيما يتم تجاهل الإنفاق الرأسمالي اللازم لتحسين هذه المباني للمحافظة على انسيابية الدخل المنتظم في المدى الطويل وهذه بلا شك أكبر مشكلة تهدد الأوقاف العقارية في المملكة خصوصاً الأوقاف القديمة.

ويبقى السؤال مطروحاً: هل يجب أن تكون الأوقاف عقاراً؟ ولماذا؟

في الحقيقة، لا يوجد مبرر لأن تكون الأوقاف عقاراً فقط بدليل أن من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم من أوقف الآبار ومنهم من أوقف العيون (ويا له من أجر عظيم) ومنهم من أوقف البساتين، وفي زمننا هذا هناك من أوقف كتاب الله وهناك من أوقف كراسي للبحث العلمي، وبالتالي نستطيع القول أنه ليس بالضرورة دائماً أن يكون الوقف عقاراً فقط، وهنا يجب أن نسأل أنفسنا لماذا نقيد الأوقاف بأن تكون عقارات على شكل مبان؟ ولماذا لا نفكر خارج الصندوق قليلاً؟

لذلك، يجب أن نضع في اعتبارنا أن الأوقاف قد تكون على شكل أسهم عامة أو أسهم خاصة أو صكوك أو وحدات في صندوق استثماري أو أي نوع من الأصول الاستثمارية، وما يميز هذا النوع من الأوقاف أنها في الغالب تدير نفسها بنفسها ولا تتطلب من الناظر أي إنفاق رأسمالي أو إنفاق تشغيلي وبالتالي لا تحتاج لجهد إداري كبير، وأيضاً قد تكون الأوقاف على شكل برامج تهدف لبناء وتطوير الإِنسان كأن تكون على شكل منشآت تعليمية أو مراكز طبية أو مراكز تدريب بحيث تكون غير هادفة للربح يتم إعادة استثمار أرباحها في نشاطاتها مرة أخرى وهذه بالتأكيد نماذج رائعة ومتطورة للأوقاف.

نقول نماذج رائعة لأن الفكر المتطور للأوقاف هو في اتجاه بناء وتطوير الإِنسان بدلاً من التوزيع النقدي له وهذه نقطة مهمة سنشاهدها واقعاً ملموساً في المستقبل القريب، بدليل أن أكبر الأوقاف الدولية مثل وقف بيل جيتس ووقف جامعة ييل ووقف جورج سوروس وبعض الأوقاف الجديدة في المملكة لا تنطوي أبداً على أي توزيعات نقدية للفقراء والمحتاجين فيما كلها تصب في مشروعات تعليمية وطبية وتدريبية وأبحاث علمية وغيرها من المشروعات التي تساعد الفقراء والمحتاجين على تحسين حياتهم من خلال تحسين ظروفهم المعيشية ورفع إنتاجيتهم الشخصية، وهذا بالتأكيد أفضل وأنفع والله أعلم.

نقلا عن الجزيرة