أرجوك لا تقتل الطموح

26/05/2016 6
م. برجس حمود البرجس

الشاب السعودي لا يفقه ثقافة العمل، لماذا لا يقبل الشاب بالعمل كهربائيا وسباكا، البطالة اختيارية، الكهربائي في اليابان ياباني، السباك في ألمانيا ألماني، البائع في أميركا أميركي، السعودي يريد وظيفة مكتبية وراتبا عاليا وجرائد، العمل الشريف لا يُخجل، وغيرها الكثير، هذا ما يردده البعض بإلقاء شماعة فشل البناء في توليد الوظائف على الشباب والشابات.

لا يردد هؤلاء أن الياباني والألماني والأميركي هم من يصنعون الصناعات المتقدمة في بلادهم، ولا يرددون أن التكنولوجيا والتقدم في تلك البلدان لم تأت من الكهربائي والسباك والبائع، بل من العقول التي استثمرت بها الدولة ومراكز البحوث والتطوير والدراسات التي هيأتها لهم الدولة والقطاع الخاص بتلك الدول.

العمل كهربائيا وسباكا وبائعا ليس عيبا وليس مخجلا، هي أعمال تناسب كفاءات محددة، ولكن العيب أن تكون طموح بلد وتوصية وزراء ومثقفين وكتّاب لم يثمنوا حياة هذا المواطن ومستقبل وظيفته المحدودة عندما يكون أسرة ويكبر الأبناء والبنات ويكونون بحاجة إلى رعاية وتعليم وحياة كريمة.

البعض روّج لمفهوم "سرقة الوظائف من قبل العمالة الوافدة" مستدلا بالاستعانة بالشباب والشابات بالعمل بتلك الأعمال لنقضي على التستر والاحتكار، متناسينا أن سبب ذلك هو غياب النظام، والبعض الآخر يرى أن الإحلال هو الحل مع شرط رفع رواتب السعوديين، وهؤلاء يتناسون أن رفع الرواتب سينعكس على قيمة المنتج والسلعة خصوصا أن الرواتب لا ترتفع مع التضخم وزيادة المتطلبات للحياة الكريمة.

البعض يرى أن يعمل السعودي مكان الوافد مستدلا بالهدر في المبالغ التي يحولها العمالة الوافدة والتي وصلت إلى حوالي 160 مليار ريال سنويا.

هؤلاء يتناسون أننا نحول 650 مليار ريال مقابل سلع نستوردها من الخارج، وهي أيضا لعمالة في بلدانها صنعت سلعا هناك، وكان من الأجدى أن نصنعها نحن هنا في المملكة. الفرق أن الأعمال التي يقوم بها الوافد في بلدنا متدنية ولا ترتقي بطموح أبنائنا وبناتنا، بينما السلع التي نستوردها لو تم تصنيعها هنا في المملكة لوجدت أبناءنا وبناتنا يعملون على صناعة السيارات والمعدات والأجهزة والإلكترونيات والحواسب الآلية.

لو استبدلنا العمالة الوافدة جميعها بسعوديين اليوم، سيبقى الاقتصاد كما هو دون تنمية ودون تطوير ونبقى نستورد كل شيء من الخارج، وليتنا نعي ذلك ونسعى للتقدم بطموح البلد.

أرجوكم لا تقتلوا الطموح ولا تقتلوا التطلعات، كفاكم طلبات بأن نخفض من طموحنا وتطلعاتنا، وأتمنى أن تنظروا للمواطن كـ (أصول) يجب أن نحسن استخدامها في تطوير التنمية والاقتصاد والمجتمع بدلا من النظر له وكأنه (عبء) على البلد وأنكم مجبرون على توظيفه للتخلص من هذا العبء.

الدول المتقدمة ارتقت بعقول وأيدي شبابها وشاباتها، والمملكة صرفت على المواطن منذ ولادته في التعليم والصحة والخدمات الأخرى، وقد آن الأوان لتسترد الدولة تلك الاستثمارات بإعطاء الشباب الفرصة للعمل بما يرتقي بطموحات وطن، خصوصا أنه تمت قبل أسابيع خطة ورؤية 2030 الطموحة.

رؤية 2030 تحدثت عن زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 ملياراً إلى 1 تريليون ريال سنوياً، ورفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، ورفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40% إلى 75%، والسؤال كيف ستحقق الرؤية ذلك في ظل غياب تطوير الأعمال وتوليد الفرص الوظيفية المجدية والمناسبة التي ترتقي للطموح.

نقلا عن الوطن