تعتمد الدول العربية على مصدرين أساسيين في توليد الطاقة الكهربائية هما النفط والغاز الطبيعي ويعتبر الغاز الطبيعي حالياً أفضل مصدر لتوليد الطاقة لقلة الانبعاثات البيئية الصادرة عن حرقه مقارنة بالفحم وغير مرتفع الكلفة مقارنة بالطاقة الشمسية وأفضل من الطاقة النووية من حيث عوامل الأمان والسلامة.
لقد تضاعف استهلاك الدول العربية للغاز الطبيعي ما بين الفترة 2000-2015م ويتوقع أن تضاعف طلبها مرة اخرى من أجل توليد الطاقة الكهربائية بعد عشرين عاما ولهذا سيتحول كثير من الدول العربية إلى مستورد للغاز الطبيعي.
وما زالت الدول العربية فقيرة بموارد الطاقة البديلة من نووية ومتجددة. فلم تتعد كمية الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة في كل الدول العربية 5%. ولا يوجد إلى الآن أي محطة نووية لتوليد الطاقة في العالم العربي، وقد تنتج الطاقة النووية في الامارات بعد عدة سنوات.
وتملك الدول العربية حوالي 30% من الاحتياطيات العالمية للغاز الطبيعي اذ تصل احتياطيات العالم العربي حوالي 55 تريليون متر مكعب مقابل 187 تريليون متر مكعب من الاحتياطيات العالمية. إلا أن معظم الدول العربية أظهرت رغبتها باستيراد الغاز وحتى بعض دول الخليج الغنية بالنفط أصبحت مستوردةً للغاز مثل الكويت والامارات وعمان حتى لا تحرق النفط لتوليد الطاقة.
وتستهلك الدول العربية حوالي 12% من الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي ويشكل استهلاك المملكة لوحدها من الغاز حوالي ربع استهلاك الدول العربية مجتمعة.
وتتجه بعض الدول العربية للاعتماد أكثر على الغاز المسال لتوليد الطاقة وبدأنا نشهد سنوياً انضمام دول عربية جديدة لنادي الدول المستوردة للغاز أو الغازالمسال. وتبقى قطر والجزائرأهم دولتين عربيتين بالنسبة لتصدير الغاز الطبيعي.
تملك إيران ثاني أكبر احتياطي للغاز بالعالم ولم تصدر منه كميات كبيرة بسبب العقوبات الدولية. إلا أنه وبعد رفع العقوبات تقوم إيران بتحديث البنى التحتية وتطمع بعض الشركات العالمية مثل شل وتوتال في الاستثمار في صناعة الغاز الطبيعي وقد تكون ايران في وضع يسمح لها بتصدير كميات كبيرة من الغاز في غضون عدة سنوات إما عن طريق الانابيب أو عن طريق تشييد مصانع لتسييل الغاز الطبيعي ومن ثم تصديره عبر الخليج العربي.
إلا ان احتياطيات ايران الضخمة وقربها من الدول العربية يشبه إلى حد بعيد الغاز الروسي وهيمنته على بعض الدول الاوروبية التي أصبحت تبحث عن بديل له مثل اوكرانيا وحتى تركيا.
وتبحث إيران مد انابيبها إلى دول الجوار وفعلاً ستزود العراق وقد يصل الانبوب إلى سوريا. ووقعت مع عمان اتفاقية لتزويدها بالغاز.
تصدر قطر حوالي 133 بليون متر مكعب من الغاز سنوياً حوالي 20% منها فقط تذهب إلى الامارات وعمان عبر انابيب دولفين والباقي يصدر كغاز مسال لباقي دول العالم.
وتصدر الجزائر سنوياً حوالي 46 بليون متر مكعب يذهب الى اوروبا بالانابيب تحت المتوسط حوالي 28 بليون متر مكعب والباقي يصدر كغاز مسال.
وتصدرعمان 8 ملايين طن واليمن حوالي 7 ملايين طن ومصر والامارات حوالي 6 ملايين طن سنوياً.
وهذا يشير الى ان الدول العربية تنتج حوالي 45% من الانتاج العالمي للغاز المسال. ولكن يبدو واضحاً ان التخطيط لاقامة مشاريع تصدير الغاز المسال لم تكن مدروسة جيداً وكانت مستعجلة في بعض الحالات.
فعلى سبيل المثال في مصر، لا ينتج المصنع حالياً إلا حوالي 0.3 مليون طن بالسنة وهو أقل من الطاقة الانتاجية بكثير وذلك بسبب ارتفاع الطلب الداخلي. وأما الامارات فهي تصدر وتستورد في نفس الوقت وهذا يعني ان قرار التصدير قبل سنوات لم يتوقع نمو الطلب الداخلي السريع.
وتصدر عمان الغاز المسال بعقود طويلة الاجل الى كل من اسبانيا واليابان وكوريا الجنوبية ولكنها تدرس حالياً استيراد الغاز المسال. وفي عام 2014م انتجت عمان حوالي 8 ملايين طن غاز مسال بينما الطاقة الانتاجية للمصنع تقدر بحوالي 11 مليون طن أي انها تنتج اقل بكثير من طاقتها بسبب ارتفاع الاستهلاك المحلي الذي قفز في اخر خمس سنوات. وتستورد عمان قليلاً من الغاز عبر انابيب من قطر ووقعت مؤخراً اتفاقية مع إيران لاستيراد الغاز.
يرتفع اعتماد الدول العربية على الغاز المسال مع الوقت، ففي عام 2013م وعلى سبيل المثال استهلكت الكويت 1.6 مليون طن وارتفعت هذه الكميات الى 3 ملايين طن في عام 2015م اي تضاعفت في سنتين وهذا يعرض مدى اهمية الغاز المسال النظيف في توليد الطاقة ولاسيما في فصل الصيف حيث الطلب الكبير على التكييف في دول الخليج ولقد شيدت البحرين منصات استقبال للغاز المسال وستعمل العام القادم وتفاوض البحرين الروس لشراء الغاز المسال وتبني ابو ظبى محطة ستكون قادرة على استقبال 9 ملايين طن غاز مسال سنوياً بعد سنتين بالفجيرة، وأما الاردن فهى تبني حالياً محطة لاستقبال الغاز المسال، واما مصر فلقد بدأت باستقبال الغاز المسال العام الماضي. وحتى المغرب وباكستان فجميع هذه الدول ستستقبل قريباً شحنات الغاز المسال.
يتوقع أن تنخفض اسعار الغاز المسال كثيراً بسبب ارتفاع الطاقة الانتاجية العالمية بفضل المصانع الاسترالية والأمريكية وبسبب انخفاض الاستهلاك الياباني وبسبب انخفاض اسعار النفط العالمية.
وستبحث الشركات العالمية المنتجة للغاز المسال عن زبائن وعملاء لشحنات كبيرة قد لا تجد من يشتريها ولهذا فمن غير الحكمة الاستعجال وتوقيع عقود طويلة الاجل مع دول لا تكن المودة وصفاء النية للدول العربية.
من غير المفهوم استعجال بعض الدول العربية في تشييد محطات تصدير غاز مسال قبل عشر سنوات قبل ان تدرس نمو طلبها المحلي وحاجتها المستقبلية الكبيرة لهذا الغاز.
فعلى سبيل المثال لا تستطيع مصر ان تلبي الكميات المطلوبة من شركة بي جى من الغاز لتصديرها وهذا ما اوقعها ببعض المشاكل القانونية بسبب توقيع عقود طويلة الأجل.
ولذلك قد تضطر بعض الدول العربية لاستيراد الغاز من الخارج حتى تؤمن لمصانعها الكميات التي التزمت بتصديرها.
الأكيد ان التخطيط بعيد المدى مطلوب ولذلك فان انشاء مراكز لدراسات الطاقة في الدول العربية ربما يساعد هذه الدول بتقديم المعلومة الصحيحة قبل التوقيع على أى عقد طويل الأجل بدون النظر للمستقبل.
اكتشف مؤخراً في مصر كميات كبيرة من الغاز الطبيعي والتي يمكن استغلالها للاستهلاك المحلي بعد حوالي 3-4 سنوات وبذلك فان مصر ليست بحاجة لتوقيع عقود طويلة الاجل مع احد لانها قد لا تحتاج الى مثل هذه العقود الملزمة والمكبلة.
ويمكنها استيراد ما يكفي حاجتها من الغاز المسال ولاسيما ان اسعاره ستكون منخفضة وتستطيع ان تلتزم بعقود تمتد الى 3-4 سنوات لحين الانتهاء من تطوير حقولها الجديدة.
المشكلة في توقيع عقود الغاز المستوردة عبر الانابيب انها طويلة الاجل وتمتد الى 20 عاما وقد لا تحتاج مصر لمثل هذه العقود.
نقلا عن اليوم