فاتورة المياه.. لا جديد لثقافة الإدارة التجارية بالفكر الحكومي!

27/03/2016 8
عبدالرحمن الخريف

هناك حقيقة يجب التأكيد عليها لجميع الجهات المسؤولة عن إقرار الأسعار الجديدة للمياه والكهرباء بان الاعتراضات التي برزت على الفواتير الأخيرة لشركة المياه بسبب المبالغ الكبيرة ليست اعتراضا على رفع أسعار المياه كما يصوره البعض لتمرير الخطأ الذي ارتكب بحق المستهلك، لكون الجميع يرحب بأي قرار يهدف فعلا لترشيد استخدام الموارد الطبيعية بشكل عام وإيقاف الهدر بها، وهو الامر الذي يلزم جهاتنا كشركات خدمية وإشراقية على تحري الدقة في تحديد كميات الاستهلاك العادل لكل وحدة سكنية، والاهم الشفافية في تفاصيل التطبيق ودقة النظام التقني لتطبيق القرار وبما لا يتناقض مع المبررات التي رفعت لمُصدر القرار!

اما تعامل الشركة الخدمية وهي ترى حجم الاعتراضات والاخطاء بفكر "نحن جهة حكومية" ويجب السداد ومن ثم تقديم الاعتراض وتحويل الملاحظات على فواتيرها "إعلاميا" بانها اعتراضات على ترشيد الاستهلاك، فان ذلك يمثل تضليلا عن السبب الحقيقي لما حدث ويتطلب فتح ملف الدراسة التي بناء عليها تم تقليل شرائح الاستهلاك للتأكد من حقيقة ماروج له بان الأسعار الجديدة لن يتأثر منها معظم المواطنين.

واذا كان الامر يتطلب ان يتم الإسراع في تصحيح أخطاء سابقة في استهلاك المياه فانه من المهم ان تكون لدينا الجاهزية لذلك ونعمل لإنجاح التوجه المطلوب من المجتمع، ولا نركن فقط على ان القرار "حكومي" اتخذ ويجب تنفيذه!

لكون القرار يعتمد على الدراسات والاثار المتوقعة للتطبيق التي تقدم من الشركة ووزارة المياه والكهرباء التي للأسف لا تنظر للوضع العام بنظرة شمولية عند تقدير الكمية العادلة والتكلفة العادلة لإنتاج وتوزيع المياه، لكون الهدف ليس استخدام مبالغ الفواتير لتغطية الفشل والهدر المالي بالشركات الخدمية الذي ضخم من تكلفة المياه والكهرباء والتي يقاس عليها قيمة الدعم المطلوب رفعه، ومن جانب اخر يجب ان تكون هناك جاهزية للنظام التقني لاحتساب الفواتير وهو الامر المهمل في جميع جهاتنا لأننا كمسؤولين نعتقد ان ذلك امر تنفيذي من السهولة تطبيقه بالنظام، في حين ان المبرمجين الفعليين للنظام ومعظمهم تابع لشركات وأجانب لا يدققون في تفاصيل التطبيق واهمية التفريق في الوحدات ونوعية الاشتراك قبل الفوترة والتي ليست متوفرة لديها المعلومات الصحيحة لعدد الوحدات بكل مبنى، أيا كان يجب ان تكون المعلومات دقيقة قبل التطبيق ولكن ثقافة الفكر الحكومي "نحن من يفهم فقط" مازالت تدير شركاتنا وبتحميل المستهلك تبعات اخطائها التي بسبب طول إجراءات التصحيح والتسلط لم يكن امام المواطن ومنذ انشاء الشركة الا سداد الفواتير المجحفة، كما انه في الجانب الاخر هناك اجتهادات في التطبيق بعدم احتساب وحدات سكنية مستقلة وفق رخص البلدية وعلى الطبيعة والقرار مثل الفلل التي تحتوي على فلة وشقتين والتي تتشدد الشركة في اعتبارها وحدتين فقط استنادا على تنظيم داخلي وهو ماساهم أيضا في تضخيم الفواتير لمن كانت تحمل كميات استهلاكه صحيحة، وهذا خلاف الفواتير التي قفزت بها كميات الاستهلاك بشكل خيالي عن الأشهر الماضية! وهو ما يثير التساؤلات كماليين عن الاحترافية في استثمار الأخطاء.

اننا نتذكر جميعا الشكاوى من ارتفاع فواتير كهرباء ومياه وكان مسؤولو الشركة والوزارة حينها يؤكدون بصحتها وانها وفق احدث الأجهزة، ثم اُكتشف تهاون وتلاعب قارئي العدادات وتسجيل قراءات وهمية ورمي الفواتير في الحاويات ومثلها الأخطاء الكبيرة في الفواتير التي اكتشفت باحدى شركات الاتصالات وأيضا التلاعب الذي حدث في آلات الصرف وسرقة الأموال والتي كانت تؤكد مؤسسة النقد والبنوك بصحة العمليات لتكتشف جهاتنا الأمنية كيف تمت سرقة الملايين، والمؤسف انه مع اكتشاف تلك السرقات ومعرفة الشركات والبنوك بذلك لم يتم إعادة الحقوق للمتضررين بسبب وجود ثقافة منتشرة لدى شركاتنا وبنوكنا يجب ان تنتهي وهي الثقافة التي لن تتغير الا بمحاسبة المتسبب في احداث بلبله تؤثر على الهدف من أي توجه تصحيحي لخدماتنا.

نقلا عن الرياض