إغلاق التموينات الصغيرة وقريبا الحلاقين

24/03/2016 9
م. برجس حمود البرجس

ذكرت بعض الصحف هذا الأسبوع أن مجلس الشورى أو بعض لجانه أوصت باقتراح لإغلاق محلات التموينات الصغيرة التي توجد في الأحياء نظراً لعدم جدوى سعودتها، وأيضا للمساهمة في القضاء على التستر. وهذا دليل واضح على أنه لا توجد جهود ممنهجة ومطمئنة للقضاء التستر، ولذلك سنقرأ قريباً عن إغلاق مغاسل الملابس ومحلات الحلاقين والبوفيات والمطاعم.. حيث إن أغلبها أوكار للتستر، هذا إذا كان لدينا نية للقضاء على التستر، وأنا شخصياً أشك في ذلك. 

قد يجادل البعض مبرراً بأن محلات التموينات تختلف عن بقية المحلات الأخرى فيوجد لدينا تموينات كبيرة - بدون ذكر أسماء - وغيرها التي ستسد الحاجة بعد إغلاق التموينات الصغيرة، فإن كانت كذلك، فهذا يعني أنه لا توجد نوايا لمحاربة التستر في محلات الخضار والحلاقين والمغاسل وغيرها.

لا زالت التوصيات والقرارات التي تصدر من الوزارات والهيئات ومجلس الشورى غير معتمدة على دراسات عميقة، وهي مجرد أفكار وعُمل لها دراسة سهلة وسريعة، فنعتقد أننا سنقضي على التستر، ولكننا سنتفاجأ بأننا نساهم في الاحتكار، والاحتكار أنواع وأخطره أن يتفق المتنافسون ضد المواطن، وعلاماته واضحة وهي عدم تنافس التجار في خفض الأسعار.

توصيات ودراسات وقرارات عشوائية مثل إغلاق محلات التموينات الصغيرة، وإغلاق المحلات الساعة التاسعة (المولات)، وإعطاء الزوج إجازة 6 أشهر عند ولادة زوجته، وغيرها الكثير من المقترحات التي ستأتي في الطريق ما هي إلا محاولات يائسة لتوفير الفرص الوظيفية، هذا السبب الرئيسي ولكنه يؤطر تحت "محاربة التستر" ليحظى بالترحيب.

أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- قبل أشهر قليلة بتأسيس "هيئة توليد الوظائف ومحاربة البطالة" وارتبط في ذهن الجميع أن هذه الهيئة ستكون لتوليد الوظائف مع تطوير الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل للدولة ومنافسة الدول المتقدمة بسواعد الكوادر الوطنية، ولكن ها نحن نتحدث عن سعودة محلات صيانة الجوالات وليس تصنيع أجهزة الجوالات، ونتحدث عن إغلاق المولات الساعة التاسعة وإغلاق تموينات صغيرة وسعودة المخابز، والقائمة تطول والقادم أكثر. ليس هذا ما بدأت به فكرة "توليد الوظائف".

مع المزيد من هذه الأعمال ومنذ 5 سنوات، بدأ متوسط الرواتب في انخفاض لأن زيادة التوظيف في الوظائف المتدنية والبسيطة والرخيصة، وارتفعت السعودة الوهمية، وهذا في تزايد في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والخدمات الطبية والتعليمية والسكن وغيرها من المصاريف وأعباء الحياة، وارتفاع القروض الشخصية، فهل نستطيع قراءة المستقبل من خلال هذه المعطيات؟ كانت -ولا تزال- هناك محاولات لتطوير الصناعات التحويلية وصناعة السيارات وصور لهما صور خضراء وهي بعيدة عن ذلك وكتبنا بهما مقالات توضيحية.

ذكرنا كثيرا أنه لن تكون هناك حلول للوظائف وتنويع مصادر الدخل والاستدامة ما لم يتم تطوير معامل البحوث والتطوير والدراسات في الجامعات والقطاع الخاص لتنتج أفكارا وتصاميم لسلع وصناعات متقدمة وخدمات متقدمة وتكنولوجيا، ويقوم على تصنيعها والعمل عليها شباب وشابات الوطن، ونستطيع بسواعد هذه الكوادر البشرية منافسة الدول المتقدمة؛ هذا ليس مكانا لوضع الحلول، فالحلول تأتي من مراكز الدراسات ولكن الدولة التي لا تملك الأيدي العاملة الرخيصة، ليس أمامها إلا إنتاجية الفكر والابتكارات، فكتبنا سابقا عن نموذج (فولكس واجن) و(بوينج) حيث تتم الهندسة والتصاميم من قبل 20 ألف موظف يوفرون وظائف لمئات الآلاف من الموظفين الذي يقومون على صناعة تلك التصاميم.

نقلا عن الوطن