المعايير المطلوبة لحوكمة الشركات

17/03/2016 1
د. عبد القادر ورسمه غالب

تقوم الشركات الكبيرة الآن باتباع مبادئ حوكمة الشركات، وذلك وفقا للقوانين السارية، وتنفيذا لهذا المنهج تضع الشركة الإطار العام لمعايير الحوكمة التي ستتبعها في هذا المجال، والذي ما زال يعتبر حديثا لدرجة ما في بعض البلدان.

ومن المهم أن نوضح أن معايير الحوكمة التي تضعها الشركات قد تختلف من شركة لأخرى ومن نشاط لآخر ومن حجم لآخر وهكذا، ومن المهم أيضا الإشارة إلى أنه ليس هناك نموذجا «ثابتا» على الشركات القيام بتطبيقه حرفيا.

ومن هذا يتبين وجود نوع من السلاسة والانفتاح في ما يتعلق بوضع أو التقيد بالالتزام بحوكمة الشركات.

ولكن، في جميع الأحوال هناك معايير أساسية و«مفصلية» لا بد من الإتيان بها والسير وفق هداها كحد أدني بغية تصنيف الشركة بأنها ملتزمة باتباع المعايير المطلوبة تطبيقا للحوكمة السليمة. وفي هذا، لو تعلمون، مكسب جد كبير.

ومن هذه المعايير الأساسية المفصلية نذكر، على سبيل المثال، توفير وإعداد وصياغة نظام أو لائحة الحوكمة الخاصة بالشركة. وهذه اللائحة، أو النظام، تعتبر الوثيقة القانونية الأساسية المنظمة للحوكمة في الشركة المعنية.

ولذا يجب أن تكون صادرة وفق الصلاحيات والضوابط والاختصاصات القانونية المطلوبة، وإلا فإنها تفقد صلاحيتها ولا يعتد بها باعتبارها «خارج الاختصاص».

وهذه الوثيقة القانونية يجب أن تتضمن نبذة مقتضبة عن الشركة وأهدافها والصلاحيات القانونية المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف.

وهذا يشمل الإشارة للجهات القانونية التي تراقب وتشرف على الشركة والسند القانوني لهذا الحق، مع تبيان كافة نشاطات الشركة واستراتيجيتها المستقبلية وغيره، وكيفية تنفيذها.

وبصفة خاصة، لا بد من ذكر تفاصيل المعايير الأساسية للحوكمة المتعلقة بالإفصاح والشفافية والمساءلة والضوابط المطلوبة لتنفيذ هذه المعايير والالتزام بها وكيفية التنفيذ إضافة لتوضيح المخاطر المرتبطة بهذه المخاطر وكيفية مجابهتها للحد أو التقليل من آثارها.

وفي هذا الإطار، فإنه لا بد من توضيح كيفية تكوين مجلس الإدارة وصلاحيات هذا المجلس واللجان التابعة له ودور كل منها، وكيفية التنسيق بين كل هذه المنافذ لضمان تنفيذ مبادئ الحوكمة بأفضل الطرق وأسلمها، إضافة لدور الإدارة التنفيذية العليا والصلاحيات الممنوحة لها من مجلس الإدارة بكل شفافية.

وهناك ضرورة للإشارة لكافة الضوابط المتوفرة في الشركة لضمان المراقبة المؤهلة والمتمكنة من مراقبة ومراجعة كل ما يتم في الشركة.

وهذا يشمل وجود الدوائر المختصة للقيام بالرقابة المطلوبة، مثل دائرة التدقيق الداخلي ودائرة المخاطر والدائرة القانونية ودائرة متابعة الحوكمة ودائرة الالتزام وغيره من الدوائر ذات العلاقة الإشراقية والرقابية.

وبالإضافة لوجود هذه الدوائر، لا بد من التأكد التام من وجود اللوائح المطلوبة للدرجة التي تمكن أي من وكل هذه الدوائر من تنفيذ مهامها بكل وضوح مع توفر الضمانات التي تمكنها من متابعة التنفيذ، وكل التفاصيل المرتبطة بالتنفيذ، كلما تطلب الأمر ذلك.

ومن المعايير الهامة التي يجب التقيد التام بها، ضرورة توفير الضمانات المطلوبة لتقديم أفضل الخدمات لجميع أصحاب المصلحة «ستيك هولدرز» مع الشركة.

وهذا بالطبع، يشمل المساهمين والمتعاقدين والزبائن وكل أطراف المجتمع الذي تم الترخيص للشركة من أجل خدمته.

وبالإضافة لهذا، العمل على توفير الحماية القانونية المطلوبة لفئة هامة من أصحاب المصلحة بالشركة وهي فئة العاملين في الشركة.

وفي هذا الخصوص، يجب توفير اللوائح التي تضمن حقوق هذه الفئة من جميع النواحي العملية والشخصية والعائلية.. وهذا يعتبر الآن من المتطلبات الهامة للمعايير الأساسية لحوكمة الشركات… «والأقربون أولى بالمعروف».

وبالنسبة للشركة، فللمجتمع الذي تعمل فيه حق عليها، ولذا فمعايير الحوكمة تطالب بتوفير الإمكانيات التي تمكن الشركة من الإيفاء بالمتطلبات الرئيسية نحو المجتمع تحقيقا للمساهمة الاجتماعية «المجتمعية» من الشركة. ومن تحقيق هذه المساهمة يعود جزء من الفضل للشركة لأن المجتمع سيقدم لها كل الدعم باعتبارها جزءا لا يتجزأ منه…

النقاط المذكورة أعلاه تمثل، وإلى حد كبير جدا، المعايير الأساسية التي يجب أن تلتزم بها الشركة تحقيقا لسعيها في تفعيل الحوكمة وتطبيقها للوصول إلى الهدف.

ولذا ننصح بالامتثال لهذه المعايير عند صياغة نظام أو مبادئ الحوكمة للشركة، ولكن لا بد من مراعاة الوضع الخاص بالشركة وتفصيل نظام الحوكمة على قدر القياس المناسب للشركة من دون زيادة أو نقصان، وإلا خرب الدار وما به.

هناك شركات كثيرة وفي خضم سعيها الحثيث لتطبيق الحوكمة تقوم بوضع نظام الحوكمة بصورة مليئة بالتفاصيل غير الضرورية، وربما للدرجة التي تشكل عائقا في فهم المقصود من الحوكمة مما يؤدي إلى نتائج عكسية تعود بالضرر بدلا عن الفائدة.

وفي هذا ننصح بالبساطة والوضوح التام في صياغة مبادئ الحوكمة مع تجنب الاقتباس غير المبرر وتجنب كل ما يقود إلى التعقيد أو سوء الفهم أو ازدواجية المعايير. والوضوح والإفصاح الواضح يحقق الوصول بسلامة لمرمى الهدف في مباراة الحوكمة.

نقلا عن جريدة عُمان