تجربتنا في الإسكان ثرية، لكننا نهملها ولا نعطي تلك التجربة الثرية الناجحة إلى الحد البعيد أي اعتبار، بل ونصر أن ننساها، ونعيد اختراع "أم" العجلة! وبعد أن نخترع العجلة نعود لنخترعها من جديد!
وهذا أمر مؤذ بالفعل، ولا سيما أننا في مجال بحثنا عن مشاكلنا نبدأ بأن نذهب لما وراء الحدود، وكأن تلك الأماكن البعيدة هي أرض الحلول لمشاكلنا!
بينت في هذا الحيز قبل أيام قليلة، كيف تمكنا قبل أربعين سنة من الآن من ابتداع حل لنقص السكن وارتفاع الايجارات، من خلال منظومة بسيطة لكنها فعالة ومتكاملة، وكان أحد أذرعها تأسيس صندوق التنمية العقارية في صيف 1974م.
وبالإضافة لذلك فلدينا تجربة ثرية في تخطيط وانشاء وإدارة التجمعات الحضرية من الصفر، ومع ذلك فلا يبدو أننا نعيرها أي اهتمام أو نعطيها أي اعتبار، رغم أنها تجارب ناجحة وفعالة، ويجب أن تحاكى أو على الأقل أن تكون نقطة البداية لأي حل أو مقترح لمعالجة أزمة الإسكان، التي ندور حول حماها، دون أن يكون هناك وضوح بقرب وصولنا إلى آلية واضحة المعالم لحلها.
تجربة الجبيل وينبع تستحق التأمل، ويمكن أن نتعلم منها الكثير ليس بهدف تثقيف الذات، بل للاستفادة من تلك التجربة السعودية المميزة لحل أزمة السكن.
المدينتان الصناعيتان لم تتطورا عبثاً أو كيفما اتفق، بل تطورتا بناء على إستراتيجية ورؤية وخطة إستراتيجية، وكان لجانب التخطيط الحضري نصيب مهم إن لم يكن أساسيا، فالأمر لم يكن سكناً فقط، بل لتطوير منظومات حضرية راقية ليس من حيث التكلفة، فكل المساكن هناك "بريكاست"، بل من حيث تكامل الخدمات بما يرتقي بجودة الحياة في المدينتين الناشئتين، انظر إلى حي مثل حي الفناتير في مدينة الجبيل الصناعية وتأمل في هذه تجربة هذا الحي، التي امتدت عقوداً، وتمعن في جوانبها التخطيطية والاسكانية والاجتماعية، فستجدها تجربة ثرية.
"الفناتير" حي من أحياء كثيرة، لكل منها طابع، ساهم السعوديون المهرة والاختصاصيون في تخيلها وتصورها وتخطيطها والاشراف على تنفيذها ثم الاشراف عليها لتبقى وتستمر رائعة كما بدأت.
ولذا، فهي تجربتنا نحن، نملكها نحن، لكننا لم نستفد منها عبر السعي لتعميمها خارج مناطق عمل الهيئة الملكية.. لماذا؟!
وخلف هذه التجربة سنوات متتابعة من الإنجازات، وأعداد مهمة من الخبراء والمهنيين السعوديين لديهم خبرة ثرة ويعملون وفق منهجية واضحة المعالم ومُجربة، وضعت على أفضل الممارسات العالمية، ثم طُورت محلياً. وكانت النتيجة أن قامت مدينتان جديدتان هما الجبيل الصناعية وينبع الصناعية.
السؤال: لماذا لم تكن نقطة البداية لحل مشكلة السكن هي تجربة الهيئة الملكية للجبيل وينبع؟ ولماذا لم تعين كاستشاري؟ ولماذا نُصرّ دائماً على اختراع العجلة من جديد؟
ولا أقول هنا إن علينا "قص ولصق" تجربة الهيئة الملكية، لكني أقول إنها تجربة اسكانية ناجحة ولدت من رحم وطننا وعلى أرضه، فهي إذاً وثيقة الصلة بمجتمعنا، يحق لنا أن نفخر بها ونستفيد منها ونطورها. وأزعم أن عدم قيامنا بذلك هو تقصير بحق أنفسنا من جانب، وعدم انصاف لتجاربنا في التنمية من جانب آخر.
ولا يمكن أبدا الاستهانة بتجربة شركة أرامكو السعودية في الإسكان، التي امتدت لأكثر من سبعة عقود. هذه التجربة كذلك تجربة سعودية استفادت منذ البداية من أفضل الممارسات العالمية تخطيطاً وتنفيذاً، وكانت اقتصادية بعيدة عن البذخ، لكنها توفر على الارتقاء بجودة الحياة (quality of life) عبر تكامل الخدمات والحفاظ على الطابع السكني للأحياء.
ولعل من المناسب التذكير أن الشركة أقامت أحياء لموظفيها على تنوعهم، ثم أخذت تخطط أحياء لهم ليبنوا مساكن وفق لائحة تنظم ذلك. اذهب إلى حي الدوحة في الظهران مثلاً وانظر للحي الذي عمره نحو الثلاثين عاماً، وانظر إلى الأحياء التي خططتها أرامكو في بقيق مثلاً، وستجد أنك أمام ممارسة متكاملة المعالم ترتكز إلى منظور شامل وخبرة ثرية متجذرة هنا.
أدرك أنه ليس من السهل إيجاد حل كفؤ وعملي وبسيط لقضية الإسكان في بلد مترامي الأطراف ومعظم مواطنيه من الشباب اليافعين كوطننا الغالي، ومع ذلك فنقطة البداية لمباشرة التفكير في حل أو في تنفيذ الحل ليست بيضاء خالية من أي إنجاز، بل هي صفحة مفعمة بتجارب ناجحة وثرية، لكن لسبب أو لآخر لم تُدرَس بتمعن، وهي صفحة مشبعة بمساهمات ومبادرات لجهات حكومية وأهلية ولمواطنين يمتلكون العلم والخبرة ورصيد النجاحات، فلم نلتفت إلى سواهم؟!
وأكرر لا أتحدث هنا عن "قص ولصق" لتجربة الجبيل وينبع ولا لتجربة أرامكو السعودية بل الاستفادة منهما ومن كوادرهما البشرية المؤهلة للانطلاق إلى حلٍ بمقدوره أن يُنجز أفضل مما أنجزوه، وقد أنجزوا الكثير وبحذق واقتدار كبيرين.
نقلا عن اليوم
استغرب جدا ان يكتب هذا المقال كاتب مثل الدكتور احسان من المقترض ان تعرف جيدا بواطن الامور ارجع معي الي عام 2012 وكيف كانت ازمة الاسكان في طريقها الي الحل الجذري ثم انتكست الامور الي ان وصلنا الي ماوصلنا اليه وحاول ان تجب علي بعض الاسئله لماذا حاربت وزارة العمل العماله في المملكه في تلك الفتره بالتحديد ؟؟؟ .
وزارة الاسكان اصبحت مهزلة ومضحكة فضحتنا في الداخل والخارج السؤال من يعيق حل مشكلة السكن ابحثوا عن المستفيد؟