كثيراً ما نعبر عما نشاهده من سوء في أعمال التنفيذ والصيانة والهدر بالمشروعات بان ذلك حرام وفساد يجب إيقافه، ولكن تأتي الصدمة عندما يجيبك اجنبي يعمل بمشروع حكومي بان "حرام مش كفاية" لما يراه – كأجنبي وليس كسعودي -من هدر بالمال العام وسوء في وضع المواصفات بالعقود او التوجيه باستلام اعمال او مواد غير مطابقة للمواصفات لسرعة استلامها قبل ان تتحول لمشروع متعثر ومن ثم إعادة تنفيذها بمشروع جديد او عقد بالصيانة كواقع مشاهد بمدننا بما فيها مدن كبيرة تتوفر بها الكفاءات الوطنية ومتطلبات الرقابة! وعندما ترى رداءة انواع المولدات والمحولات وكثرة تعطلها او تقف على اعمال الإصلاح لانكسارات المياه المتزايدة بالشوارع الرئيسة او الاحياء ستكتشف مع فرق الصيانة حجم المياه المهدرة تحت الأرض بسبب رداءة الانابيب والتوصيلات وستقتنع بان رفع أسعار المياه لن يؤثر على ارقام استهلاك المياه المسجلة علينا بسبب ان ما سيتوفر بالشبكة العامة سيتسرب عبرها لباطن الارض، بل ان كل التكاليف المالية لتوفير الكهرباء والمياه والتي يجب ان نتحملها ولو مرحليا ليست جميعها تمت وفق المعايير الدولية لقياس تكلفة توفير خدمات مستدامة يجب ان توضع لها المواصفات العالية والاهم تنفيذها وتوريدها من قبل المقاولين بالجودة المطلوبة، فتكاليف الصيانة العالية وتعدد الأعطال والانكسارات وبعضها بمكان واحد يؤكد ان هناك انفاقا عاليا ماكان يجب ان يكون لو ان التنفيذ تم وفق احدث المواصفات.
وجميعنا عند ملاحظتنا لأي خلل في تنفيذ المشروع الحكومي نسارع بإلقاء اللوم على المقاول ولجان الاستلام وجهاز الاشراف المتهاون مع المقاول، ولكن على الرغم مما يتم اكتشافه من خلل وتقصير وفساد ببعض المشروعات وما يصدر من قرارات لإعادة التنفيذ على حساب المقاولين، الا ان المشكلة المغيبة بمشروعاتنا هي المتعلقة بمواصفات المواد المطلوبة وكفاءة مايتم تنفيذه لمشروع فيه استدامه للبنية التحتية كالكهرباء والمياه، وكثيرا مانجد عند اصلاح التسربات بالشبكة العامة ان ماتم تنفيذه لم يكن سوءا بالتنفيذ بل نقص وسوء بمواصفات الانابيب والتوصيلات من الشبكة العامة للمنازل المعتمدة بالعقود! حتى ان بعض المواسير المستخدمة لتوصيل المياه للمنازل من سوئها ورداءة صنعها لا يستخدمها مقاولو بناء الفلل التجارية المعدة للبيع ممن يحرص على توفير التكلفة بمشروعاتهم!
ولكون السبب في ارتفاع الاستهلاك للمياه يتهم به المواطن في حين ان الهدر بالشبكة العامة كان وفق تصريحات سابقة اكثر من (25%) وانه تم الاستبدال لشبكات المياه لكامل بعض الاحياء بسبب سوء المواصفات والتنفيذ بالاضافة لقدم ورداءة بعض المولدات والمحولات الكهربائية ذات قوة التحمل المحدودة، فان ذلك يمثل هدرا مائيا وماليا لا يتحمل مسؤوليته المواطن، وخصوصا انه تم اكتشاف عدم صحة تبريرات المسؤولين والمهندسين السابقين عن سوء تنفيذ تلك المشروعات واستلامها بظهور ملاحظات من جهات رقابية، ولاننا متجهون نحو الخصخصة الكاملة ومع مانراه حاليا ايضا في شبكات الصرف الصحي والمواصفات والحجم الصغير للانابيب بالشوارع الكبيرة داخل الاحياء لن تكفي لتصريف احياء كبيرة شامل مياه الامطار بالمنازل والذي قد يكون السبب في تخفيض احجامها هو التكلفة المالية المعتمدة للعقود، وبالتالي فان مسؤولية جهاتنا هي التأكد من ان تنفيذ مشروعاتها تم وفق اعلى المواصفات قبل تحميل المواطن بتكاليف غير عادلة يستفيد منها مقاولو الصيانة مع العمل على منع دخول المولدات والانابيب الرديئة الصنع حتى وان نصت عليها مواصفات عقودنا للمحافظة على الجودة والسلامة للمحطات والمنازل وعدم تسرب المياه بالشبكة العامة وداخل المنازل التي يجهل ملاكها مواصفاتها.
نقلا عن الرياض