الخط الساخن والتستر التجاري «2-2»

05/06/2014 3
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

يعتبر التستر التجاري مشكلة كبيرة تواجه الوطن ولا تقل شأناً عن مخاطر أمن المعلومات والإرهاب، لذلك يجب أن يواجه بعزيمة وحزم لما له من تبعات سلبية على الوطن والمواطن.

وكان يفترض أن يتراجع التستر التجاري بعد صدور نظام الاستثمار الأجنبي، لكنه لا يزال يمارس بقوة وواسع الانتشار.

ولقد منحت الحكومة الرشيدة الفرصة للمتسترين والمتستر عليهم للإفصاح عن أعمالهم التجارية والعمل في إطار الضوابط التجارية الصحيحة، لكنهم لم يستغلوا هذه الفرصة، لذلك يجب مواجهتهم بقوة على جميع المستويات وبشتى الوسائل.  

ولأن الحاجة أم الاختراع فقد قام المخالفون بالالتفاف حول الأنظمة التجارية في المملكة؛ لتغطية الأعمال التجارية التي تستغل التستر لتحقيق أهدافها الخاصة، لذلك كان من الأجدر تشكيل لجنة رقابة فاعلة ومخيفة وحازمة تعمل بشكل دائم لمتابعة حالات التستر في جميع أنحاء المملكة، بل وإعطاء الحاكم الإداري في كل منطقة إدارية صلاحية مصادرة ممتلكات واموال المخالفين بسرعة بعد تطبيق العقوبات التي ينص عليها نظام مكافحة التستر التجاري، ثم ترحيلهم ومعاقبة السعوديين الذين تستروا عليهم بلا هوادة بالسجن والغرامة معاً.

والحقيقة أن صدور اللوائح والأنظمة المتعلقة بمكافحة التستر ليس كافياً إذا لم يكن هنالك العدد الكافي من اللجان التي تتابع التستر التجاري في جميع مناطق المملكة، ناهيك عن ضرورة توافر الحوافز الكافية لأعضاء هذه اللجان للقيام بمهامهم على الوجه المطلوب.

فتفعيل اللجان يساعد على مكافحة التستر ويزيد من تفعيل آلية ومتابعة تنفيذ القرارات الصادرة لمتابعة المخالفين. فالتنسيق بين الجهات المعنية بهذا الشأن الوطني النبيل يكاد يكون غير متوافر ما يشجع المتستر والمتستر عليه بالاستمرار في ممارسة الأعمال التجارية المخالفة للوائح والأنظمة التجارية المعمول بها في المملكة.

ويساهم المواطن في التستر التجاري حينما يسمح للوافد باستخدام سجله التجاري مقابل مبلغ مالي زهيد.

وهنا يلعب وعي وحس المواطن دوراً كبيراً في وضع نهاية لمثل هذه التصرفات غير الأخلاقية والخطيرة التي تضع اقتصادنا وأبناءنا وبناتنا في سجلات البطالة، بل يرتكب البعض منهم الجرائم بدافع الحاجة الماسة للقمة العيش، وهذا ما تشير إليه سجلات الأمن من تصاعد ملموس لجرائم السرقات والجرائم الأخرى غير الأخلاقية. وكما يقال من أمن العقاب أساء الأدب، بل من أمن العقاب ساءت أخلاقه ومواطنته.

وأطرح هنا تطبيق نظام الخط الساخن «الهاتف الساخن» للإبلاغ عن حالات التستر التجاري، بحيث يقدم للمبلغ عن حالات التستر التجارس مبلغ مالي مجزٍ بعد ثبوتها على المتستر والمتستر عليه.

واتوقع أن يكون للخط الساخن فوائد كثيرة منها فاعلية البلاغ وسرعته وسريته، مما يجعل حالات التستر تنكشف من قبل أصحابها عند افصاحهم عن رغبتهم في تسجيل أعمالهم ضمن الشركات التي ينطبق عليها نظام هيئة الاستثمارات العامة السعودية.

وستحفظ سرية المبلغ لتحفز الذين يعرفون عن المتسترين والمستر عليهم تجارياً من غير خوف أو شعور بالانتقام، خاصة في حالات الإبلاغ عن التستر التجاري التي يكون وراءها أشخاص من ذوي النفوذ واستغلال السلطة والذين ربما يشعرون أنهم فوق مصالح الوطن والأمن والاستقرار.

والخلاصة أن مكافحة التستر التجاري مسئولية كل مواطن لأنه يضر الوطن والمواطن، حيث يتأثر منه قطاع الأعمال والمواطنون الذين يبحثون عن عمل.

نقلا عن اليوم