المساهمات العقارية بين الماضي والحاضر

18/07/2023 0
د.صالح السلطان

المساهمات العقارية التي أقر مجلس الوزراء الموقر نظامها حديثا نوع نشاط تجاري عقاري سواء في مرحلة التخطيط للأرض أو التطوير العقاري من تصميم وبناء وتوابعه. وعماد التمويل جمع أموال من مستثمرين كبار وصغار بغرض تحقيق ما سبق، المساهمات ليست وليدة الساعة، فأصل النشاط كان موجودا من قبل. شهدنا طفرة في آخر عقد من القرن الهجري الماضي، الموافق عقد السبعينيات من القرن الميلادي الماضي. وكانت المساهمات العقارية موضع طفرة، وشكلت جزءا من تطوير القطاع العقاري في المملكة، وتحكمها تعليمات وزارية. لكن بالنظر إلى كثرة المشكلات والأخطاء، فقد جاءت الحاجة إلى وضع النظام.

خطوات المساهمات العقارية

المرحلة الأولى أي البداية باختيار العقار المراد شراؤه. ثم تأتي مرحلة البحث عن مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال للمشاركة في المساهمة، فتمويل شراء العقار بعد إقناعهم بجدوى ذلك، والسعر وتفاصيل الدفع. ثم تأتي خطوة الإجراءات مع الإدارات الحكومية المعنية بتوثيق البيع واعتماد مخططات تطوير العقار. ثم خطوة التطوير. ثم يطرح هذا العقار في مزاد ويباع وتوزع الأرباح على المساهمين وتصفى المساهمة. وكانت أكثر المساهمات في أراض خام بمساحات كبيرة لتطويرها وبيعها، بعد بيع العقار تبدأ مرحلة تحصيل المبالغ من المشترين لتوزيعها على حملة الأسهم. وقد تستغرق هذه المدة بين أسابيع في أفضل الظروف إلي أعوام في أسوأها، مراحل ما قبل الطرح عادة غير مرئية لعموم الناس، إذ تدار عبر مكاتب عقارية متخصصة في هذا النوع من الأعمال. ويتابعها ما يعرف بالمؤسسين.

تبدأ المساهمة بالظهور للعيان عندما يتم البدء بالتنفيذ وإصدار الأسهم وطرحها للتداول، إما لتغطية جزء من التكلفة التي لم تستكمل من قبل المؤسسين مثلا أو لرغبة بعض حملة الأسهم في بيع أسهمهم والبحث عن ربح مبكر، ما سبق كان يتم وفق ترتيبات دون ما جاء في النظام. ومن ثم كثرت المآخذ. وتبعا أصاب هذا النشاط الضعف مع مرور الأعوام وتغير الأحوال والظروف. ولذا فإن النظام الذي تم إقراره يستهدف بقوة تقليل العشوائية، وتحسين وزيادة الوضوح والشفافية والنشاط التمويلي، وتحديد المسؤوليات وحماية الحقوق في نشاط المساهمات العقارية، المحرك الأكبر للمساهمات طلب الربح طبعا. ربح من تطوير أرض خام أو بنائها بأشكال وألوان ومواقع وظروف كثيرة. وفي الأغلب وليس دوما أن الاستثمار العقاري لذاته أكثر أمانا من غيره لأسباب يطول شرحها. لكن في المقابل، هناك مخاطر معتبرة، وقد حد منها النظام، مؤكد أن النظام الذي أقره مجلس الوزراء سيخفض بوضوح من المشكلات والخلافات والمخاطر، وتبعا سيجر إلى زيادة النشاط في المساهمات، فزيادة التمويل والاستثمار والتطوير العقاري. ولكني أتوقع زيادة بصورة نسبية، نظرا لوجود أنشطة عقارية متنوعة ومتجذرة خارج نطاق المساهمات. زيادة النشاط يسهم في خفض أسعار العقار، لكنه خفض نسبي غير قوي من جهة، وتعاكسه في التأثير عوامل رفع.

ما أبرز النقاط في نظام المساهمات العقارية؟

وفق موقع الهيئة العامة للعقار، أوجب النظام الحصول على ترخيص من هذه الهيئة. ولهذا الترخيص متطلبات على رأسها قناعة الهيئة بكون طالب الترخيص مؤهلا لممارسة نشاط المساهمات العقارية. ومن يرغب التفاصيل فعليه مراجعة الهيئة. كما أوجب النظام الحصول على ترخيص هيئة السوق المالية قبل طرح المساهمة. وأوجب سلامة الصكوك العقارية، وأخذ موافقات الجهات الرسمية فيما يتطلب ذلك مثل تخطيط الأرض أو بنائها. وطبعا هناك متطلبات أخرى مثل تعيين محاسب قانوني واستشاري هندسي، وأن البيع مشروط بتقييم من معتمدين، طبيعة واسم المساهمة العقارية تجعلها شبيهة بشركة مساهمة لكن لفترة مؤقتة. لذا تصدر وثيقة المساهمة العقارية على شكل أسهم. ثم يأتي طرح فبيع أسهم المشروع بعد استكمال المتطلبات النظامية.

طبعا سيسهم النظام في التوسع في التمويل والتطوير العقاري، وتبعا سيسهم في زيادة المعروض العقاري بمختلف أنواعه. كما أنه ستستفيد منه المنشآت الصغيرة أو المتوسطة في السوق العقارية، وحسب موقع الهيئة العامة للعقار، يحوي نظام المساهمات العقارية على 38 مادة موزعة على سبعة فصول رئيسة، حيث حمل الفصل الأول مسمى "نظام المساهمات العقارية" واشتمل على التعريفات والأحكام العامة والأهداف الرئيسة واختصاص الهيئة العامة للعقار ودورها في التنظيم وشروط طرح المساهمة العقارية. أما الفصل الثاني "الترخيص والاشتراكات"، اشتمل على شروط الترخيص وكيفية تحديد رأس مال المساهمة العقارية وحصصها وآلية اشتراك المساهم فيها وتوزيع الحصص، بينما اشتمل الفصل الثالث على أحكام "إدارة المساهمة العقارية"، ومسؤوليات القائم على المساهمة تجاه المساهم وتجاه الجهات الحكومية ذات العلاقة، ودوره في إدارة المساهمة وإدارة أصولها المالية وصلاحياته. وحمل الفصل الرابع مسمى "جمعية المساهمين" واحتوى على كل المواد ذات العلاقة بتشكيل جمعية خاصة للمساهمين وآلية عملها وانعقادها ونفاذ قراراتها. بينما جاء الفصل الخامس مشتملا على المواد المنظمة لـ"انقضاء المساهمة العقارية" وآلية بيعها وإقفالها. أما "المخالفات والعقوبات" فأحكامها هي الفصل السادس. أما الفصل الأخير السابع من النظام فقد حوى أحكاما ختامية. وقد حدد للهيئة العامة للعقار مدة 120 يوما لإصدار اللائحة التنفيذية للنظام بالتنسيق مع هيئة السوق المالية وألغى ما يتعارض معه من أحكام. وبالله التوفيق.

 

 

نقلا عن الاقتصادية