المستهلك النفطي هو أنا وأنت من مواطني دول الخليج العربية الذين رضوا من غنيمة الثروات بما تحت الأرض ونسوا تقريبا ما فوقها. أي أنهم لم يبنوا اقتصاد التنمية المستدامة التي تتطور مع التحديث والوقت وتضمن نوع الحياة القادمة لأجيال البلد.
بصورة أخرى أبسط لم نبن، على سبيل المثال، مصانع تصدر بضائع استراتيجية ولم نعر الأبحاث والاختراعات والابتكارات اهتمامنا كما هي حال الدول المتقدمة وحال الدول التي توصف بالنمور الاقتصادية.
بقينا كل هذه العقود، منذ اكتشاف النفط، نعيش على طريقة الدول الريعية التي تستثمر ثرواتها الطبيعية من أجل رفاه شعوبها الذين اعتادوا أخذ الكثير وإعطاء أو إنتاج القليل.
ولذلك حين تحدث صدمة في أسعار النفط، مثل ما هو حاصل الآن، نعود إلى مضغ الأسى على ما فرطنا فيه من فرص ضخمة، وسهلة في أوقات معينة، في تنويع مصادر الدخل الوطني. ورغم حدوث أكثر من صدمة في عمرنا التنموي إلا أننا سرعان ما ننسى ما كنا فيه ونعود إلى المربع (الريعي) الأول.
أكثر من ذلك لم نستطع حتى خلق ثقافة الاستهلاك لدى المواطن الذي يصرف نفس الميزانية الفردية والأسرية في الوقتين: الصعود والهبوط الكبير في أسعار النفط.
ولأن ذلك ضد المنطق الاقتصادي فإن المواطن، غير المثقف استهلاكيا، يغرق في الديون وينضم مع الوقت إلى نادي الفقراء الذين يعالجون أزماتهم وحاجاتهم ضمن حدود الكفاف.
هذه هي الحال إذن: غياب حقيقي لعناصر التنمية المستدامة باعتبارها ضمانة لتنويع مصادر الدخل الوطني، وغياب تام لثقافة الاستهلاك عند المواطنين الذين كلما ضاقت بهم سبل العيش طرقوا باب الدولة لتخرجهم من المآزق التي وضعوا فيها نتيجة لطبائع الدولة الريعية.
وقد آن لذلك أن يتغير بحيث تبني الدولة بدائل حقيقية لمداخيل النفط، وبحيث يأخذ المواطن على قدر كفاءته وإنتاجه. هكذا يسير العالم الحقيقي وهكذا يمكن رسم المستقبل والتنبؤ بما سيكون عليه.
نقلا عن عكاظ
مقااااال مهم