مرت بالعالم في السنوات الأخيرة أزمتان اقتصاديتان حادتان، الأولى، ما يسمى بالأزمة الآسيوية التي حدثت عام 1998، والأخرى أزمة الرهن العقاري التي بدأت عام 2008 وما زالت تبعاتها مستمرة حتى الآن، وقد كُتب كثير عن هاتين الأزمتين وأسبابهما وتبعاتهما وتأثيرهما في اقتصادات الدول ومستوى معيشة أفرادها.
وتأتي الأزمة الاقتصادية في شكل انخفاض حاد وفجائي في النشاط الاقتصادي نتيجة أزمة مالية. والدولة التي تعاني أزمة اقتصادية تشهد عادة انخفاضاً في الناتج القومي ونقصاً في السيولة وتغيراً في الأسعار إما هبوطاً وإما صعوداً.
وتتخذ الأزمة شكل انكماش أو كساد اقتصادي، وتأتي فجأة مثل الإعصار، فتضرب اقتصادات دول وتترك الناس مشغولين بإصلاح ما فسد وبناء ما تهدم، ليعودوا بعد فترة صعبة إلى حياتهم العادية: بعضهم مشغول بهمّ البحث عن لقمة العيش، والبعض الآخر بالبحث عن المال والربح.
ما يهمنا هنا هو تأثير الأزمات الاقتصادية العالمية في بلادنا، فاقتصاد السعودية اقتصاد منفتح على العالم يعتمد على التصدير، خصوصاً تصدير النفط الخام، واستيراد جلّ حاجاته الأخرى من مختلف دول العالم، وأي تغيّر اقتصادي حاد في دول العالم التي ترتبط مع بلادنا بعلاقات تبادل تجاري واقتصادي يؤثر في اقتصاد بلادنا عن طريق التغيّر في مستويات الأسعار وأسعار الفائدة وعائدات الاستثمار وغيرها، لكن أهمها على الإطلاق يبقى مستوى أسعار النفط الذي ينخفض نتيجة هبوط الطلب عليه إذا رافقت ذلك أزمة اقتصادية.
أدت الأزمة الآسيوية عام 1998 إلى كساد اقتصادي، خصوصاً في دول جنوب شرقي آسيا التي تعتمد على استيراد النفط، خصوصاً من دول الشرق الأوسط وأهمها السعودية، فنتج من الكساد الاقتصادي انخفاض حاد في الطلب على النفط، وهوت أسعاره إلى مستويات متدنية وصلت إلى نحو 10 دولارات للبرميل، ما أوجد أزمة مالية نتيجة لتراجع الإيرادات البترولية التي تعتمد عليها الحكومة لتمويل التنمية.
أزمة مماثلة حدثت في الثمانينات بسبب انخفاض أسعار البترول ونقص إنتاجه محلياً. أما آخر الأزمات (أزمة الرهن العقاري) فلم يحدث معها هبوط في أسعار النفط لأسباب عديدة، منها أن الطلب عليه معظمه من دول آسيا التي لم تتأثر كثيراً بالأزمة، وأن دولاً منتجه عانت نقصاً في الإنتاج بسبب اضطرابات سياسية واجتماعيه أدت إلى نقص المعروض منه.
الحقيقة الجلية التي نعرفها جميعاً أن اقتصاد بلادنا قائم على النفط وأي تغير في أسعاره أو إنتاجه يؤثر مباشرة في اقتصادنا، وأننا منذ بدأت مسيرة التنمية هدفنا الرئيس هو أن ننوع مصادر الإنتاج ونقلل الاعتماد على النفط بحكم كونه مصدراً ناضباً.
ومع إدراكنا للحقيقة السابقة وأهميتها لمستقبل بلادنا، من السذاجة الاعتقاد أننا نستطيع الانفصال عن النفط وأثره المباشر في كل أنواع النشاط الاقتصادي، فبلادنا تحتوي نحو ربع احتياط العالم المؤكد منه، ما يدعونا إلى تعزيز العائدات من هذه الثروة واستغلال إيراداتها في إيجاد أصول إنتاجية تدعم التنمية المستمرة وتوجد فرص عمل جديدة لأبناء الوطن وبناته.
إن مسيرة التنمية في السنوات الماضية التي سعت من الناحية الاقتصادية إلى زيادة نسبة أنواع النشاط الاقتصادي الأخرى من صناعية وزراعية وخدمات في الناتج المحلي الإجمالي حققت بعض النجاح، فهناك زيادة ملموسة في نسبة مساهمة هذه القطاعات في الناتج القومي والصادرات ونطمح إلى مزيد، لكن ذلك ترافق أيضاً مع نقص واضح في قدرة الاقتصاد الوطني على إيجاد وظائف جديدة تستوعب الداخلين الجدد إلى سوق العمل والعاطلين من المواطنين والمواطنات.
ويعود ذلك جزئياً إلى طبيعة الاستثمار في القطاعات القيادية مثل قطاع النفط وإنتاجه والصناعات البتروكيماوية التي تقوم على استثمار يعتمد على تكثيف رأس المال وتوجد عدداً قليلاً نسبياً من الوظائف، وكذلك على طبيعة الإنفاق الحكومي في السنوات الأخيرة الذي ركز على ما تحتاج إليه البلاد من بنية تحتية بإقامة مشاريع عملاقة تعوّل في بنائها على عمالة أجنبية.
أما الجانب الآخر الذي يعتمد على الإيرادات من الصادرات النفطية في شكل كبير فهو إيرادات الحكومة التي تمول الإنفاق وتشكل الإيرادات النفطية 80 - 90 في المئة منها، ما يعني أن أي انخفاض في أسعار النفط أو نقص في إنتاجه لأي سبب بما في ذلك الأزمات الاقتصادية العالمية سيكون له أكبر الأثر في مسيرة الاقتصاد الوطني، لارتباط التنمية والنمو الاقتصادي بالإنفاق الحكومي الذي يُعدّ المحرك الرئيس للاقتصاد.
تمر المملكة ومعها الدول المصدرة للنفط الخام بمرحلة انخفضت فيها أسعاره، فأدى هذا إلى نقص إيرادات الحكومة من تصديره إلى ما يقارب النصف وأعلنت موازنة الدولة بعجز، ما سيدفعها إلى السحب من الاحتياط أو الاقتراض.
لذلك، يجب أن يكون من أولويات صانعي السياسة الاقتصادية في المرحلة الحالية تطوير آليات جديدة لإيجاد إيرادات حكومية مستدامة تقلل من الآثار السلبية الناتجة عن الاعتماد شبه الكامل على الإيرادات النفطية. والعالم حافل بالتجارب الناجحة لدول طورت وسائل جديدة وأوجدت آليات فاعلة وحدثت أنظمة وأجهزة حكومية لتوفير إيرادات حكومية قابلة للاستمرار بما فيها تعزيز العائدات من الاحتياطات والاستثمارات الحكومية.
إن اتخاذ مثل هذه الخطوات بتنويع واستقرار الإيرادات الحكومية يؤدي إلى تحقيق هدف مهم وهو ربط الموازنة الحكومية بالإستراتيجية الشاملة للتنمية وأن لا تكون عرضة للتذبذب سنة بعد أخرى مع تذبذب أسعار النفط.
نقلا عن الحياة
موضــوع تعـــبير !!!!
لدينا امكانيات كبيره لتنويع الدخل, ولكي يتحقق ذلك لابد من ايجاد انظمه واضحه للتنافس الداخلي, تعويد الجميع على الانضباط اثناء العمل ( سواء قطاع الحكومه او القطاع الخاص), سرعة البث في القضايا,, مكه المكرمه والمدينه المنوره عاملان كبيران في زيادة الدخل وفي ايجاد فرض وظيفيه كثيره, شواطيء طويله لكن من غير استغلال امثل لها,( بسبب البنيه التحتيه الضعيفه وبسبب الملكيات الخاصه),,,,دبي مثال لمن يريد ان يطور قطاع الخدمات العقاريه والسفر, الاردن ولبنان مثالان لمن يريد ان يطور قطاع العلاج,
لماذا لم يطبق الكاتب الكريم .... هذا الكلام حينما كنت مسئولاً في المجلس الاقتصادي لأعلى ؟
يقول التويجري , ان النفط لم تتاثر اسعاره في ازمة 2008..!!!!! طيب هبوط اسعار النفط عام 2008-2009 من 147 الى 36 دولار . ماذا يكون .؟؟؟ وكيف يقدم نصائح لنا وفي عهد رئاسته للهيئه هبطت السيوله من 20 مليار الى 2 مليار يوميا وهجر الناس سوق الاسهم الى العقار حيث اشتعلت اسعاره واصبح تملكه حلم للمواطن
سعادة الكاتب يحمل شهادة دكتوراة بدون ان يحصل على ماجستير , اي غير معترف بها حسب قائمة الدكتور موافق الرويلي, كما انه ينتقد ما كان سبب فيه عندما كان عضو في مجلس الاقتصاد الاعلى. عليه ان يراجع نفسه ويضعها في مكانها الحقيقي.