يقول عروة ابن حزم : أحقاً ياحمامة بطن وج *** بهذا النوح انك تصدقينا
نوحي ياحمامة بطن وج***فقد هيجت مشتاقاً حزينا
وج هي الطائف وكانت تسمى قديما بوادي وج نسبة إلى وج بن عبدالحي من العماليق، ذكر الميورقي في كتابة (بهجة المهج في بعض فضائل الطائف ووج) : ان الطائف تنسب إلى رجل من نجد يقال له وج بن عبدالحي وان مواليه شيدوا بها القصور وغرسوا الأشجار وفجروا الانهار، كان إذا رجعت الإبل تحت الصيف تطلب الماء جاء بأمواله فأنزلها بقرية وج وتمتع أيام الثمر بها ... فاقتدى به الأمراء وأشراف القوم فيقضون بها -اي الطائف - شهرين أو ثلاثة من الصيف للهرب من قيظ مكة وتهامة ونجد .
لا يمكن ان يمر عليك اسم الطائف الا وتتذكر تلك المدينة الجميلة ذات المناخ المعتدل والأرض الخصبة بتينها الشوكي ورمّانها وعنبها ووردها، حين نقول الطائف فنحن هنا نتحدث عن حضارة قائمة بذاتها وليست مدينة كأي مدينة، الطائف التي إشتهرت بصناعة الزبيب قديماً الذي أثنى عليه ياقوت وأشتهرت بصناعة الدبابات والمجانيق والعطور ودباغة الجلود وحرفة البناء والمناحل حيث كان أهل الطائف يؤدون العشر في زكاة نحلهم للنبي صلى الله وعليه وسلم، أيضاً كثرة الثروة الحيوانية حيث يروى ان غنائم الرسول صلى الله عليه وسلم في معركة حنين بلغت حوالي 24 ألف بعير وأكثر من 40 ألف شاة. هذا غير ما اشتهرت به من أنشطة ثقافية وفكرية كسوق عكاظ، فضلاً عن دورها الحيوي في العهد الحاضر بإحتوائها للقواعد العسكرية والأنشطة السياحية والسياسية بل ان اتفاقية الطائف في عهد الملك فيصل رحمه الله لازالت تحمل اسمها.
يقول المستشرق الفرنسي سيديو: أن ربوع الطائف الغني حيث المناخ المعتدل والمياه العذبة جعلته مصدراً من مصادر الثروة الاقتصادي، فقد كان المصيف الأول لأهل مكة.
ويقول شكيب أرسلان بعد أن أصابه الزكام وهو في سويسرا ثم قدم إلى الطائف :"...فما مضى عليَّ في الطائف إلا قليل حتى ذهب هذا الزكام بتمامه، وصار الهواء يجري في رئتي كأنه في الصحراء، ولما رجعت إلى أوروبا قال لي الأطباء بعد المعاينة أنه لم يبق هناك أثر لشيء يقال له زكام في شعب الرئة، وهذا أول فضل الطائف عليَّ فهواء الطائف الذي شفاني بإذن الله ,بل الله هو الذي شفاني به...".
ونقل عن الأصمعي أنه قال:
"وصلنا الطائف فكأني كنت أبشّر، وكأن قلبي ينضج بالسرور ولا أجد لذلك سببا إلا انفساح حدها وطيب نسمتها.."
أذكر هذا الكلام فقط لتذكيركم بعروسنا التي أصبحت عجوزاً بسبب إرتفاع معدلات الجريمة والتخلف المدني الذي تعانيه منذ 15 سنة مضت، هذه صرخة نذير لما يحدث في الطائف من غياب عن المشاهد الحضرية والتنموية التي تعيشها بلادنا، يجب على الوزارات المعنية الإهتمام بأبناء الطائف أولاً فلن يحيي حضارتها غيرهم والإستثمار فيها دون أبناءها هو إستثمار خاسر، متفائل بأبناء العروس ومتفائل بمستقبلها فقط حاسبوا من حاول تشويه وجه ابنتهم.