يتدوال في الآونة الأخيرة انخفاض أسعار البترول في العالم والمخاوف التي تتبع ذلك من إنخفاض الإيرادات العامة للدولة والتي يلعب النفط فيها دوراٌ أساسياً في حجمها، حيث تشكل إيرادات النفط مايقارب 90% من إجمالي الإيرادات. إنخفاض سعر البرميل السريع من سعر 120 دولار إلى أقل من60 دولار لا شك سبب ارتباك عالي الحساسية في الرؤية المستقبلية لتقديرات الموازنة العامة للدولة والتي بدورها تؤثر تأثير مباشر على حجم المصروفات الحكومية لمشاريع الدولة المستقبلية، ولكن لنتمعن قليلاً في حجم هذا الإنخفاض لسعر البترول وماهي النواحي الأيجابية من هذا الإنخفاض.
هذا الإنخفاض يعتبر إنخفاضاً صحياً لدورة إقنتصادية لسعر البترول، وأن هذا الإنخفاض ليس الأول وإنما هو إستراحة محارب، ستعود بالتوازن في القريب العاجل لأن حقبة الزمن النفطي لم تنتهي، والإعتماد على النفط مازال موجود في ظل وجود بدائل حيوية في العالم.
لو نظرنا في الأحداث التاريخية لتطور سعر برميل البترول منذ عام (2008 وحتى 2014)، فإن سعر برميل البترول وصل لأسعار لم يكن في حساب التوقعات أن يصل لها بتلك السرعة (حد أقصى 145 دولار في عام 2012)، هذا الإرتفاع ساهم برفع إيرادات الدولة بشكل قياسي في الوقت الذي كان العالم يعاني (ومازال) من الركود الإقتصادي، الذي بدورة ساعد الدولة بتخصيص مبالغ ضخمة لتسديد الدين العام، الإنفاق بشكل سخي في مشاريع الدولة كافة (البنية التحتية، الصحة، التعليم..الإسكان، ... الخ)، زيادة الإحتياطي العام، وغيرها من الإنفاق الإيجابي المتطلب للتنمية في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز طيب الله ثراه.
نسب الإنفاق المرتفعة للمشاريع الحكومية أثرت في إرتفاع معدل التضخم والذي بدورة ساهم في رفع بعض أسعار السلع الأساسية مما أثر في تكلفة المعيشة في المملكة العربية السعودية، والمفترض نزول أسعار النفط تجمح من هذا التضخم وتصحح الكثير من أسعار السلع الأساسية، كما يحدث في بعض الدول العالم الآن من تحول بعض الشركات والصناعات من خسائر إلى أرباح محققة بفضل نزول أسعار النفط.
تاريخياً، وتحديداً في عام 2009 وصل سعر البرميل إلى 41 دولار، ولم يتم الذعر والتخوف من مستقبل الدولة في ذالك الوقت كما هو الآن. نزول سعر البرميل اليوم يساعد المملكة العربية السعودية للتنافسية ويجعل من بدائل الطاقة (النفط الصخري وغيرها) منتجات عالية التكلفة في الإستخراج نظير الأسعار الحالية، وهنا ينطبق المثل الذي قيل في قديم الزمن (فجع الذيب ولا قتله) ومن المهم جداً تفعيل سياسات إقتصادية جريئة وجادة لينمو إقتصاد المملكة بتوازن وألا يعتمد أغلبه على سلعة واحدة فقط.
الاعتماد علي البترل مشكله كبري ولا بد من تنويع مصادر الدخل مثل الموظف المعتمد علي الراتب عند التقاعد يقل راتبه واذا لم يكن له مصدر دخل اخر غير التقاعد