ماذا بعد أكبر اكتتاب في الإمارات؟

21/09/2014 0
زياد الدباس

عندما تتحول شركة عائلية أو مساهمة خاصة إلى شركة مساهمة عامة، أو عندما ترفع الشركات المساهمة العامة رؤوس أموالها من خلال إصدارات خاصة لمساهميها تتضمن علاوات إصدار، أثبتت التجارب أن ثمة مبالغات في تقويم علاوات الإصدار أو تقويم الأصول، ناهيك عن تضخيم الأرباح أو أسعار الأسهم المطروحة للاكتتاب، باعتبار أن الجهة المصدِّرة هي التي تتولى عملية التقويم وتحديد السعر المناسب للطرح، ما يجعلها تضع مصلحتها فوق كل اعتبار في ظل عدم تدخل الجهات الرقابية في معظم أسواق المنطقة في هذا الموضوع للحفاظ على حقوق المستثمرين.

وتلجأ الأسواق المالية العالمية منذ فترة طويلة، من أجل تحقيق العدالة في تسعير الاكتتابات، إلى استخدام سجل الأوامر لتحديد السعر العادل بناء على حركة العرض والطلب الخاصة بالمهنيين المحترفين الذين يتمثلون في الشركات المالية والصناديق الاستثمارية، والمستشارين الماليين الذين تختارهم الشركة المطروحة أسهمها للاكتتاب العام لتحديد النطاق السعري، ومن خلال حجم الطلب والأسعار المقدمة من الصناديق والمؤسسات الاستثمارية المتخصصة يُحدَّد سعر الطرح أو سعر الاكتتاب.

ومعلوم أن الأسعار المقدمة من المؤسسات الاستثمارية المتخصصة التي تتميز بالمهنية والخبرة تكون عادة مستنده إلى دراسات وتحليلات ومؤشرات وتوقعات وحقائق وتقويمات، ما يجعل هذه الطريقة في التسعير من أفضل الأساليب وأكثرها تطبيقاً في تسعير الإصدارات الأولية وبيعها في الأسواق المالية العالمية.

ويساهم هذا الأسلوب في تشجيع الاستثمار المؤسسي على الاكتتاب في أسهم الشركات المطروحة، ما يعزز حصة هذا الاستثمار في الأسواق المالية ويرفع مستوى كفاءتها واستقرارها. وترى الجهات الرقابية أن هذا الأسلوب في التسعير يعطي القيمة السوقية الأكثر عدالة للإصدارات.

ومن أجل تعزيز نضج البيئة الاستثمارية، تحظر بعض الجهات الرقابية على المستثمرين المؤسسيين الذين حددوا القيمة العادلة وشاركوا في الاكتتاب، بيع الأسهم المخصصة لهم قبل مضي فترة لا تقل عن سنتين من بدء التداول، كما هي الحال بالنسبة إلى مؤسسي الشركات، للتأكد من جديتهم وتحملهم الأخطار من ضمن هذه الأسعار بعيداً من المضاربة بالاكتتاب والبيع بعد التخصيص مباشرة لتحقيق مكاسب رأسمالية سريعة من الفرق بين سعر التخصيص وسعر التداول بعد الإدراج، من دون الالتفات إلى قوة هذه الشركات وكفاءة إدارتها وقوة أصولها.

ويتصدر «دبي مول» هذه الأصول باعتباره من مراكز التسوق والترفيه الأكثر زيارة في العالم، إذ وصل عدد الزائرين العام الماضي إلى 74.8 مليون زائر، وخلال النصف الأول من العام إلى 40 مليون زائر.

واتخذت شركة «إعمار العقارية» خطوه مهمة للمرة الأولى في تاريخ أسواق المال في الإمارات، عندما لجأت إلى أسلوب البناء السعري لتحديد سعر الاكتتاب في شركة «إعمار مولز» المالكة للمول والتي يبلغ رأس مالها 13 بليون درهم (3.5 بليون دولار)، وتملك عدداً من مراكز التسوق ومراكز الترفيه ومجمعات التجزئة المتكاملة الأكثر شهرة في الشرق الأوسط.

وطُرح 15 في المئة من رأس المال في ما يُعتبَر الاكتتاب الأكبر في أسواق الإمارات بعد ركود في سوق الإصدارات الأولية استمر خمس سنوات تقريباً نتيجة التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية.

وسعت الشركة إلى جمع ستة بلايين درهم من الاكتتاب. وللمرة الأولى في تاريخ أسواق الإمارات خُصِّص 70 في المئة من الأسهم المطروحة للمؤسسات الاستثمارية المؤهلة و30 في المئة للأفراد من أجل إعطاء المؤسسات المحترفة مصداقية في تحديد السعر العادل والمنطقي للاكتتاب، إضافة إلى ما يكتسبه هذا الاستثمار من أهمية في تحديد الأسعار العادلة لأسهم الشركة بعد إدراجها في الأسواق المالية في ظل شفافية شركة «إعمار» التي تتميز بسمعة عالمية وإنجازات بارزة وأصول ممتازة وإدارة كفوءة.

وأمنت الشركة المعلومات والإحصاءات والبيانات التي تساعد الاستثمار المؤسسي على تحديد السعر العادل للاكتتاب، ما سهل أيضاً عملية اتخاذ قرار المشاركة في الاكتتاب من قبل المستثمرين الأفراد الذين تنقص معظمهم الخبرة الاستثمارية. وللمرة الأولى في أسواق الإمارات حصل الاكتتاب إلكترونياً من خلال عدد كبير من المصارف الوطنية والأجنبية ما سهل الاكتتاب وسرّعه.

نقلا عن الحياة