في غياب تام للاستثمار السياحي؛ والجهة المسؤولة عن تنظيم القطاع والإشراف عليه؛ تولت وزارة المالية مسؤولية إنشاء مجموعة من الفنادق والإشراف عليها وتشغيلها مساهمة منها في توفير خدمات الإيواء المتخصص.
أسهمت «المالية» في إنشاء مجموعة من الفنادق الراقية في مناطق مختلفة من المملكة؛ تحت ضغط الحاجة؛ والرغبة الملحة في توفير خدمات الإيواء؛ وصناعة المؤتمرات للوفود الحكومية.
إيماناً منها بأهمية السياحة؛ أنشأت الحكومة؛ الهيئة العامة للسياحة والآثار التي أصبحت الجهة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن القطاع السياحي في المملكة.
برغم المتغيرات التنظيمية؛ والتقدم في صناعة السياحية المحلية؛ ما زالت وزارة المالية تدير محفظة الفنادق التي أنشأتها في نهاية سبعينيات القرن الماضي.
يبدو أن أسلوب إدارة «المالية» لفنادقها لم يتغير، برغم تطور الصناعة السياحية؛ ولعلنا نجد لها بعض العذر بحكم التخصص؛ والانشغال بمسؤولياتها الرئيسة.
مسؤولياتها الجسام في إدارة الشأن المالي للمملكة يجعلها في منأى عن مجرد التفكير في تطوير إدارة محفظة الفنادق وبما يحقق هدفي تعظيم الدخل والربحية؛ وتطوير خدمات الإيواء من خلال تطوير الفنادق التي تمتلكها وتشرف على إدارتها.
تعاني غالبية الفنادق الحكومية من قصور في التطوير والتسويق والإدارة؛ برغم إسناد تشغيلها إلى شركات فندقة عالمية.
سيطرة الطابع الحكومي أفقدها الكثير من الفرص الاستثمارية؛ والتطويرية؛ والتسويقية؛ والقدرة على مواكبة المتغيرات الحديثة واحتياجات السوق.
تعامل «المالية» مع محفظة الفنادق لم يعد خاضعا للمعاير الاستثمارية بعد أن أدت دورها المطلوب؛ وأسهمت في دفع تكاليفها المالية؛ وأصبحت أصولا هامشية مقارنة بملاءة الوزارة؛ واهتماماتها المالية.
بل يزعم البعض أن فنادق «المالية» تحولت إلى مراكز للضيافة؛ العامة والخاصة؛ وهو ما أثر سلباً في ثقافة التشغيل السائدة.
المصالح المتبادلة فرضت على شركات الفنادق المُشغلة؛ التنازل عن ثقافتها العالمية وقيمها في التشغيل والإدارة المتخصصة؛ والقبول بإدارة فنادق «المالية» وفق الثقافة الحكومية السائدة؛ لا الإدارة الاحترافية.
من المستحيل أن تقبل شركة عالمية إغلاق فندق يحمل اسمها لتسعة أشهر في السنة؛ أو أن تقبل التعامل مع مبان مستهلكة؛ وأثاث قديم؛ وخدمات متدنية؛ وتشغيل يعتمد على نظام «فزعة» الموظفين وتجميعهم من فروع الشركة لضمان الشغيل الموسمي لأحد فنادقها! ثقافة العمل السعودية حَمَلت شركات التشغيل العالمية على التنازل عن قيمها التشغيلية وسمعتها العالمية مقابل المنافع السخية التي تحصل عليها.
نجحت وزارة المالية؛ في الثمانينات الميلادية؛ بإدارة «محفظة الفنادق الحكومية» في غياب الجهة المتخصصة والمسؤولة عن إدارة القطاع السياحي؛ أما وقد أنشئت الهيئة العامة للسياحة والآثار؛ وأسند لها جميع الاختصاصات المرتبطة بالسياحة فمن المفترض أن تتولى إدارة محفظة «الفنادق الحكومية» بحكم التخصص. الهيئة قادرة على تطوير الفنادق الحكومية؛ وتشغيلها التشغيل الأمثل الذي يضمن لها تعظيم الربحية؛ وتطوير العمل؛ ورفع كفاءة الخدمات الفندقية في المملكة.
يُفترض أن تتحول الفنادق الحكومية إلى مصدر من مصادر تمويل الهيئة التي تعاني كثيرا بسبب ضعف التمويل المالي.
هناك قرارات حكومية صريحة لدعم الهيئة بالمال والكوادر الوطنية؛ إلا أن أي من تلك القرارات لم ينفذ بعد؛ برغم وضوحها وأهميتها القصوى للهيئة وللاقتصاد الوطني.
الهيئة العامة للسياحة والآثار في أمس الحاجة لتنفيذ القرارات الحكومية ذات العلاقة بالدعم المالي وتوفير الكوادر الوطنية من خلال استحداث وظائف كافية للهيئة وبما يساعدها في تحمل مسؤولياتها الرئيسة وما يُضاف لها من مسؤوليات جديدة متوافقة مع تخصصها في صناعة السياحة المحلية.
كل ما أرجوه أن تتحول محفظة الفنادق الحكومية من المالية إلى هيئة السياحة فورا؛ وأن توقف الحكومة تداخل المسؤوليات بين الوزارات والهيئات؛ وبما يضمن تحقيق كفاءة العمل والمصلحة العامة.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
ولماذا لا يتم الاندماج مع شركة الفنادق مثل ما حدث لشركة فيلا والنقل البحري ؟