توسعة قناة بنما لتصدير الغاز الصخري الأمريكي.. بداية حقبة جديدة في عالم الطاقة

16/03/2014 1
د. سليمان الخطاف

لا شك ان ثورة الغاز الصخري الامريكي قد اصبحت واقعاً ملموساً وبدأنا نشهد توالي توقيع العقود بين الشركات العالمية والشركات المنتجة للغاز الصخري على الاراضي الامريكية.

اذ وصلت كمية الغاز المسال الموافق على تصديرها من قبل وزارة الطاقة الامريكية حوالي 65 مليون طن سنوياً، وهو ما يعادل حوالي ربع طاقة العالم الحالية لانتاج الغاز الطبيعي المسال.

ويبدو ان معظم هذا الغاز المعتمد للتصدير ستكون جهته شرق اسيا حيث الاسواق المتعطشة لهذه المادة الاستراتيجية.

ولكي يتم اختصار المسافة ما بين خليج المكسيك واليابان لابد من استخدام قناة بنما والتي تعتبر غير صالحة لعبور ناقلات الغاز الطبيعي المسال العملاقة لا من حيث العمق او حتى الاتساع.

ودون اجراء التوسع في عرض القناة وعمقها، سيكون على ناقلات الغاز الطبيعي المسال الالتفاف حول الطرف الجنوبي لأمريكا الجنوبية، وهو ما يضيف حوالي 8500 ميل لهذه الرحلة مما يزيد من تكلفة تصدير الغاز الامريكي.

وتعد تكلفة الانتاج والتصدير المنخفضة اهم مميزات الغاز الصخري الامريكي ولذلك وجب تذليل اي عائق يؤدي الى ارتفاعها.

ويجري حالياً العمل على قدم وساق في توسيع قناة بنما حتى تصبح ملائمة لمرور ناقلات الغاز الطبيعي العملاقة المتجهة من خليج المكسيك الى شرق اسيا وخصوصاً اليابان وكوريا الجنوبية.

ولقد اطلق مشروع التوسعة في عام 2009م حيث تم التعاقد مع مجموعة شركات اوروبية وبنمية للقيام بهذه الاعمال وبقيمة اولية قدرت بحوالي 3 مليارات دولار.

وتم الانتهاء الى الان من اكثر من 80% من هذا المشروع، ولكن ارتفعت تكاليف المشروع مؤخراً بمقدار النصف مما اوجد كثيراً من الخلافات والنزاعات بين شركاء العمل.

وسيضاعف هذا المشروع حركة الشحن الحالية بمقدار ثلاثة أضعاف. ويبلغ طول قناة بنما حوالي ثمانين كيلومترا وتم تدشينها قبل 100 عام. ويمر حالياً حوالي 5% من ناقلات الغاز الطبيعي المسال ولكن بعد التوسعة سيكون بمقدور 90% من ناقلات الغاز المرور في هذه القناة.

وان تمت التوسعة فسوف يكون لها اثر كبير على الولايات المتحدة، حيث عائدات الغاز الكبيرة بالاضافة الى المزيد من النفوذ الجيوسياسي اذا ما تم تصدير الغاز الامريكي الى اسيا وباسعار معتدلة.  

الجدير بالذكر ان دول شرق اسيا وخصوصاً اليابان بأمس الحاجة للغاز الامريكي بسبب اغلاق كل المفاعلات النووية والتي تم الاستعاضة عنها بزيادة استيراد الغاز الطبيعي المسال من الاسواق العالمية.

ولقد ادى زيادة الطلب الياباني على الغاز الطبيعي المسال الى ارتفاع اسعاره ومقارنته باسعار النفط العالمية مما ادى الى تذمر ياباني من ارتفاع فاتورة شراء الغاز الطبيعي التي وصلت في العام الماضي الى حوالي 73 مليار دولار.

ولذلك تخطط شركات بناء السفن اليابانية لاستثمار حوالي 18 مليار دولار حتى نهاية هذا العقد، في بناء ناقلات عملاقة لنقل الغاز الطبيعي المسال، وهو الامر الذي يتطلب بالضرورة الانتهاء من مشروع توسيع القناة. 

الاكيد ان الانتهاء من توسيع قناة بنما ومرور ناقلات الغاز الطبيعي المسال بها بيسر وسهولة الى شرق اسيا يؤذن ببداية حقبة جديدة في عصر الطاقة.

وهو تحول الولايات المتحدة الى مصدر رئيس للغاز الطبيعي بعدما كانت في طريقها لتصبح احد اكبر المستوردين.

ولا شك ان اليابان وكوريا الجنوبية وكثيرا من دول العالم تنظر بعين الامل الى الغاز الامريكي لعله يساهم في انخفاض اسعار الغاز المسال العالمية. 

ان تحول الولايات المتحدة الى مصدر رئيس للغاز الطبيعي في العالم سيكون له اثر كبير من الناحية الاستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها.

خاصة وان بعض الدول التي تهيمن على تجارة الغاز الطبيعي لا ترتبط بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة مثل روسيا وهيمنتها على تصدير الغاز الى اوروبا.

وظهور ايران ايضاً على الساحة العالمية مؤخراً كمصدر محتمل للغاز الطبيعي ولاسيما ان هاتين الدولتين تملكان اكبر احتياطيين للغاز الطبيعي في العالم.

ولهذا فان قدرة امريكا على الامساك بورقة الغاز الطبيعي سيعني بالضرورة مزيداً من القوة في عالم الطاقة.

ستصدر الولايات المتحدة الغاز الطبيعي في العام القادم عن طريق الاطلنطي الى اوروبا  ثم عن طريق قناة بنما الى اليابان وكوريا الجنوبية حيث سيتم الانتهاء من توسعتها في عام 2016م.

وسيترقب العالم اثر هذا التصدير على اسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة وربما ارتفاعها لان هذا التصدير سيأخذ جزءا من معروض الغاز في السوق الامريكى.

ولكن سيبقي الاثر على اسعار الغاز المسال العالمية ومدى ارتباطها باسعار النفط  العامل الاكثر اهمية.

وذلك لان اسعار الغاز الامريكي المسال سترتبط باسعار الغاز الامريكي المنخفضة في هنري هب، واما اسعار الغاز المسال الاخرى مثل القطرية والماليزية والاسترالية فستكون مرتبطة مباشرة باسعار النفط العالمية المرتفعة.

وهذا التداخل سيخلق عدة احتمالات لمستقبل اسعار الغاز المسال العالمية ولا يمكن لاحد ان يتوقع حالياً اتجاهاتها.

كما ان عملية التصدير نفسها ستفرض واقعاً جديداً في عالم الطاقة.

نقلا  عن جريدة اليوم