التعليم هو مستقبل أي أمة باذن الله، فالشعب المتعلم هو الذي يستطيع ان يميز بين الافكار البناءة والافكار الهدامة، وهو الذي يستطيع ان يختار ما بين ما يمزق الاوطان من تيارات عنصرية وخلافية وما يقوي الوطن ويزيد ترابطه تحت مبادئ العدالة والاخوة، بالتالي فإن التعليم او العلم هو اساس بناء أي مجتمع والحفاظ على أي وطن، وصدق الحق عندما بدأ بكلمة اقرأ وعندما طلب من رسوله صلى الله عليه وسلم ان «يزيده الله علما»، وليس هذان سوى مثالين لاهمية العلم والتعليم في الاسلام والذي جعل العلماء ورثة الانبياء ووضع الثواب الكبير في تحصيل العلوم ونشرها، وهذا ليس بمستغرب في هذا الدين العظيم، لان العلم هو اساس النمو والتطور بل اساس الاستمرار فلا يمكن لشعب جاهل الا وان يمزق نفسه مهما كانت لديه من ثروات او مؤهلات للنمو والثراء.
بالتالي فإنه يجب علينا نشر ودعم التعليم ودعم أي مؤسسات تعليمية او مؤسسات تساعد على ذلك فالعلم لا يفيد الطالب او المتعلم وحده وانما يفيد المجتمع ككل، فالذي اخترع الكهرباء، ولنقل انه (اديسون) لم يستفد هو وحده واصبح من اثرياء عصره، وانما استفادت مليارات البشر وعلى رأسهم مواطنوه من الامريكان وبعدهم الاوروبيون ولا زالوا وزلنا نستفيد من هذا الاختراع الذي اضاف للبشرية ككل، وكذلك ممكن لاي اختراع او ابتكار ان يفيد ليس فقط من اكتشفه وانما تتعدى الفائدة لاخرين وللمجتمع ككل، وحتى ولو لم يقم المتعلم بأي اختراع او ابتكار فإن تعليمه من المفترض ان يهذب من اخلاقه وان يضيف لمهاراته وبالتالي يصبح عضوا فعالا او اكثر فعالية وفائدة في المجتمع، وكلما زاد علمه عظمت فائدته.
بالتالي فإن فوائد التعليم تتعدى حدود المتعلم او مؤسسة التعليم وتعم هذه الفائدة على المجتمع او الوطن ككل، ولهذا السبب وجب على الوطن او الحكومة ان تدعم التعليم تماما كما يجب عليها ان تحارب او تعاقب التدخين او أي سلوكيات سيئة تضر المجتمع، فالمدخن لا يضر نفسه فحسب وانما يضر ايضا كل من يعرضه للتدخين، وفي النهاية فإن مصير المدخن هو المرض (الا ما رحم ربي) ولعلاج المدخن تتكلف الدولة مبالغ طائلة خصوصا وان كان العلاج لامراض خبيثة ولذلك فان خزينة الدولة او الوطن ككل سيتضرر من التدخين ولا ينحصر الضرر بالمدخنين انفسهم ولهذا السبب ولغيره وجب محاربة او عقاب التدخين، فاضراره تصيب العامة ولا تقف عند المدخنين وبما ان المجتمع يتحمل هذه الاضرار «غصبا» عنه فان له ان يحارب التدخين او أي سلوكيات اخرى تسبب الاضرار لغيرها كالسرعة او أي شكل من اشكال القيادة المتهورة، وكما انه يجب محاربة هذه السلوكيات التي يتجاوز ضررها من يقوم بها وتصيب غيره فانه ايضا يجب دعم السلوكيات التي تتجاوز فائدتها من يقوم بها وتفيد غيره وعلى رأسها التعليم.
ولذلك فانه من المناسب ان يتم التركيز على التعليم وان يتم صرف مئات المليارات سنويا على هذا القطاع سواء كان ذلك من الميزانية الحكومية او من القطاع الخاص، صحيح اننا لم نحقق الطموح او الفوائد المرجوة من التعليم العام وانه لم يصل ابدا للمستوى المتوقع بعد صرف هذه المبالغ الطائلة عليه ولكن هذا لا يدعونا ابدا لتخفيف الانفاق على التعليم وانما يدعونا للاستمرار في التركيز عليه مع استمرار المحاولات لتصحيح مسيرته لتتواكب النتائج مع هذا الصرف.
كما اننا نحتاج ايضا للتركيز على التعليم الاهلي والقطاع الخاص وتشجيعه ودعمه ليقوم بدور اكبر في توفير التعليم، فالقطاع الخاص بصفة عامة اكثر مرونة من القطاع العام واسرع في التطوير وفي الاستجابة للمتطلبات المتغيرة والتأقلم معها وبالتالي قد يكون من المفيد زيادة دعم القطاع الخاص في مجال التعليم وخصوصا عندما يتطلب ذلك تكاليف اضافية، وهنا من المناسب ان تتدخل الحكومة لتتحمل هذه التكاليف او جزءا منها بدلا من ان تقوم المدارس الاهلية بتحميلها على الطلبة وذويهم، ففي النهاية أي انفاق تقوم به الحكومة في مجال التعليم سوف يعود عليها بعوائد مضاعفة، وبالتأكيد فإن دعم التعليم في القطاع الخاص وتحمل جزء من نفقاته هو انفاق له عوائد مجزية على المتعلم وعلى مؤسسات التعليم وعلى المجتمع ككل سواء كان ذلك للاجيال الحالية او الاجيال القادمة باذن الله، كما انه من المهم ان نتذكر انه عندما تقوم الدولة بالانفاق على التعليم في القطاع العام فانما تتحمل كامل التكاليف الدراسية ولكن عندما تقوم بالانفاق على التعليم في القطاع الخاص فانما تتحمل فقط جزءا من التكاليف الدراسية، وبالتالي فان دعم المؤسسات التعليمية الاهلية سيخفض من الانفاق الحكومي وسيعطي نتائج افضل وسيخفض رسوم هذه المدارس والمؤسسات.
نقلا عن جريدة عكاظ
لا يمكن لأي أمة أو مجتمع من النهوض والترقي والإزدهار بمعزل عن التعليم الحقيقي الذي يصقل الفرد وينمي مواهبه ، ويزيد من رصيد ثقافته ووعيه ، ويفتح نوافد جديدة من الانضباط وتحمل المسؤوليات والاعتماد على الذات ويكرس لدى المتعلم الوطنية ، والحفاظ على المكتسبات وتنميتها ، والقيام بأدوار إيجابية في الأسرة والحياة ، بعيداً عن العنصرية والطائفية وغيرها من الأمراض الإجتماعية التي تنخر في جسدها ، الجميع متفآئل بتولي الأمير خالد الفيصل وزارة التربية والتعليم ، لما عرف عنه من إيمان لا يتزعزع بأهمية التربية والتعليم في أن نكون أو لا نكون ، الإهتمام بالتعليم والمتعلمين ورعاية المواهب وتشجيع المتميزين واستبعاد الفاسدين ، والرفع من مستواه بكافة الطرق هو سر التفوق ، وهو قاطرة التنمية القادرة على تلبية الطموحات !!!