المعادن تصعد والنفط يهوي في أسبوع كانت فيه اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المفاجأة الكبرى

24/09/2013 0
ساكسو بنك

كان الحدث الأهم في هذا الأسبوع بدون شك اجتماع البنك المركزي الأمريكي الذي طال انتظاره حيث كان من المتوقع من اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في الأغلب أن تبدأ بتحجيم برنامجها الكبير لشراء الأصول. متأثرة بالبيانات الاقتصادية الأخيرة - التي كانت أضعف من المتوقع - تمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من تضليل الجميع تقريبا عن طريق الحفاظ على مشترياته الشهرية للأصول دون تغيير عند مستوى 85 مليار دولار أمريكي في الشهر. أثار الإعلان زيادة فورية و كبيرة في شهية وإقبال المستثمرين على المخاطرة مع انتعاش في الأسهم والسندات في حين كان الدولار الأمريكي يُباع، مما رفع التوقعات العامة للاستثمار فيما يتعلق بالسلع الأساسية.

تلقت السلع التي تعتمد على النمو - لا سيما المعادن الصناعية ولكن أيضا النفط الخام - دفعة قوية من هذه الأخبار والتوقعات الأولية الناتجة بأن الحفاظ على الكمية الكبيرة من المال الجاهز للاستثمار في سوق الأوراق المالية – خاصة المال المتأتي من صناديق الاستثمار الجديدة أو المستثمرين الأجانب - في النظام سوف يمكِّن الاقتصاد من التعافي بشكل أسرع، وبالتالي يزداد الطلب.

حققت المعادن الثمينة أكبر المكاسب لأن الميول السلبية وعمليات بيع الأوراق المالية على المكشوف لما لا يملكه الباعة على أمل الشراء بأسعار أقل قبيل الاعلان كانت قد تسببت في ارتفاع كبير نتج عن عوامل كثيرة ليس أقلها الانخفاض في عوائد السندات الحكومية وضعف الدولار.

بحلول نهاية هذا الأسبوع الحافل بالأحداث كانت الإثارة في عالم السلع الأساسية قد بدأت بالفعل تتبدد مع تباطؤ ارتفاع أسعار المعادن الثمينة وتراجع أسعار النفط الخام وعودتها في الاتجاه المعاكس مدفوعة بعوامل كثيرة ليس أقلها الأنباء المتعلقة بزيادة العرض و خفض التوترات الجيوسياسية.

لم يتأثر القطاع الزراعي كثيرا من قرار التحجيم أو التخفيض التدريجي مع توجيه التركيز أكثر على العوامل الأساسية المحددة للمنتَج، مثل التركيز على المحاصيل الرئيسية للولايات المتحدة الأمريكية والإمدادات الوافرة من القهوة من البلدان المنتجة الرئيسية مثل البرازيل وكولومبيا و فيتنام.

أداء مدته أسبوع واحد (%)

المصدر: بلومبرغ و ساكسو بنك

ارتفاع مُريح في أسعار الذهب و الفضة ولكن هل يستمر؟

من موقف ضعف، قفز كل من المعدنين على خلفية الأخبار المفاجئة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة، تساعدهما في ذلك عوامل عدة ليس أقلها أكبر ارتفاع في السندات الحكومية لمدة 10 سنوات في سنتين تقريبا مع ضعف في الدولار.

كان الارتفاع الأولي على الأرجح مدفوعا بعمليات بيع مكثفة على المكشوف مع لعب صناديق التحوط دور الباعة – كما شوهدت - في الأيام التي سبقت الإعلان. بلغت كمية عقود البيع التي تمتلكها صناديق التحوط أدنى مستوى لها في  سبعة أشهر خلال الأسبوع المنتهي في 10 سبتمبر / أيلول. علاوة على ذلك، كانت المحاولات المتجددة من جانب صناديق التحوط لإعادة بناء بعض عمليات البيع قد سُحقت بحزم و ألغيت ويبقى السؤال الآن ما إذا كان تأخر التخفيف التدريجي سوف يكون كاف لدعم عملية ارتفاع من هذه المرحلة.

هذا يتوقف إلى حد كبير على قوة أو ضعف البيانات الإقتصادية الأمريكية القادمة. وهذا يعني أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يمكن أن تؤخر قرارها مرة أو مرتين أو من المحتمل ألا تتصرف على الإطلاق في هذا الأمر في حالة استمرار الضعف الأخير في البيانات الاقتصادية.

تحول التركيز على المدى القريب الآن على حكومة الولايات المتحدة مرة أخرى حيث أن الرئيس أوباما و الكونغرس يناقشون الحاجة لرفع سقف ديون الولايات المتحدة. إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن رفع سقف الديون قبل الأول من أكتوبر، فإن عمليات الحكومة الأمريكية سوف تتوقف عندئذ عن العمل متبوعة بعجز عن سداد الديون بعد بعض أسابيع. خلال هذا الوقت من حالة عدم اليقين، من الممكن أن يصبح الذهب - تماما كما شهدنا العام الماضي – الأصل الذي يمثل الخيار الأول بالنسبة للكثيرين، وبالتالي فإن ذلك من شأنه أن يقدم الدعم للذهب.

انخفاض العائدات الحقيقية في الولايات المتحدة

انخفضت العائدات الحقيقية الأمريكية - العائدات على الاستثمار ناقص معدل التضخم  - وخاصة منذ أمس، مما جعلها أكثر تماشيا مع سعر الذهب الحالي كما هو ظاهر على الرسم البياني أدناه؛ وبمُضِيِّنَا قُدُمًا نحو نحو شهر ديسمبر، سوف يعود الحديث عن التخفيض التدريجي مجددا إلى الظهور ما لم تستمر البيانات الاقتصادية في التدهور، و هذا من شأنه أن يؤدي مرة أخرى إلى بعض الضغوط السعرية في العام الجديد.

في الوقت الراهن - على الرغم من ذلك – فإن النطاق السعري المرجح خلال الشهر المقبل يبدو أنه سوف يكون ما بين 1275 و 1488 دولار أمريكي للأونصة، وسوف يمثل وصول سعر أونصة الذهب مستوى 1488 دولار أمريكي تصحيحا بنسبة 50 في المئة وهو التصحيح الذي شهده الذهب من أكتوبر 2012 إلى عمليات بيع 28 يونيو المكثفة.

أسعار الذهب والعائدات الحقيقية الأمريكية للعشرة أعوام

المصدر: بلومبرغ و ساكسو بنك

مثلت تدفقات الاستثمار السلبي من المنتجات المتداولة في البورصة، سواء تلك الصادرة قُبيل إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي أو التي تلته - وهي الأهم - إشارة مقلقة إلى حد ما، خاصة بالنسبة للذين يريدون استمرار هذا الارتفاع. خلال الأسبوع الماضي كانت التدفقات الاستثمارية سلبية بنسبة 18 طن، وهذا يدل على استمرار الفائدة المعتدلة للمنتجات المتداولة في البورصة للذهب خلال الشهرين الماضيين، على الرغم من تعافي السعر من أدنى مستوياته التي شهدها في يونيو / حزيران.

يعتبر موقف مستثمري المؤسسات تجاه الذهب - كفئة أصول رئيسية - مهما لأن الطلب على الاستثمار مطلوب لدعم الطلب المعروف أساسا من السوق الفعلية للذهب.

النفط الخام يفقد الزخم مع عودة الإمدادات

كانت العقود الآجلة لكل من نفط خام برنت ونفط خام غرب تكساس الوسيط أقل للأسبوع الثاني على التوالي حيث واصلت حدة التوترات السورية خفتها، جنبا إلى جنب مع أخبار مفادها أن ليبيا قد بدأت بتصدير بعض انتاجها من جديد بعد فترة انقطاع دامت شهر شابتها الإضرابات و الاضطرابات العمالية. ضمن احتمال عودة الامدادات - في وقت من التباطؤ الموسمي في الطلب – فإن مخاطر استمرار الارتفاع عقب إعلان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لم تدم طويلا.

زادت تكهنات السوق بالنسبة للوضع في ايران - بسبب العديد من تقارير وسائل الاعلام التي أفادت بأن ايران عرضت إغلاق منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم في مقابل تخفيف العقوبات الدولية عليها.

من المتوقع أن ينعقد اجتماع في مقر الأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل بين الرئيس أوباما و الرئيس روحاني. سوف يكون هذا أول اجتماع بين قادة من البلدين منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979.

انتاج نفط ايران وليبيا

المصدر: أوبك وبلومبرغ و ساكسو بنك

يعطي إنتاج النفط في إيران وليبيا مؤشرا عن التأثير الذي قد يُحدثه حل هاتين المسألتين على الإمدادات العالمية، فمن مستوى إنتاج بلغ مجموعه في ذروة الانتاج 4.7 مليون برميل يوميا في يوليو / تموز الماضي للدولتين، شهد مجموع انتاج البلدين جراء العقوبات المفروضة على ايران والضربة الليبية انخفاضا بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا ليبلغ 3.1 مليون برميل يوميا الشهر الماضي للبلدين معا.

خلال الوقت نفسه، ازداد إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا – والذي جنبا إلى جنب مع زيادة الإنتاج السعودي – يفسر إلى حد كبير لماذا ظلت أسعار النفط مستقرة نسبيا خلال هذه الفترة من الاضطرابات.

كم تغير سوق النفط في الولايات المتحدة؟

سلط معهد البترول الامريكي على مدى السرعة و مقدار تغير سوق النفط في الولايات المتحدة في فترة زمنية قصيرة نسبيا حيث ذكر المعهد الملاحظات التالية المتعلقة بشهر أغسطس مقارنة بما كان الوضع عليه في العام الماضي:

•زاد إنتاج النفط في الولايات المتحدة بنسبة 20 في المئة ليبلغ 7.59 برميل يوميا أي أعلى مستوى له في 25 عام.

•انخفضت واردات الوقود والنفط الخام بواقع 10% لتبلغ 9.8 مليون برميل أي أدنى مستوى لهذه الواردات في 18 سنة لشهر أغسطس.

•ارتفعت صادرات الوقود 16 في المئة لتبلغ 3.5 مليون برميل يوميا، وهي أعلى من أي وقت مضى.

يساعد هذا أيضا على تفسير سبب عدم ترجمة الانخفاض الحالي في مخزونات النفط الخام الأمريكية إلى ارتفاع في الأسعار. إنه نتيجة لزيادة انتاج المصافي الموجهة نحو التصدير جنبا إلى جنب مع انخفاض في الواردات. ونتيجة لذلك فإنه يترك قدرا أكبر من كل من النفط الخام والمنتجات متاحا في السوق العالمية مما يساعد على الحفاظ على توازن صحي بين العرض و الطلب.

ارتفاع الإمدادات

ما زال من المبكر جدا أن نتوقع أي عودة للنفط الإيراني، ولكن إذا استمر زخم الحوار، فإن العالم قد يشهد عندئذ مستقبلا قريبا ترتفع فيه الإمدادات بوتيرة أسرع من الطلب؛ وسوف يبدأ هذا بممارسة ضغط سلبي على الأسعار متى ما أعيد بناء المخزونات العالمية في أعقاب انقطاع إمدادات هذا الصيف.

تفضل المملكة العربية السعودية أن يكون سعر النفط في حدود 100 دولار أمريكي للبرميل ومتى ما اقترب السعر من ذلك المستوى نزولا، فإن المملكة قد تبدأ بخفض انتاجها من المستويات القياسية الحالية.

مثل هذا الانخفاض في الإنتاج من شأنه أن يرفع مستوى المملكة من الطاقة الانتاجية الاحتياطية، مما يزيد من تقليل المخاطر المستقبلية بشأن الارتفاع المتوقع في الأسعار.  

انتاج نفط المملكة العربية السعودية (مليون برميل في اليوم)

المصدر: أوبك وبلومبرغ و ساكسو بنك