الاندماج النووي «من النظرية إلى التطبيق»

25/05/2013 6
د. أنور أبو العلا

فكرة الاندماج النووي نابعة من محاولة الإنسان أن يصنع شمساً مصغّرة ويضعها في داخل صندوق.

فعلى حد تعبير عالم الفيزياء الفرنسي Pierre de Gennes الحاصل على جائزة نوبل عام 1991 حيث يقول بالنص: "نحن نقول إننا سنضع الشمس في صندوق.. وهذه فكرة جميلة.

ولكن المشكلة أننا لا نعرف كيف نصنع الصندوق".

واضح من كلام عالم الفيزياء أعلاه أنه بإمكان الإنسان أن يصنّع شمساً مصغّرة على الأرض لتوليد الطاقة بالطريقة التي تتولّد بها الطاقة الصادرة من الشمس (الاندماج النووي) ولكن لم يستطع الإنسان حتى الآن أن يضعها في صندوق (حيّز معيّن) يمكّنه من السيطرة على استخدامها كمصدر للطاقة.

في منتصف الثمانينيات لأول مرة في حياتي أحسست أن الاندماج النووي قد يصبح هو الأمل الذي يعوّل عليه العالم لأن يكون بترول المستقبل بعد نضوب البترول.

فوفقاً للصفحة 22 من رسالتي للدكتوراة جاء النص التالي: "خلال الأعوام 2120 - 2170 يأمل الإنسان أن يتمكن من التوصل إلى مصدر طاقة رخيص ونظيف وآمن ومستدام".

ثم في خانة الملاحظات الصفحة 49 قلت إن بعض الاقتصاديين يرون أن هذا المصدر هو الاندماج النووي.

الذي أثار اهتمامي الآن بموضوع الاندماج النووي هو التقرير الذي نشرته The INDEPENDENTبتاريخ 27/4/2013 (قبل عشرين يوماً) بعنوان: One giant leap for mankind.

الذي يبدو منه أن العالم على وشك أن يستطيع أن يصنع الصندوق الذي يضع فيه الشمس المصغّرة.

بداية التطبيق العملي (للانتقال من الخيال إلى الواقع) كانت عام 2005 عندما قرّرت دول العالم التقني (الاتحاد الاوروبي، أمريكا، اليابان، روسيا، الصين، الهند، كوريا) التعاون معاً لإقامة ITER (مشروع عالمي للاندماج النووي) وتم اختيار فرنسا مقراً للمشروع.

تكاليف المشروع حوالي 20 مليار دولار تدفعه الدول المشاركة ليس نقداً بل تتكفّل كل دولة ببناء بعض اجزائه التي تتجاوز مليون قطعة ويتم نقلها إلى فرنسا لتركيب الأجزاء. كل شيء في المشروع (حتى الآن) يسير وفق خطة منتظمة لا تترك مجالاً للخطأ.

وفقاً للجداول الزمنية للمشروع من المؤمل أنه خلال الأعوام 2030 - 2050 سيتم عرض أوّل باكورة مفاعلات توليد الكهرباء بالاندماج النووي.

ثم خلال الأعوام 2050 – 3000 (النصف الثاني من هذا القرن) سيتم التصنيع التجاري لباكورة مفاعلات الاندماج النووي.

رغم التفاؤل الكبير الذي يوحيه التقرير بأن المشروع سيرى النور في النصف الثاني من هذا القرن إلا أن الذي يبدو لي أنه لن يرى النور (إذا قدّر له أن يراه) إلا بعد الربع الأول من القرن التالي خلال الأعوام 2120 - 2170 كما جاء في رسالتي للدكتوراة.

الآن نحن نتحدث عن أننا بلاد الشمس ونقول بأننا سنصدرها للعالم كما كنا نصدر البترول ولكن كيف نصدر شيئا لا نستطيع صناعته بينما العالم متقدّم في صناعته أكثر منا؟

كلمة ITER (معناها باللاتيني الطريق) فلماذا لا يكون لدينا (إذا كنا جادين) مشروع ITER (طريق) للطاقة الشمسية على غرار مشروع ITER للطاقة الاندماجية النووية يقام في المملكة (بلاد الشمس) بتعاون عالمي لاسيما أننا لانحتاج إلى صنع الصندوق بل كل ما نحتاجه خفض تكاليف الإنتاج وتطوير عملية التخزين لتهيئتها للتصدير.

موضوع زاوية السبت القادم - إن شاء الله - سيكون عن اقتراح إنشاء مشروع ITER (الطريق) للطاقة الشمسية مقره أرض الحرمين.