جستن بيبر والاقتصاد الكارتوني!

07/05/2013 1
وليد جاسم الجاسم

أربعون عاماً مضت، وأصحاب النظريات الاقتصادية يتحدثون عن «هشاشة» اقتصاد دبي والتنظيم «الكارتوني» القائم فيها، والانهيار المتوقع عند أول أزمة مثلما تنهار قصور الرمال عندما تلامسها أولى موجات المدّ القادم.

أربعون عاماً وهم يقولون إن نظام دبي الاقتصادي غير حقيقي وسيسقط هذا الاقتصاد، حتى صدّقنا تلك الروايات المتتالية التي ربما كانت مبنية على نظريات سليمة، لكن الواقع كان مختلفاً.

دبي واجهت أزمات اقتصادية.. نعم.. مثلما واجهت الكويت عدة أزمات اقتصادية.

قالوا.. جاء الانهيار مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بالولايات المتحدة ثم بالعالم سنة 2008، وأصيبت دبي بمؤشرات الانهيار المالي والعجز عن سداد الديون، وبدأت العمالة الوافدة تهرب وتغادر وامتلأ المطار بسيارات العاملين المغادرين بعدما اهتزت الشركات والمؤسسات التي يعملون بها وعجزوا عن دفع رواتبهم وأقساط سياراتهم وإيجارات مساكنهم.

أصحاب النظريات المضادة لاقتصاد دبي وقتها قالوا «قلنا لكم».. لكن سرعان ما بدأ تعافي دبي، بدعم من شقيقتها أبو ظبي طبعاً، لكنها أيضاً كانت قادرة على النهوض من جديد وإدارة شؤونها وما زالت قبلة المسافرين. لكن ماذا نقول عن الانهيار الاقتصادي الكويتي الذي ضرب بقوة في 2009 متأثراً بما أصاب العالم في 2008، ومازلنا نعاني ونداوي الأمراض ونستصرخ الصرف الحكومي كل يوم لإنعاش البورصة المضطربة صعوداً وهبوطاً دون منطق واضح، وإنقاذ الشركات التي أصابها الجفاف والجوع والتصحر حتى انكمش الكثير منها وصارت مجرد تراخيص في ملفات وزارة التجارة، وشوية موظفين استمروا فيها، مقابل الكثير ممن أقيلوا أو استقالوا بسبب تخفيضات الرواتب وتقليص المزايا وعدم انتظام دفع الرواتب، وتكونت لدينا مشكلة جديدة اسمها «المسرّحين».

انتعشت دبي، وعادت تدريجياً بعد سنة من الانهيار وهي الآن استعادت معظم عافيتها، ونحن ما زلنا نعاني، الشركات تتهالك، البورصة تئن، السوق يتأرجح، لكننا ما زلنا أيضاً نطعن في الاقتصاديات الكرتونية، ومن يسمعنا يظن أننا من علم آدم سميث الاقتصاد، والمصانع «شغالة» ليل نهار في الكويت لدرجة أن إدارات مصانع الصين لا تنام خوفاً من صناعاتنا التي تهدد عرشهم.

القوانين والتعقيدات والتصاريح المطلوبة ممن يريدون العمل في الكويت تزيد الطين بلّة، والكويت التي كانت القبلة الثقافية والفنية والتعليمية في الخليج، لم تعد كذلك، فالثقافة تحولت الى الخارج بعيداً عن قيود البرلمانات المتتالية القاتلة للإبداع، والفن يُضرب يومياً وتطارده ضوابط وقوانين ولوائح ما أنزل الله بها من سلطان، والتعليم أصبح مجرد «فعل ماضي» في دولنا وعيالنا ينظرون بحسرة واستغراب إلى جامعات قطر والإمارات، بينما في الكويت الجامعات الخاصة (على قد الحال)، والحكومية الوحيدة متناثرة كالأشلاء، يعاني المنتظمون للدراسة فيها وهم يتقافزون من مبنى إلى مبنى ومن منطقة إلى منطقة مخترقين أسراب السيارات والشوارع المكتظة، وما زلنا ننتظر جامعة الشدادية التي كنت أقرأ عنها قبل نحو 30 عاماً!! وما زلت اقرأ عنها إلى اليوم وكأنها طائر «الرخ» الأسطوري الذي نسمع عنه ولم يره أحد.

دبي منذ أيام، استقبلت الفنان العالمي جستن بيبر الذي لا أعرف حتى شكله، لكن ما أعرفه أن الآلاف غادروا الكويت لحضور الحفل الذي أحياه في دبي التي وصلها أيضاً آلاف الخليجيين والعرب لنفس الغرض. بينما نحن نعجز عن الإتيان بمذيع سعودي ذكر بالغ عاقل راشد ليشارك معنا في إحياء عيدنا الوطني في مهرجان «ليالي فبراير»الماضي، فقط لأن السيد / خالد الشليمي أرعب الوزارة بتصريح من خمسين حرفاً على «تويتر»، فتحول من مرعب الملاعب.. إلى مرعب الوزارات وكبار المسؤولين.

التراخيص التجارية للموظفين

استكمالاً لمقال الأمس حول منح الموظفين حق الحصول على التراخيص التجارية، علمت أن النائب والزميل نواف الفزيع كان قد تقدم باقتراح قانون يقضي بالسماح للموظف بالحصول على ترخيص تجاري، وأنه قدم اقتراحه هذا قبل نحو شهر (وقد كنت وقتها خارج البلاد)، ويؤكد الفزيع انه ماض قدماً في السعي لإقرار المقترح وإخراجه إلى النور.

أتمنى على النواب دعم هذا المقترح وتحويله الى حقيقة.. ونذكرهم.. «دعه يعمل.. دعه يمر».

< أيضا اتمنى السماح للموظفين في الحكومة بالعمل نصف دوام في شركات القطاع الخاص، فمن جهة يحسن دخله، ومن الجهة الثانية يخفف العمالة الوافدة خصوصا وأنه سيكون خياراً أفضل أمام الشركات فلا نهاية خدمة ولا معاملات إقامة ولا غيرها من إجراءات، فقط كفاءته هي التي توفر له فرص العمل.

«منحة».. المشاركة في النجاح

الله يهني شباب القطاع النفطي على «منحة» المشاركة بالنجاح السنوية التي يحصلون بموجبها على أربعة أضعاف رواتبهم التي يبلغ متوسطها حسبما نعلم نحو 4 آلاف دينار وصولاً الى مبالغ أكبر تفوق ضعف هذا الرقم.

عليهم بألف عافية، لكن يا ريت تتم بشكل سري مراعاة لمشاعر الإخوة العاملين في باقي قطاعات الحكومة ممن تنفقع مراراتهم ويرتفع ضغط دمائهم وتغدو شرايين قلوبهم مهددة بالانسداد وهم يسمعون عن تلك العشرينات الخضراء الجميلة وهي تدخل بأمن وسلام إلى أرصدة موظفي القطاع.

 نقلا عن جريدة الوطن