كعادته دائما؛ يتدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ لمعالجة الأزمات الاقتصادية والإنتاجية المتفاقمة والمؤثرة سلبا على مصالح الموطنين؛ ومشروعات التنمية المتراكمة.
يبدو أننا نخلق الأزمات لأنفسنا بسوء التخطيط الإستراتيجي؛ وتدني ثقافة التكامل الوزاري؛ والتحرك كفريق عمل متجانس لدعم القرارات الإستراتيجية وتنفيذها. تباين الأنظمة وتضادها في بعض الأحيان يؤدي إلى خلق الأزمات لا حلها.
«أزمة الإسمنت» إحدى تلك الأزمات التي حظيت بأكثر من تدخل منظم خلال الأعوام الماضية؛ بهدف زيادة الإنتاج أو خفض السعر أو كليهما معا؛ وهو تدخل لم يكن ليحدث لولا غياب التخطيط الإستراتيجي والتكامل والتنسيق بين وزارات الدولة المعنية بقطاعات الإنتاج؛ المتمثلة في وزارة التجارة والصناعة؛ وزارة البترول والثروة المعدنية؛ ووزارة الإقتصاد والتخطيط؛ إضافة إلى مصلحة الإحصاءات العامة المسؤولة عن تقديم البيانات الدقيقة التي يُعتمد عليها في التخطيط والإنتاج.
كتبت غير مرة عن أزمة الإسمنت؛ والأضرار التي يتسبب بها البطء في منح تراخيص المصانع، وربما رفضها، ما يؤدي إلى حدوث فجوة في الإنتاج تقود؛ مع مرور الوقت؛ إلى ظهور أزمات السوق؛ وإن توفير العرض، وبكميات تفوق بكثير الطلب المحلي، إضافة إلى إيجاد فائض استراتيجي، كفيلٌ بالضغط على الأسعار، أو على الأقل المحافظة على مستوياتها المقبولة.
وأشرت العام 2011 في «الجزيرة» إلى أن «وزارة التجارة والصناعة ليست الجهة الوحيدة المسؤولة عن قصور التخطيط الإستراتيجي، والحد من الاستثمارات الصناعية المُسببة لحدوث أزمات قطاع الإنتاج؛ الأكيد أن هناك وزارات أخرى على علاقة بالمشكلة، ومسؤولة عن وضع الخطط الإستراتيجية، ووضع تصور متكامل لتطور الطلب المحلي على السلع والخدمات، وفق دراسات علمية تقوم على أرقام دقيقة، ورؤى مستقبلية، تجنب البلاد والعباد عنصر المفاجأة.. فوزارة الاقتصاد والتخطيط مسؤولة عن رسم الإستراتيجية المستقبلية للاقتصاد، وحاجاته الأساسية، الإنتاجية منها على وجه الخصوص؛ ووضع خطط إستراتيجية واضحة للقطاع الصناعي، اعتمادا على حاجة السوق الآنية والمستقبلية.
مصلحة الإحصاءات العامة مسؤولة عن تقديم البيانات الدقيقة، وهي بيانات يعتمد عليها قطاع الأعمال في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، إضافة إلى ذلك، يمكن لمصلحة الإحصاءات العامة أن تقدم العون للحكومة في كل ما له علاقة بالمتغيرات المهمة التي تحتاج إلى تدخل الحكومة للتعامل معها وفق خطط إستراتيجية مستقبلية.
وزارة البترول ممثلة في وكالة الوزارة للثروة المعدنية قد تكون إحدى الجهات المتسببة في حدوث الأزمات،فمصانع الإسمنت وبعض المصانع الأخرى، تعتمد في مدخلاتها على المواد الطبيعية التي تحتاج إلى تراخيص خاصة كرخص التعدين، محجر المواد الخام، محجر مواد البناء وغير ذلك.
وكالة الوزارة تعمل بمعزل عن الخطط الإستراتيجية الداعمة لقطاعات الإنتاج، ما يجعلها غير قادرة على تلبية طلبات المستثمرين وفق الأنظمة والمحققة للمصلحة العامة.
هل أكرر نفسي في إعادة ما كتبت؛ ربما؛ إلا أن المنفعة تقتضي التذكير لمعرفة جوانب القصور والمتسببين فيه؛ حذرت مطلع العام 2011 بعدم جدوى الحلول الوقتية، ولا بد من وضع حلول إستراتيجية شاملة؛ ومنه التوسع في إنشاء المصانع ومعالجة بيروقراطية وكالة الوزارة للثروة المعدنية؛ وضعف التكامل والتنسيق بين الوزارات المعنية للقضاء على الأزمات.
بإختصار شديد وزارة التجارة تعطي تراخيص مزاولة النشاط؛ وتتبقى معضلتان رئيستان؛ تصريح المحجر؛ وتوفير كميات النفط الخام؛ وهاتين المعضلتين حدتا من تفعيل التراخيص المصدرة خلال الأعوام الماضية؛ في الوقت الذي حد فيه توفير النفط الخام من عمليات توسع المصانع الحالية.
ما زلت أعتقد أن الاستيراد لن يكون سهلا؛ ولن يعالج مشكلة الطلب بشكل نهائي؛ التي يعتقد البعض أنها وقتية؛ ويخشى من كساد الإنتاج مستقبلا؛ وهذه نظرة إستراتيجية يمكن التغلب عليها من خلال تصدير فائض الإنتاج؛ ولنا في استيراد الحديد وتكديسه وخسارة سابك فيه خلال أزمة الحديد عبرة وعظة؛ الحل الأمثل في توسيع المصانع الحالية وإنشاء مصانع جديدة وهذا لن يحدث بقرار موجه لوزارة التجارة؛ بل يفترض أن يشمل وزارة البترول والثروة المعدنية المعنية بتصاريح المحاجر وتوفير كميات النفط؛ وإدارة المدن الصناعية المسؤولة عن توفير الأراضي الصناعية.
أعتقد أن توفير النفط الخام للمصانع الحالية يمكنها من زيادة إنتاجها الحالي بمستوى 50 في المائة في مدة زمنية قصيرة؛ من خلال التوسعة وزيادة خطوط الإنتاج.
فلنركز على جانبي التوسعة وإنشاء مصانع جديدة؛ وليكن الاستيراد علاجا وقتيا؛ ولنشرع في تحقيق تكامل القرارات الإستراتيجية والالتزام بتنفيذها من جميع الوزارات؛ وتذليل المعوقات بما يحقق المصلحة العامة ويحد من ظهور الأزمات.
نقلا عن جريدة الجزيرة
الحقيقة الغائبة أن الإنتاج الحالي يتناسب والطلب إذا تم عزل مشاريع الدولة والكبيرة عن الطلب المحلي ، بأن يكون الإستيراد مقتصر عليها لأننا نواجه مشكلة الموانىء ، ويكون الإنتاج المحلي للمواطنين والمشاريع الصغيرة ، والفائض من الناتج تزود به المشاريع الضخمة ، وبذلك نتجنب الإنتاج الزائد في حالة إنتهاء تلك المشاريع الضخمة ، خصوصاً أن صناعة الأسمنت تكلفة في الوقود ، الذي في حال تصدير الأسمنت الفائض في الإنتاج هو في الحقيقة تصدير للوقود وليس أسمنت بمكوناته البسيطة .. وشكراً لك ..
أذا تم فك إحتكار توزيع الإسمنت ستختفي السوق السوداء و السلوكيات الملتوية لكبار الموزعين عبر تخزين الإسمنت و تجفيف السوق مثلما حصل اثناء ازمة الحديد
أستاذ فضل,, موضوع الاسمنت وقوة او ضعف الطلب عليه متغيره,,, حسب سعر البترول,,, هل هناك من تنباء بسعر البترول وثباته على هذه الاسعار؟؟ بالمناسبه في الفتره بين 2000 و2005 لم يكن الاستهلاك المحلي للاسمنت الا أقل من 70% من القدره الانتاجيه, وفي تلك الفتره كانت بعض المصانع السعوديه تصدر جزء من انتاجها بسعر التكلفه تقريبا,, فقط يردون ان تعمل مصانعهم ويسددوا رواتب موظفيهم وارباح بسيطه,, فلو راجعت ارباح اسمنت العربيه واسمنت ينبع في تلك الفتره لوجدت ان ارباح الواحده منهما لا تصل ل100 مليون ريال وقد وصل الحال بجهه مثل صندوق التنميه الصناعي ان أوصى بعدم اعطاء تراخيص جديده لمنع حرب اسعار بين المنتجين
بالمناسبه أغلب وسائل الاعلام والكتاب يكثرون مناقشة ازمة الاسمنت وينسون او السعوديه تستورد تقريبا نصف حاجتها من الحديد,, علما بأنها عنصرين متلازمين,, وسعر طن الاسمنت يصل لعشر سعر طن الحديد تقريبا