كتب الكثير حول حملات مداهمة العمالة غير النظامية، ثم صدر أمر ملكي بتمديد فترة المهلة الممنوحة،للعمالة،وكفلائهم، لتصحيح وضعهم القانوني، وهنا سأطرح عدداً من الملاحظات، ثم سأحلل الموضوع من زاوية اقتصادية صرفة:-
1 – الجميع يعترف بالحاجة لإثبات وجود الدولة أمنياً، وإدارياً، لتقنين هذا الانفجار السكاني من العمالة الأجنبية،وما نتج عنه من ارتفاع مستوى الجريمة بكل أنواعها، إضافة إلى الحاجة لإيجاد وظائف للسعوديين،وخفض الاستنزاف، الذي تسببه التحويلات المالية إلى الخارج.
2 – ساعد في تفاقم المشكلة ذلك التسيب، والتلاعب في إصدار تأشيرات لمن لا يحتاجها، وساهم في نجاح ذلك النظام الفاسد لإصدار التأشيرات، أنه وتحت مسمى تقنين التأشيرات، فإن من يحتاج تأشيرات فعلية،وخاصة من رسيت عليه عقود، تحتاج إلى عمالة، فإن وزارة العمل، وبأسلوب بيروقراطي، ترفض أغلب الطلبات،مما حدا بالجادين، أو المتورطين بالتزامات عقود مختلفة، أن يلجأوا إلى وسائل ملتوية، للحصول على ما يحتاجون، أي أن التطبيق الفعلي لأسلوب منح التأشيرات، أصبح يعاقب المحتاج الحقيقي، لصالح تاجر التأشيرات المتنفذ.
الآن أود التركيز على الموضوع من زاوية اقتصادية:-
أ – منذ عام 2004م، وحتى اليوم، تعيش المملكة طفرة بترولية ترجمت بشكل ميزانيات ضخمة، بلغت أعلى مستوى لها هذا العام، أي أن الحكومة، وللتعويض عن عقد التسعينات، الذي يسمى العقد الضائع، نظراً لتوقف عملية الاستثمار في البنية التحتية، فقد أطلقت مجموعة كبيرة من مشاريع ببلايين الريالات، وفي كل مجال،سأذكر بعضاً منها: برنامج التخلص من المدارس المستأجرة، وكانت نسبتها 70% من مجموع المدارس،شبكة سكة الحديد لكامل المملكة، تمويل إسكان حكومي للمواطنين، بدايته ميزانية قدرها 250 بليون ريال، بالإضافة إلى الأموال والمشاريع التي سينفذها القطاع الخاص لغرض الإسكان أيضاً، زيادة طاقة السرر الطبية، تطوير المطارات، عمل سياجات أمنية على حدود المملكة، مشاريع أمنية لتعزيز القدرة الأمنية على كل المستويات، ومثلها قدرة الدفاع الوطني، توسعة الحرمين الشريفين... وغيرها كثير.
القصد من كل ذلك الاستعراض هو لنقول، وبالرغم من الأخطاء التي أدت بأن تصبح العمالة الأجنبية القانونية، وغير القانونية، هي أقرب إلى 13 مليون، من رقم الـ 7 مليون الرسمي، ولأن بيئة العمل السعودية جاذبة لكل تلك الملايين من العمالة، ولأن الحكومة قررت تنفيذ كل تلك المشاريع، خلال مدة زمنية محدودة، لذلك إن كانت الحكومة السعودية تود خفض تلك العمالة، فعليها، بشكل مصاحب، لكل إجراءاتها الأمنية، تهدئة وتيرة المشاريع التي تحتاج كل تلك العمالة، وأحد وسائل التهدئة، هي تمديد فترة التنفيذ لكل من تلك المشاريع، من 3 سنوات،إلى 5، أو 6 سنوات مثلاً.
ب–ولأن نسبة 70% من المشاريع التي تستقطب عمالة أجنبية هي لمشاريع التشييد،والبناء،والتشغيل، والصيانة، يضاف لها القطاع الصحي، وهي التي لا ينجذب لها السعوديون، فهل يعقل أن نطبق أي قرارات للحد من العمالة الأجنبية، دون النظر إلى ما نتطلع إلى تحقيقه من مشاريع ذكرتها أعلاه؟ إلا بإلغاء، أو تأجيل، أو تمديد فترة تنفيذ تلك المشروعات.
ج – لكل ذلك أود أن أقول إن ما حدث كان جيداً عندما نزلت السلطات التنفيذية (ممثلة برجال الجوازات) إلى أوكار تلك العمالة، للتدليل على جـّدية الحكومة، ولكن في نهاية المطاف، لابد من التدرج في تصحيح أوضاع العاملين،وذلك بالتركيز أولاً على ترحيل من وضعه غير قانوني، ثم بترحيل العاملين في الوظائف التي يمكن الاستغناء عن الأجانب فيها، مثل البقالات، والتسويق، ولكن قطاعات الإنشاء، والتشغيل، والصيانة، والقطاع الطبي، فتلك القطاعات تحتاج إلى مدة أطول لتنفيذ خطة الحكومة، ولذلك يجب إعطاء مهلة أطول، بحيث يسمح للعمالة تحت كفالة ما، بالعمل عند كفيل آخر.
د – لا بد من تفعيل دور شركات الاستقدام العامة، لتوفير العمالة لمختلف القطاعات، وهي تمثل حلاً أفضل من الفوضى السائدة اليوم في عملية الاستقدام.
ه – أخيراً، فإن النظام التعليمي، ومعه نظام التدريب الفني، فهما أكبر من يساهم في تفاقم مشكلة البطالة،بسبب أنهما يعيشان خارج واقعنا، ولا يوفران احتياجات سوق العمل، ولابد من تصحيح وضعهما بشكل جذري، لتخريج الشباب السعودي القادر على تولي تلك الأعمال، التي يشغلها حالياً ملايين الأجانب.
هذا الكلام الذي للأسف المسئولين لدينا لا يعنيهم كثيراً بقدر ما يهمهم تنفيذ مطالب شعبوية عاطفية لا تملك الخبرة ولا المعرفة اللازمة في مثل هذه الأمور.
احسنت ....... هذا من اروع ما قرأت عنك ............ يجب التدرج في مثل هذه المواضيع
بسم الله الرحمن الرحيم الاستاذ سليمان المنديل الموقر اشكرك على هذه المقالات الرائعه والصريحه والرؤيه المستقبليه الثاقبه . واعتقد بان هذه المقالات تمثل اساس البناء لاستلام مقاليد احدى الوزارات مستقبلا واعتقد بانها من تقاعدت منها سابقا" الله اعلم . فلك مني كل تحيه واحترام والله يحفظكم ويسدد خطاكم
أشكرك أستاذ سليمان مقال متميز,,, بالعربي كأنك تقراء مافي رأسي ,, وعبرت به,, فأنت مكسب للقراء, وقبلها اداري تنفيذي, بارك الله لك في وقتك ونفع بك
فترة تنفيذ المشروع خط أحمر ليسجل في عهد الملك عبد الله حفظه الله.
مقال واعي مدرك للمستقبل شكرا لك فقد بينت هذا واجب كل ذو من يعمل عملك نعم هناك ناس لهم مصالح لكن بالنسبة للاغلبيه المواطن من سيدفع فاتورة نتائج ماصدر من تنظيمات وتطبيقها فجأة اذ انها قد اقرت لكن قصور تنفيذها حال الي من نحن علية لااظن ولست متشأمن لكنه المعادله ما اهمل ٣ عقود لا اظن ٣ اشهر ستنهي الامر اذ نحناج عقد لتصحيح الوضع وسوف نرا والايام بيننا هل يستمر فقية بما بدأ ان متغيرات السوق وما الي خلافه،،، ستهدي من هرولتة لدرجه جلوسة واكتفاءة بالشاهدة
لماذا لا نجد مقالات بقية كتابنا الاعزاء بالصحافه الورقيه الباقين بمستوى هذا الطرح؟؟؟ شكرا لك وفقك الباريء لمافيه خير لك ولوطنك ولأمتك
تحليل ممتاز. و اضف الى ذلك الغاء نظام الكفيل فذلك جدير بحل المشكلة من جذورها و يعطي الحكومة القدرة المباشرة على التحكم بأعداد الاجانب و تخصصاتهم. تجربة البحرين جديرة بالدراسة