تعاني دول كثيرة من ارتفاع مستويات التضخم لديها بشكل جنوني، وهناك اسباب كثيرة للتضخم و نظريات مختلفة تفسر ارتفاع الاسعار في اوقات معينة، وأحد أقدم هذه النظريات هي النظرية الكمية لصاحبها الفيلسوف الاقتصادي الكلاسيكي ديفيد هوم والتي تشير إلى إقدام دولة بعينها على زيادة طبع النقود لتغطية مصاريفها للبُنى التحتية وخططها السنوية.
عند محاولة إسقاطنا لتلك النظرية على الوضع لدينا، نجد أن اقتصاد الدولة – حماها الله- وقدراتها المالية في أفضل مراحلها على الاطلاق، ما ساهم في زيادة الموجودات الاجنبية بحسب المنشور إلى 2500 مليار ريال، وهو ما يلغي تطابق نظرية هوم مع الواقع لدينا، وهنا قد يقول قائل: إن ذلك التضخم هو تضخم مستورد نتيجة ندرة الانتاج وزيادة الطلب الدولي على السلع، ولكن في الحقيقة ذلك الإدعاء تدحضه بيانات البنك الدولي التي تؤكد أن الأسعار العالمية للغذاء تراجعت في الأشهر القليلة الماضية مع انخفاض في الطلب على الحبوب وتحسُّن في الإمدادات.
ويفهم من ذلك ان مفهوم التضخم المستورد مجرد حجة أضحت واهية مع تأكيدات أهم مركز اقتصادي في العالم بتراجع الأسعار، المشكلة في الحقيقة ترتبط بجشع التاجر محلياً مع السوق الاستهلاكي الكبير الذي لن يغيّر عاداته الاستهلاكية بتاتاً، وقد يحسب لوزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة الدور المحوري الذي بدأت تلعبه وزارته رقابياً على السوق المحلي لحماية المستهلك من نفسه ومن التاجر ومن السوق.
ختاماً قد يسأل أحدهم عن كون التضخم كحالةٍ يُعَدُّ سلبيّاً في المجمل، أعتقد أنه يمثل حالة من الحياد في الاقتصاد كون التضخم يوضح زيادة في الأسعار الإسمية إجمالا، وليس فقط السلع والخدمات، بل وحتى في الأجور التي تصرف للعاملين، وذلك يوازن السوق للمستهلك والبائع في السوق المفتوحة، ولكن قد يساهم المستهلك الفرد ذاته في تعاظم الاسعار في حال زيادة الاموال المتوافرة لدى العامة من خلال اتجاهه لصرفها من خلال بوابتي الانفاق والاقراض للآخرين الذين سوف يرفعون الطلب على السلع والخدمات أيضاً المحدودة في السوق المحلي ما يزيد في الأسعار نتيجة لضغوطات الطلب المحلي.
نقلا عن جريدة اليوم
التضخم ظاهرة لا تعالج بقرارات حماية سعرية والضحك على المواطنين.