ما زالت تقلبات أسعار العملات والأسهم بالإضافة إلى تدفق استثمارات هائلة نحو السلع تحكم التوجه العام لأسواق السلع.
كان هذا الأسبوع هو آخر أسبوع تداول كامل يسبق عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة الأمريكية الأسبوع القادم. ويعني هذا عادة بداية العد التنازلي لنهاية السنة، حيث يشرع الكثير من المتعاملين والصناديق بعده في التركيز على نهاية السنة والموقع الذي يجب أن يكونوا فيه مع بدء شهر ديسمبر الذي يسوده الهدوء عادة.
ظهرت بعض بوادر تراجع الشهية على المخاطرة مع نهاية الأسبوع حيث تنازلت الطاقة والمعادن الأساسية عن بعض المكاسب التي حققتها مؤخراً. وسيظهر الزمن وحده إن كان هذا هو الوضع فعلاً أم أنه مجرد إغلاق مبكر للمواقع.
ما زالت الأموال العائمة في النظام المالي تعود بالنفع على السلع باعتبارها طريقة لتنويع المحافظ وحماية الاستثمارات من مخاطر أزمة دين وعملة أمريكية لا يمكن تجاهلها. وقد أظهرت دراسة أصدرها أحد البنوك الكبرى إلى أن تدفقات الأموال نحو السلع هذه السنة بلغت 60 مليار دولار أمريكي مما يرفع إجمالي المبلغ المستثمر فيها إلى 240 مليار دولار أمريكي مع نهاية السنة.
وقد وصلت معظم المعادن الثمينة وبعض المعادن الأساسية إلى مستويات قياسية جديدة هذه السنة، كما ارتفع مؤشر البلطيق للحمولات السائبة الجافة الذي يشير إلى تكلفة شحن السلع السائبة الجافة حول العالم ارتفاعاً حاداً. وما زال الذهب يتصدر الأخبار حيث ما زال ماضياً في الارتفاع ليصل إلى 1150 دولار أمريكي للأونصة أي بزيادة تعادل 12.3% منذ الإعلان عن قيام الهند بشراء ذهب من صندوق النقد الدولي قبل بضعة أسابيع.
وبرأينا فإن ارتفاع سعر الذهب عن أعلى مستويات وصل إليها في 2008 يعد مؤشراً إلى بدء صعود جديد قد يصل به إلى 1300 دولار أمريكي كهدف أولي يتلوه احتمال وصوله إلى 1500 دولار خلال خمس سنوات. وما زال طريق الذهب طويلاُ سواء من حيث الزيادة السعرية أو سنوات الزيادة، وقد يتقلب سعره أحياناً ويواجه انخفاضاً كل ربع سنة إلا أن اتجاهه العام سيكون نحو الصعود.
ولكن عقود الذهب القصيرة الأجل شهدت ارتفاعاً شديداً لم نشهده لسنوات طويلة. لذا فإننا ندعو المستثمرين الجدد إلى الصبر حيث ثمة احتمال كبير لحدوث تراجع إلى 1120 دولار وربما إلى 1100 دولار. وقد يبدأ التصحيح مع العطلة القادمة في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل حيث قد نشهد موجة من حجز الأرباح في الأسواق الموازية مثل سوق اليورو-الدولار مما يضعف بعض الدعم الذي ظهر مؤخراً.
وما زال قطاع الطاقة مدفوعاً بالواقع الحالي مقابل التوقعات المستقبلية حيث ما زال الطلب ضعيفاً بشكل عام. فالطلب الجيد من الاقتصادات الناشئة يقابله استمرار ضعف الطلب من الدول المتقدمة.
وعلى هذا الأساس، لا زالت شهية المستثمرين المتجهة بشكل عام نحو السلع تشكل الدافع الرئيسي لأسعار الطاقة حيث يبحث المستثمرون عن حماية من الدولار المتراجع. وبفضل هذه البوادر بقي سعر النفط الخام مرتفعاً عما كان عليه الشهر الماضي حيث يتراوح حالياً ما بين 75 إلى 80 دولار.
وما زال الوضع الاقتصادي العالمي يشهد تحسناً خلال الأرباع الأخيرة على خلفية استمرار خسائر الوظائف مما يطرح علامة استفهام كبرى حول موعد وسرعة زيادة الاستهلاك. أما الآن فإن المخاوف من ضعف الدولار والتضخم المستقبلي يجب أن تكون كافية لدعم الأسعار خلال الأسابيع والأشهر القادمة.
ومن الناحية الفنية ما زالت أسعار النفط الخام تسليم يناير تتراوح ما بين 75 و80 دولار مع ظهور بعض الإقبال على المخاطرة خلال الأيام الأخيرة مدعوماً بقوة الدولار. وسيبقى هناك احتمال كبير للارتفاع طالما أن الأسعار بقيت فوق مستوى 75 دولار، أما إذا هبطت دون هذا المستوى فثمة خطر بعودتها إلى نطاق 65 إلى 75 دولار أمريكي الذي كانت عليه مؤخراً. وقد يكون التركيز الرئيسي في بداية الأسبوع القادم على إغلاق المواقع قبل العطلة في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل.