في الأسبوع الماضي، أرسل لي أحد الإخوة الأعزاء خبراً مفاده أن عديدا من المستثمرين سحبوا أموالهم من الأسهم خلال العام الحالي لاستثمارها في بدائل استثمارية أقل مخاطرة كالمرابحات والصكوك. وقد كان يطلب رأيي في هذا الخبر وما إذا كنت أؤيد ذلك.
في هذا الصدد لا بد من التفرقة بين ما يفعله معظم الناس وما ينبغي لهم فعله ففي أغلب الأحيان تلاحق الأموال الفئات الاستثمارية الأفضل أداءً ولكنها عادة ما تتأخر عنها بما بين ثلاثة أشهر وسنة، أي أن الفئات الاستثمارية والأسواق التي تجتذب أكبر كمية من الاستثمارات في فترة معينة هي عادة تلك التي حققت أفضل العوائد في الفترة التي سبقتها. هذا البحث المستمر عن أفضل الاستثمارات بالنظر إلى الأداء في الفترة القصيرة الماضية عادة ما يضر المستثمرين، إذ يصبح المستثمر كمن يحاول أن يقود سيارة بالنظر في مرآته الخلفية. وذلك لأن الاستثمارات التي يكون أداؤها ممتازاً في فترة معينة على المدى القصير عادة ما تصبح مرتفعة أسعارها مما يؤدي في كثير من الأحيان لتصحيحها وانخفاضها في الفترة التي تليها، والعكس صحيح. هذا المد والجزر للأسواق المالية يطلق عليه علماء المالية «التذبذب حول المتوسط» حيث نجد أن التيار العام لمعظم الفئات الاستثمارية على المدى الطويل هو الصعود على المدى الطويل، لكن الأسعار تتذبذب على المدى القصير حول هذا التيار الصاعد فتكون أعلى منه تارة وأقل منه تارة أخرى.
فعلى سبيل المثال، شهدت الفترة بين الربع الأخير من عام 2008م والربع الثالث من 2009م سحوبات كبيرة من أسواق الأسهم. ولكن الناظر اليوم كان سيرى أن هذه السحوبات كانت في أسوأ وقت، حيث حققت الأسهم أداء ممتازاً في العام الحالي، فارتفعت أسهم الدول النامية بما يزيد على 60 في المائة بينما حققت أسهم الدول المتطورة عوائد تزيد على 20 في المائة. هذا يعني أن كثيرا من المستثمرين، وللأسف، تحملوا كامل خسارة الأسهم في 2008م ثم حولوا أموالهم للمرابحات والبدائل الاستثمارية الأقل مخاطرة مما أفقدهم كل مكاسب الأسهم اللاحقة. وبإمكانك عزيزي القارئ أن ترى كيف أن هذه الاستراتيجية تضر بصحتك المالية.
ومن السرد الوارد بعاليه نقدم التوصيات التالية:
* عند اتخاذ قراراتك الاستثمارية لا تنغر بالاستناد إلى أداء أي استثمار في الفترة القصيرة الماضية، فعادة ما يؤدي الصعود السريع في فترة معينة إلى انهيار في الفترة التي تلحقها، وكذلك انهيار الأسعار في فترة معينة قد يؤدي إلى وصولها إلى مستويات سعرية جيدة مما يؤدي لأن تحقق عوائد جيدة في الفترة التي تليها. وينبغي هنا التفرقة بين سجل الأداء على المدى الطويل (الذي يمكن اعتباره مؤشراً جيداً للأداء المتوقع في المستقبل) والأداء على المدى القصير، الذي لا يمكن أخذه كمؤشر لتوقعات الأداء في المستقبل. فعلى سبيل المثال الذي نظر لأداء الأسهم السعودية في عام 2005م (+104 في المائة) بدأ يحلم بـ (التدبيلة) كل عام، بينما متوسط أداء سوق الأسهم السعودي على المدى الطويل (من 1985م إلى 2008م) كان أقرب إلى 11.5 في المائة سنوياً.
* احرص دائماً على التنويع في أسواق مالية مختلفة وفي فئات استثمارية متعددة (كالأسهم والعقارات والصكوك والسلع والمرابحات) فأنت لا تعلم ما الفئة الاستثمارية التي سيكتب لها الرواج في الفترة القصيرة المقبلة.
* لا تبالغ في تحويل استثماراتك بالكامل بين فئة استثمارية وأخرى فمختلف الأدلة التجريبية تشير إلى أن عديدا من المستثمرين غالباً ما يجرون هذه التحويلات كردّة فعل وفي أسوا الأوقات مما يسبب لهم الخسارة أو فوات الكسب في كثير من الأحيان. ولكن لا بأس من تعديل أوزان الفئات المختلفة والأسواق المختلفة في محفظتك لاستغلال بعض التغيرات التي تتوقعها على المدى القصير، لطالما أن هذه التعديلات لا تقلب القاعدة الأساسية وهي المحافظة على التنويع في جميع الأحوال.
شكرا جزيلا بس ياباشا كل واحد ليه طريقته
جزاك الله خير على هذه النصائح ... لكن يؤخذ عليك يا استاذ محمد ان كتاباتك تعبر عن رؤية واستراتيجية شركة دراية وهذا ما يجعل درجة قابليتها لدى الناس اقل تقبل مداخلتي ودمت بود استاذنا العزيز
بارك الله فيك وكثر من امثالك