فاتورةٌ مؤجله بفوائد مركبه

07/10/2009 0
خالد أبو شادي

فى السادس والعشرين من شهر سبتمبر – أيلول 2009- الماضى وجهت الطبيعه رساله عمليه الى الاجتماع العالمى المنتظر فى ديسمبر –كانون الاول 2009- والخاص بمناقشه مشكله المناخ من خلال اعصار كيتسانا والذى غمر كل من الفلبين وفيتنام وكمبوديا بامطار غزيره ،وبفاتوره خسائر قُدرت بسته بليونات من الدولارات نالت البنيه التحتيه وقطاع الزراعه النصيب الاكبر منها وذكرتنا بتسونامى 2004، وكان مركز الغضب فى جزيره ساموا بالمحيط الهادى عندما ضربها زلزال قوى تعدت قراءة مقياس ريختر له الدرجات الثمانى ليتولد تسومانى دمر كثير من القرى وبالطبع القتلى بالمئات والمشردين بالالآف.

وقد نالت اندونسيا نصيبها من غضب الطبيعه عندما اهتزت جزيره سومطره فى اعقاب تعرضها لزلزالين قويين اعلنت معهما عجزها عن مواجهه كم الدمار الواسع الذى تعرضت له وطالبت بمساعدات دوليه عاجله،هذه الاخبار المتواتره تبعث برساله عاجله الى "قمه الاحتباس الحرارى" التى لم تقدم او تؤخر منذ اجتماعات ريودى جانيرو فى عام 1992 ،حيث اعلن القاده الكبار عن تخفيض سيتم فى انبعاثات ثانى اكسيد الكربون بحلول عام 2000 ولم يتم تخفيض شىء، واجتمعوا ثانيه فى كيوتو 1997 وقالوا اننا سنسعى لتخفيض الانبعاثات فى عام 2010 ولم يتم تخفيض شىء، فمع من اذاً يماطل الساسه ويحاولون اكتساب بعض الوقت؟؟ ألا يعرفون غضب الطبيعه؟؟ بالطبع سيعرفون ولكن بفواتير مكلفه يعجزون عن دفعها تماما.

والعجيب ان الساسه يستطيعون تماما ايجاد الحيل للخروج من مأزق مواجهه مشكله عالميه لا مناص من وضع حلول منطقيه وعمليه لها، حيث ان الاستثمار فى هندسه المناخ مجديا وليس كما يتصور البعض شكلا من اشكال الترف وعمل المرفهين من البشر. ويذكر بيورن لومبرج احد المهتمين بالشأن البيئى ان دراسات ايريك بيكل ولى لين وهما من ابرز الخبراء الاقتصاديين واللذان قدما ادله دامغه على ان استثمار فى ذلك الشأن سيكون ناجحا وناجعا. لكن علينا ان نعلم – كما يقر لومبرج- بأن الفارق الزمنى بين خفض نسبه الكربون والوصول الى انخفاض ملموس فى درجه حراره الارض سيأخد وقتا طويلا ويحاول تقريب الفكره بضرب مثال انتشار الكهرباء والتى اخذت فتره طويله زادت عن قرن كامل حتى تنير الكره الارضيه بنسبه مرضية.

ورغم انه لم يذكر ارقاما بعينها الا ان الامر لن يقدم او يؤخر فآذآن الساسه لن تسمع تلك النداءات وان سمعتها فلن تعيرها اهتماما او ربما ستسخر منها كما فعل آل جور عندما قال ذات يوم : انه مادام انبعاث ثانى اكسيد الكربون يؤثر سلبا على البيئه فعلينا ان نوقفه،اننا ملتزمون اخلاقيا بذلك ...لكننا نتجاهل نصف الحقيقه لاننا نعلم تماما ان السرعات العاليه للسيارات قد تتسبب فى قتل الكثيرين، وهذا يعنى اننا يجب ان نلتزم بتخفيض هذه السرعات الى حد الصفر لكننا بالطبع لن نفعل ذلك ،لان التكاليف المترتبه على السيارات عاليه السرعه يجب ان تُوزن فى مقابل الفوائد المترتبه على قدره المجتمع على التحرك انتهى كلام آل جور.

وربما بنفس الاسلوب كان رد رئيس الوزراء الصينى على انجيلا ميركل المستششاره الالمانيه عندما طلبت منه المساهمه فى فاتوره الحد من الانبعاثات الكربونيه فرد عليها قائلا:ان الصين لوثت الجو لمده عقود ثلاثه اما الغرب فقد لوثه لمده مائتى عام. وربما يعد رفض الولايات المتحده على عدم التوقيع على الاتفاقيات الخاصه بالبيئه امرا طبيعيا تماما كعدم توقيع اسرائيل على معاهدات منع الانتشار النووى، ويعد الحديث عنه ايضا نوع من تحصيل الحاصل لا اكثر ولا اقل. ولهذا اتهم هنرى واكسمان عضو الكونجرس اداره بوش السابقه بتضليل الرأى العام فيما يتعلق بالانبعاث الحرارى واستخدام علماء فى هذا التضليل ولم يكن مستغربا ايضا ان يقول جيم هانسن احد العلماء البارزين فى علوم المناخ : ان الديمقراطيه تتوقف عن العمل حين يتصل الامر بالتعامل مع الاحتباس الحرارى.

وربما يذهب البعض الى القول بأن هناك مبالغات اعلاميه قامت بالتهويل من شأن قضيه انبعاثات ثانى اكسيد الكربون والانبعاث الحرارى تماما كما فعلت الواشنطن بوست عندما اوردت تقريرا عن هلع الاطفال غير المنطقى بسبب ما تفعله وكالات ووسائل الاعلام حيث اورد التقرير كلمات مؤثره على لسان الاطفال امثال الطفله أليسا التى قالت: انا لا احب الاحتباس الحرارى لانه يقتل الحيوانات وانا احب الحيوانات، انا منزعجه من الاحتباس الحرارى العالمى ،انا لااريد ان اموت ...الى هنا كلام الطفله أليسا. وربما يصب فى هذا الصدد انقسام العلماء حول ظاهره الاحتباس الحرارى ذاتها حيث يقر البعض بأن انبعاثات الكربون والكوروفلوركربون سبب اساسى فى ارتفاع درجه حراره الارض بينما يقول البعض ان هذه الظاهره طبيعيه والارض تتعرض لدورات مناخيه بين الارتفاع والانخفاض ويستشهدون بالفتره شديده البروده التى عاشتها اوروبا فى القرنين السابع عشر والثامن عشر ، وان حراره الارض اخذت فى الارتفاع منذ بدايه القرن العشرين وفى ثمانينات نفس القرن بدأت صيحات الاحتباس الحرارى فى التعالى والظهور.وربما يتنبأ البعض بعصر جليدى جديد ، ويؤكدون ان برامج الحاسب الالى تعد قاصره فى تحديد وفهم طبيعه مناخ الارض نظرا لتعقد نظامه.

وحقيقه فان اختف العلماء حول تفسير الظواهر الطبيعيه معروف تماما ، لكن المنطقى والملموس ان الاستخدام الجائر للموارد الطبيعيه قد ادى بنا الى النتائج الحاليه والتى أثرت فى مناخ الارض بلا شك. ونحن مطالبون بالحفاظ على مابقى حتى لا ينهار النظام البيئى تماما ويعقد حياتنا اكثر مما تعقدت ،وعلى طاوله قمه كوبنهاجن المرتقبه فى ديسمبر القادم تقبع كومه من المشكلات البيئيه التى لابد من ايجاد الحلول لها بدلا من تبادل الابتسامات البلهاء امام كاميرات وعدسات الاعلاميين. فدالات الانهار مثل المسيسبى ونهر النيل مهدده بالاختفاء،وجليد القطبين مهدده تماما بالذوبان قبل منتصف قرننا الحالى، وعدد الاعاصير آخذ فى الارتفاع بشكل واضح مهددا المدن الساحليه بالدمار الشامل حيث تصل سرعه امواج المياه الى 350 كيلو متر فى الساعه مندفعه بقوة هائله مدمره كل ما امامها مهما كانت قوته وصلابته،حيث تحمل العواصف والاعاصير مائه الف متر مكعب من الماء لكل متر واحد من اليابسه-على حد قول الدكتور زغلول النجار استاذ علوم الارض والعالم الاسلامى البارز- فهل تخيلنا حجم الدمار الذى من الممكن ان تسببه؟؟؟ وربما يكون تسونامى 2004 خير شاهد على ذلك لكنهم دائما يتناسوا الحقائق التى لا يريدون الحديث عنها. ويضيف ايضا ان معدل اندثار الكائنات الحيه على الشواطىء وصل الى اندثار ثلاثه انواع كل ساعه كنتيجه طبيعيه للعواصف والتلوث البحرى.

ولا يتوقف الامر عند ذلك فالقضاء المنظم على المساحات الشاسعه من الغابات احدث خلالا واضحا فى النظام البيئىء،ويكفينا ان نعرف ان الشجره الواحده تمتص 90 الف طن من الكربون، فهل تخيلنا كم عدد الاشجار التى دمرت وكم بقى من الكربون عالقا فى الجو بسبب ذلك؟؟؟ والكلام مازال للدكتور النجار الذى يقر ان الولايات المتحده الامريكيه هى الملوث الاول للارض حيث تقع عليها مسؤليه 29.4% من نسبه ارتفاع ثانى اكسيد الكربون تليها روسيا واليابان ،فى حين يخلف مواطنها الواحد طنا من النفايات والقمامه. ناهيك عن الامراض التى تصيب الجلد مثل السرطانات وامراض العيون جراء الاشعه فوق البنفسجيه نتيجه لثقب الاوزون خصوصا فى استراليا وجنوب افريقيا، اضف الى ذلك ظهور امراض غير معروفه ،والتى ربما تكون انفلونزا الخنارير احداها والتى يقر احد العلماء ان طاعونا يُنتظر قدومه قد تأخر،فهاهو قد اتى فماذا انتم فاعلون؟ بالطبع هذه امثله بسيطه وغير تفصيليه والتى تعد نتائج منطقيه للاعتداء على البيئه مصداقا لقول الحق جل وعلا "ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت ايدى الناس"..فحقا هو فساد وافساد، لا ينكره عاقل ولا يرفضه حكيم. ولاادرى ماذا يفعلون فى قمه كوبنهاجن القادمه فهل سيقدمون على شىء عملى ام سيكتفون بالكلمات والشعارات مثل كل مره وتزداد الفاتوره تضخما ويزداد الامر تفاقما !!!!