حقل يبال العماني «جرس الإنذار المبكر للدول المجاورة»

08/09/2012 7
د. أنور أبو العلا

البترول في الموقع Oil in place (الكمية الكلية التي أوجدها الله في الحقل) حتى لو اجتمعت أحدث تكنولوجيا الثقلين (الإنس والجن) على أن يزيدوها قطرة بترول واحدة لا يمكن أن يزيدوها. إنما كل ما تستطيع التكنولوجيا زيادته هو زيادة معدل الكمية المستخرجة Recovery rate (الجزء الذي يمكن استخراجه من الكمية الكلية).

فعلى سبيل المثال: لو كان البترول في الحقل قدره ألف برميل وكان معدل الاستخراج 35 % (متوسط المعدل العالمي الآن) فسيتم استخراج 350 برميلاً وستضيع 650 برميلاً تحت الأرض، واذا كان معدل الاستخراج 70% (أقصى ما تطمح لتحقيقه التكنولوجيا الآن) فإن أقصى كمية سيتم استخراجها هي 700 برميل وستضيع 300 برميل تحت الأرض.

كذلك الملاحظ على أرض الواقع أن أول ما يبدأ إنتاج بترول دولة في الاقتراب من ذروته يأتيها الإنذار فجأة بانخفاض إنتاج أكبر حقولها فتبدأ الشركات المنتجة (مدفوعة بحلاوة الروح) محاولاتها لتلافي انخفاض إنتاجها باستنفار حقولها الصغيرة واستخدام المحفّزات فتنجح لفترة قصيرة (عدة سنوات) في إعادة الإنتاج الى ما كان عليه ولكن لا يلبث الإنتاج طويلا حتى يعاود انخفاضه بأسرع مما كان عليه، هذا ما حدث تماما في جميع الدول التي بدأ إنتاجها في الانخفاض مؤخرا فعلى سبيل المثال: حقل Cantarell اكبر حقول المكسيك، وحقلا Duri وMinas اكبر حقول اندونيسيا، وحقلا Ekofisk و Grane اكبر حقول النرويج وحقل Yibal اكبر حقول عمان وهكذا.

إذن ما مدى امكانية زيادة احتياطي سلطنة عمان سواء عن طريق اكتشاف حقول جديدة او عن طريق زيادة معدل الاستخراج؟

تتكون حقول بترول عمان من مجمعات صغيرة ولذا تكاليف استخراج بترولها أعلى من تكاليف استخراج بترول دول مجلس التعاون الاخرى، وجميع حقول عمان هي داخل اليابسة، وحتى الآن -على حد علمي- لا يوجد دلائل على وجود حقول بترول واعدة داخل حدودها البحرية لذا يبدو ان احتمال اضافة كبيرة الى الاحتياطي عن طريق اكتشاف حقول بترول تقليدي جديدة ضئيل، اما زيادة معدلات الاستخراج فإنها مكلفة ومعقدة وتتأثر الى حد كبير بأسعار البترول.

الحافز التجاري يغري الشركات الأجنبية في عمان أن تستميت -قدر استطاعتها- للمحافظة على انتاجها اليومي فوق 900 ألف برميل طالما تضيف ولو دولارا واحدا الى ارباحها الصافية، بينما بالنسبة لعمان كدولة فلديها خيار افضل بأن تطيل عمر بترولها بترشيد انتاجها اليومي الى 500 الف برميل، فقليل يدوم طويلا خير من كثير يزول سريعا.

فضيحة حقل يبال (وهو لعمان بمثابة الغوار للمملكة وبرقان للكويت) كانت حديث الاوساط البترولية عام 2004 عندما فاجأت شركة شل العالم بتخفيض احتياطياته بمقدار 40% واعلان فشلها في الحفر الأفقي عكس ما كانت تصرّح به مما ادى الى الإطاحة برئيس الشركة.

يجب على الشركات الوطنية المنتجة للبترول أن تأخذ العبرة من حقل يبال عند اتخاذها قرارت وضع خطة انتاجها لأن أهدافها وواجباتها الاساسية هو صالح الأمة وليس تحقيق الربح السريع للمساهمين خلال الفترة المحدودة بمدة الامتياز.

الأسبوع القادم -إن شاء الله- يسرني أن أرد على أخي في الله الدكتور ابن جمعة.