يقرر العالم العربي المسلم عبدالرحمن بن خلدون (٧٣٢ - ٨٠٨ه) في مقدمته المشهورة، التي أسس بها (علم الاجتماع) وأسماه (العمران).. يقرر في أكثر من موضع أن الترف يؤدي إلى الفساد المالي والأخلاقي والاجتماعي.
وقد قال ص ٣٧١ - ٣٧٤ من المقدمة إن الرفاهية المبالغ فيها تفسد أفراد المجتمع واحداً احداً من المترفين ثم تفسد المجتمع كله، وهذا معنى قول العامة إنه إذا كثر غرس النارنج والسرو والدفلى في المنازل ابتدأ المجتمع في الانحدار الاقتصادي والأخلاقي.. وليس ذلك لخاصية تلك النباتات كما يعتقد العامة وإنما - حسب ابن خلدون - أن كثرة أشجار الزينة في المنازل واجراء المياه العذبة فيها بإسراف وإنفاق الأموال عليها هو مذهب من مذاهب الترف ومظهر من مظاهر الرفاهية..
ويرى ابن خلدون أن الاسترسال في الترف والاستسلام للرفاهية تدعو للانهماك في الشهوات والتفنن فيها مما يفسد الأخلاق.. ويقول ص٣٧٤ (.. إن الترف إذا بلغ غايته انقلب إلى الفساد..) (إنّ الأخلاق الحاصلة من الرفاهية والترف هي عين الفساد لأن الإنسان إنما هو إنسان بقدرته على جلب منافعه ودفع مضاره بنفسه والسعي في ذلك وتحمُّل العمل الشاق.. والمترف المرفه لا يقدر على مباشرة حاجته والقيام بما يتطلبه إما عجزاً أو ترفعاً لأنه مربى في النعيم وكلا الأمرين ذميم).. ثم يصف الفارق في الرفاهية بأنه (.. هو فاسد في طرق الحصول على المال ليستمر في الحصول على الترف الذي اعتاده ولم يعد يصبر عنه، وهو فاسد في قدرته على العمل الجاد المنتج للمال، فيفسد في خلقه ودينه وتفسد إنسانيته ويصير مسخاً على الحقيقة..) ص٣٧٤.. ثم تطرق في موضع آخر لاستعانة المرفهين بالخدم والمساعدين مما يزيد رفاهيتهم ويوسع دوائر الفساد، وقد نعرض رأيه في الاستعانة بالعمالة الوافدة، فابن خلدون عالم فذ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ . ح عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْفَضْلِ ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ بِشْرٍ ، قَالا . ح مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ . ح هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " وَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ "
ومن اجمل ماقيل : اخشوشنوا فان النعمة لاتدوم ...!!
النعم والرفاهية والحياة الكريمة تدوم للإنسان وللمجتمعات إذا كانت إدارته لها واعية مدركة أسباب إستمرارها ونموها ، والعلم والأخلاق(وإنما الأمم الأخلاق) بتعدد صورها هما الوسيله لحفظها ، أما الأسباب المؤدية لزوال تلك النعم فهو عدم شكرها بفقد تلك الاسباب وزوالها ، وهو مسؤولية التعليم والمجتمعات وقوانينها وحفظ حقوق ساكنيها ومدى تنفيذ تلك الأنظمة من عدمه حتى تكون للفرد فى منزله وبين أبناءه نبراساً واسلوب حياة يؤدى لحفظ تلك النعم والتمتع بوجودها واستمرار بقائها الى ما شاء الله ....
اخ عبدالله انا احبك بالله واحترم رأيك واسامحك واتمنى لك الخير والله على مااقول شهيد
على العين والراس... لا تحتاج ابن خلدون في هذه...أي شيء إذا زاد عن حده انقلب ضده. زيادة المال والترف السلبي شيء ونقص المال والفقر شيء آخر، وخير الأمور أوسطها. أكثر الفساد الأخلاقي وليس الفساد الإداري أو المجتمعي هو من نصيب الفقراء وبسببهم!! المخدرات والسرقات والدعارة والقتل وآفات كثيرة للأسف للفقر دور كبير بها، وليس المترفين. هذا إن أردنا الحديث بموضوعية وعقل وليس قصص وسواليف.
الأخ Sharpshooter اعتقد أن كلامك عن الفقر صحيح ؛ والفساد أسبابه كثيرة؛ الترف، الحاجة، الظلم، الجهل، الفوضى وعدم وجود أنظمة... الخ. الفساد أحد أبناء أخطاء الكلّ.. وليتنا نتحمل المسؤولية فذلك أفضل بكثير من الإسقاط على شريحة واحدة.
الاستاذ عبد الله جميل ف مقالاتة والموضوع جدير بالاهتمام واشكركم
شكرااستاذعبدالله..موضوع رائع
استاذي الكريم،الترف والفقركلها تؤدي للفساد
ربنا لاتؤخذنا بما فعل السفهاء منا
للأسف مكتوب من ألف سنة .... ولم نتعظ او نستدرئ ... وهوينا فى المحظور الى يحذرنا منه ابن خلدون
ونفس الكلام ينطبق على الفقر
ابن خلدون فلته تاريخية