منذ بداية الأزمة المالية العالمية شهدت الأسواق المالية في كل أنحاء العالم تقلبا حادا فيها، وتقلبا حادا ومؤثرا في مزاج الاقتصاد ما دفع الكثير من العاملين والأكاديميين إلى أن يعيدوا النظر في كثير من النظريات المالية والاقتصادية بعد أن شهدت أو كادت تشهد هذه النظريات تلاشيها بفعل ما حدث في الاقتصاد، وأيضا بعد أن أشهر عدد من الشركات الكبرى إفلاسها ودخولها مرحلة الحماية من الدائنين.
وكانت من الشركات التي تصنف بأنها كبيرة جدا على أن تهوى بنك ليمان براذر الذي كان شرارة الانهيار المالي العالمي، ومن ثم جاء دخول جنرال موتورز التي كانت أكبر مصنع سيارات في العالم الحماية ضد الدائنين وعدد كبير من الشركات الكبرى التي كانت تعد علامات تجارية عظيمة وأيقونات تحتذى في دنيا المال والأعمال، إثر هذا التقلب وكون أن جميع هذه الأزمات تنعكس على الأسواق المالية وبشكل مباشر، وأيضا كون عدد من الشركات وأدوات الدَين المنهارة مدرجة.
وضعت هذه الظروف العديد من النظريات الأكاديمية الخاصة بإدارة الأصول والاستثمار في مأزق، حيث لم تحم بعد هذه النظريات حامليها من التعرض لخسائر كبيرة أو حتى الإفلاس، فانطلقت قناعات ونظريات جديدة في الأسواق المالية وإدارة الأصول كانت تشير إلى انتهاء عصر الشراء والاحتفاظ دون مراجعة، فمن كان يحمل ليمان براذر لم يأت على بال مساهميه ومستثمريه تعرض البنك للافلاس أو تعرضهم لخسارتهم موجوداتهم بسبب هذا الاستثمار، في نظر عدد من الكتب والاستثمار وفي نظر المتمرسين في هذه الأعمال أصبح المستثمر يحتاج إلى ديناميكية أكبر في التعامل مع الأسواق المالية خصوصا مع المعطيات والمتغيرات الكثيرة التي تمر بنا منذ بدايات الأزمة المالية العالمية وحتى أحيانا الاكتشافات الجديدة يكون لها دور في تغير القراءة لبعض الاستثمارات.
طبعا جاءت المتغيرات مشيرة إلى أن في وقتنا الحالي أصبحت نظرية الشراء والاحتفاظ غير فاعلة في الاستثمار بسبب كل هذه المعطيات، وفي ظل ارتفاع المطالب بأن تكون إدارة الصناديق والمحافظ والاستثمارات بشكل ديناميكي قابل للتغيير وجريء في اتخاذ القرار ورغم أن عددا لا بأس به من مديري الأصول في شركات الاستثمار نهجوا هذا النهج، إلا أن هناك من يحارب الديناميكية في إدارة الأصول وتقبل التغيرات والتقلبات في الأسواق المالية وأهمها بعض تشريعات وقوانين صناديق الاستثمار المعمول بها حاليا في عدد من هيئات الأسواق المالية رغم أن الديناميكية في اتخاذ القرار شيء مختلف عن المتاجرة السريعة «المضاربة» في الأسواق المالية إنما هي إضافة لعدد من الموازين الجديدة التي تسهم في تحقيق أرباح رأس مالية، إضافة إلى الأرباح الاستثمارية والعوائد، بإمكان متابع أداء الصناديق الاستثمارية أن يرى كيف أنها جامدة وغير مرنة للتغيرات إلا في القليل منها وهذا ما أفقدها جاذبيتها منذ انهيار السوق المالية السعودية في فبراير 2006م حتى اليوم.