لمحة عن تاريخ بورصة الكويت وأزماتها ومعايير انتقاء الأسهم حالياً

24/05/2011 1
مركز الجُمان

أولا: تاريخ البورصة في الكويت : • البداية في خمسينيات القرن الماضي (العشرين). • الموقع الأول : السوق الداخلي : المباركية ، وفي خمسينيات قرن العشرين الماضي، وقد شهدت هذه الحقبة تداول الأسهم بالروبيات الهندية ، ثم الدينار الكويت بعد الاستقلال ، وكانت القيمة الاسمية 10 دك للسهم الواحد لمعظم الشركات .

• الموقع الثاني : بلوك 5 السرداب ، سوق التجار مقابل قصر السيف ، وذلك اعتبارا من بداية سبعينيات القرن الماضي ، والتي شهدت أيضا تجزئة السهم إلى 10 أسهم ، أي 1 دك بدلا من 10 دك ، وقد تم افتتاح سوق ثانوي وغير رسمي في جانب كبير من تداولاته – نهاية السبعينيات - تحت مسمى " سوق المناخ " خلال هذه الحقبة .

• الموقع الثالث : هو الموقع الحالي بشارع مبارك الكبير ، وذلك في بداية ثمانينيات القرن الماضي ، والذي شهد أيضا تجزئة القيمة الاسمية للسهم مرة أخرى إلى عشرة ، أي بواقع 100 فلس للسهم الواحد .

ثانيا : قوانين البورصة :

• كانت هناك إجراءات ولوائح ونظم يتم إعدادها من وقت لآخر وفقا للحاجة منذ البداية .

• بعد أزمة المناخ عام 1982 ، تم إصدار أول قانون لسوق الكويت للأوراق المالية عام 1983.

• استمر اصدار التنظيمات والإجراءات ، وأحيانا قوانين مثل قانون الإفصاح ، وذلك من وقت لآخر وفقا للحاجة ، أو رد فعل لمشكلة معينة أو ظرف محدد .

• تم إصدار قانون هيئة أسواق المال عام 2010 ولائحته التنفيذية عام 2011 ، وذلك كنظام تشريعي وقانوني متكامل .

ثالثا : أزمات البورصة :

• أزمة 1976 : بعد طفرة أسعار النفط عام 1973 ، حدث رواج اقتصادي كبير جدا في الكويت ، وقد تضخمت أسعار الأصول مثل العقارات والأسهم ، وذلك إلى درجة مبالغ فيها أحيانا ، وبالتالي ، حدثت الأزمة وتدخلت الدولة في شراء الأسهم من المواطنين وأممت بعض الشركات .

• أزمة المناخ 1982 : بعد الضوابط التي تم استحداثها إبان أزمة 1976، انتقل النشاط الرئيسي للأسهم من البورصة الرسمية " السرداب " إلى سوق ثانوي "سوق المناخ " ، حيث نشطت عمليات تأسيس الشركات الكويتية المقفلة وكذلك الخليجية ، وكان بعضها حقيقيا وبعضها الآخر وهميا ، كما بدأ التداول بالآجل ، بالإضافة إلى التداول النقدي ، وقد استفحل التداول بالآجل بشكل كبير وخطير جدا قُبيل حدوث الأزمة في صيف عام 1982 ، حيث كان سعر السهم يتضاعف – وربما لعدة مرات - عند الاتفاق على صفقته بالأجل ، حتى بالأجل القصير الذي لا يتجاوز 12 شهرا .

• أزمة عام 1998 : بعد تحرير دولة الكويت عام 1991 وعودة النشاط الاقتصادي تدريجيا وإعادة افتتاح البورصة ؛ قامت الدولة ببيع حصصها في الشركات المدرجة اعتبارا من عام 1995 على وجه التقريب ، والذي كان بالمزاد لشريحة منه ، واكتتاب عام لشريحة أخرى بسعر تفصيلي عن سعر المزاد ، مما استدرج رساميل المجتمع الاقتصادي كمؤسسات وأفراد ، وأيضا جموعا غفيرة من المواطنين من خلال الاكتتابات العامة ، والتي كانت مربحة جدا في بدايتها ، كما قدمت البنوك تسهيلات ضخمة لتمويل عمليات السيطرة على الشركات بالمزادات ، بالإضافة إلى تسهيلات لتمويل توسعات الشركات المدرجة سواء المدروس منها أو غير المدروس ، وقد تضخمت أسعار الأسهم تبعا لذلك بشكل عام ، وظهرت بعض ممارسات التلاعب والتضليل للكسب غير المشروع ، وقد تدخل بنك الكويت المركزي في النصف الثاني من عام 1997 لتنظيم منح الائتمان ، والذي أدى إلى جفاف السيولة لدى المتداولين ، ومنهم شريحة عريضة من المتلاعبين ، وقد انتهى المطاف إلى انفجار فقاعة الأسهم في عام 1998 ، حيث حدث هبوط حاد للبورصة بلغ نحو 40% ، وهو أول هبوط حاد للبورصة بعد افتتاحها إبّان تحرير الكويت من الاحتلال العراقي.

• أزمة 2008 : بعد أزمة 1998 ، استمر هبوط البورصة ولو بدرجة اقل عام 1999 ، وبشكل طفيف عام 2000 ، إلى أن وصلت معظم الأسهم قريبا من أسعارها المنطقية ، وقد تماسكت البورصة عام 2001 وارتفعت بشكل معتدل عام 2002 ، وذلك في إطار حركة تصحيحية طبيعية بدأت عام 1998 حتى عام 2002 ، وذلك إلى أن سقط النظام العراقي السابق عام 2003 ، حيث حدثت فورة في أسعار الأسهم وتأسيس الشركات وإدارجها ، وظهر اعتبارا من ذلك العام وبشكل واضح ؛ مصطلح " الشركات الورقية " ، أي تأسيس شركات دون نشاط اقتصادي حقيقي لها ، وذلك بهدف إدارجها في البورصة ، حيث يكون سعر التأسيس قرب القيمة الاسمية (100 فلس) ، وعادة ما يتم إدارجها بما لايقل عن 200 فلس ، ومن ثمّ تبدأ عمليات التلاعب من حيث التداول المتفق عليه - أي المصطنع - ونشر الأخبار الكاذبة في الصحف ، وكذلك بث الإشاعات المغرضة بهدف رفع الأسهم من جانب البعض لتصريفها أو توريط البعض الآخر بها ، كما بدأت موجة زيادة رساميل الشركات بشكل حاد جدا ، وذلك دون مبرر في غالب الحالات ، حيث تم رفع رأسمال عدة شركات بشكل مضاعف في سنة واحدة ، وذلك لامتصاص السيولة من المواطنين ، وتسخيرها بواسطة شركات ورقية للمضاربة والتلاعب ، وقد صاحب هذه الحقبة عمليات سيطرة على عدة شركات مدرجة وغير مدرجة ، بـأسعار مبالغ بها في كثير من الحالات ، ونشأت سلسلة نزاعات متنوعة ما بين إدارة البورصة من جانب ، وكبار اللاعبين الرئيسيين فيها ، كما كان هناك نزاع أحيانا ما بين مجاميع ناشطة في البورصة بعضها البعض ، جراء تصاعد حالة الفوضى ، وقد شهدت هذه الحقبة ظهور كتل وتحالفات استثمارية في البورصة لأهداف مشروعة ، وأيضا غير مشروعة أحيانا .

ونتيجة لهذا الجو المشحون بالتلاعب والسيولة والفراغ التنظيمي والرقابي ؛ تضخمت أسعار الأسهم بشكل مبالغ فيه وخطير للغاية لشريحة عريضة من الأسهم المدرجة ، ناهيك عن زيادة عددها ، حيث كان يُدرج في البورصة عشرات الشركات سنويا ، وفي غمرة هذه الظروف السلبية ؛ حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية ، والتي اندلعت شرارتها في الولايات المتحدة خلال النصف الثاني من عام 2008 بانهيار مصرف " ليمان برذر " العملاق ، وقد كانت الأزمة العالمية بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير - كما يقال - فيما يتعلق بوضع البورصة الكويتية ، حيث امتنعت البنوك عن منح التسهيلات خاصة للشركات الورقية كإجراء تحوطي لاحتمال تأثر بورصة الكويت بالأزمة العالمية ، كما انخفضت شهية المساهمين بشكل كبير لزيادة رساميل الشركات ، وبالمقابل؛ توجيه فوائضهم المالية إلى أدوات استثمارية مأمونة ، والتي كانت متمثلة في الودائع المصرفية ، مما أدى إلى نقص السيولة بشكل حاد والتي كانت وقود التلاعب فيما مضى ، وعليه ؛ لم تعد لعبة "تلبيس الطواقي" نافعة وناجحة كما مضى ، وبالتالي ، انكشفت وانهارت الشركات الورقية وتعثرت شركات أخرى كانت رائدة ولامعة ، وذلك في سداد قروضها العملاقة ، وقد هبطت على أثر ذلك القيمة الرأسمالية للبورصة من أكثر من 60 مليار دك منتصف العام 2008 إلى أقل من 30 مليار دك في بداية العام 2009 ، وهو ذروة قاع الأزمة ، أي أن الخسارة المتوسطة هي أكثر من 50%.

رابعا : معايير انتقاء الأسهم

و قد أفرزت الأزمة الأخيرة للبورصة معايير عامة لانتقاء الأسهم للإفلات من الوقوع في الشركات عالية المخاطر ، ومنها الشركات الورقية أو محتملة التعثر ، ومن أهم تلك المعايير الرئيسة بشكل موجز وسريع:

1- التشغيل : أي أن يكون للشركة موجودات حقيقية مدرّة للدخل بشكل منتظم ومستمر .

2- الملاءة المالية : أي أن تكون الشركة قادرة على سداد التزاماتها ، أو أن تكون منخفضة أو معدومة القروض ، خاصة قصيرة الأجل .

3- النمو : حيث إن من أهم مقومات السهم المُجدي ، أن تكون هناك توقعات منطقية وعلمية لأداء متنامٍ للشركة مستقبلا ، وإن لم يكن على سبيل الجزم المطلق والتأكد القاطع .

كما أن هناك معايير أخرى لانتقاء الأسهم تعتمد على قناعات خاصة بالمتداول ، ومنها :

1- سيولة السهم : أي أن يكون السهم متداولا باستمرار ، أي توافر عروض بيع وطلبات شراء بشكل مستمر وبكميات معقولة، حيث إن هناك شريحة عريضة من الأسهم ضعيفة التداول للغاية رغم أن بعضها جيدا بشكل عام ، ولكنها غير ملائمة للمضاربين الذين يشكلّون أغلبية عددية في البورصة.

2- التوافق مع الشريعة الإسلامية : هناك شريحة من المتداولين بالأسهم لا يتداولون إلا على أسهم شركات ملتزمة بالشريعة الاسلامية ، وبعضهم الآخر يوسع الدائرة إلى الأسهم الملتزمة والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية ، وهناك شريحة أخرى لا يهمها الالتزام بتلك المعايير .

ولا شك بأنه من المفروغ منه ، أن من أهم معايير الاستثمار في الأسهم هو مدى مهنية وأمانة القائمين على إدارة الشركات ، حيث تبيّن بما لا يدع مجالا للشك؛ بأن الاستثمار في شركات يديرها مشبوهون تنطوي على مخاطر كبيرة حتى ولو تم جني مكاسب كبيرة وسريعة منها ، وبالمقابل ، فإن الشركات التي يديرها مخلصون وأكفاء هي التي يجب التفكير بالاستثمار فيها ، وذلك حتى ولو كانت عوائدها منخفضة لكنها غالبا ما تكون مستمرة .

وفي الختام ، نود أن ننوه إلى أن اللمحة أعلاه عن تاريخ بورصة الكويت ليست توثيقا تاريخيا وعلميا دقيقا لها ، حيث إنها - كما أسلفنا - مجرد " لمحة " وعرض عام وموجز عن تاريخ بورصة الكويت ، والذي قد تنقصه الدقة أحيانا ، وربما السهو عن أحداث مهمة أخرى في تاريخ البورصة ، كما أن أزمات البورصة التي تطرقنا إليها أعلاه هي عبارة عن وجهة نظرنا تجاه الموضوع، وقد عرضناها بشكل موجز ومختصر للغاية ايضا ، من جانب آخر ، فإن معايير انتقاء الأسهم التي تم طرحها آنفا تحتاج إلى تفصيل حتى يمكن تطبيقها عملياً ، والتي نعتقد أنه من غير المناسب التعرض لها في هذا المقام .